الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة تأسيس اليسار التونسي؟

محمد الحمّار

2014 / 6 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


نظمت جمعية "رابطة تونس للثقافة والتعدد" التي يرأسها د. احميدة النيفر يوم الجمعة 13-6-2014 أمسية قدم أثناءها د. بكار غريب، أستاذ الاقتصاد وعميد جامعة جندوبة، كتابا جديدا _ بالفرنسية_ بعنوان "من أجل إعادة تأسيس اليسار التونسي".

وعلى هامش هذه الأمسية بودي أن أبدي الملاحظات التالية:

يتعجب الكاتب المحاضر لكون من قاموا بالثورة في تونس _اليسار_ ليسوا هم من فازوا في انتخابات 23 -10- 2011 (اليمين)، فأقول إنّ هذا الأمر طبيعي إذ يدلّ على أنّ التجربة الديمقراطية والانتخابات المجسدة لها حصلت قبليّا لأيّ تأصيل لمفهومي اليمين واليسار في الثقافة التونسية _ وفي الثقافة العربية الإسلامية عموما_ لذا كيف يراد من التونسيين تقدير العملية الانتخابية على أنها ذات أمانة قصوى في ترجمة العلاقة بين المواطن والفكر السياسي؟

إنّ مفهومَي اليمين واليسار نشآ خارج ثقافتنا. والذي حصل هو أننا استوردناهما دونما تنسيب لهما مع ثقافتنا. ومن النتائج الوخيمة لعملية الاستيراد الخالية من كل تجذير علمي ما اعترف به د.غريب بنفسه حول تردّي صورة اليساري لدى المواطن التونسي العادي.

من جهة أخرى يلاحظ الأستاذ نوفل سعيّد، المحامي ورئيس دائرة الفكر السياسي بالرابطة، أنّه من المفروض مراجعة السياسة عموما لا فقط اليسار، وأعقب عليه أنّ مراجعة اليسار بإمكانها أن تكون مدخلا متميّزا للمراجعة العامة لا لشيء سوى لأنّ مراجعة اليسار هي مسؤولية الجميع، وعلى الأخص مسؤولية المجتمعَين السياسي والفكري، وبالتالي لا ينبغي أن تكون حكرا على اليسار. لذا فنتيجة كل مراجعة لليسار ستطال كل أوجه وأطياف السياسة.

كما يتصور الأستاذ الكاتب أنّ المنهج الملائم لإنجاز مراجعة اليسار هو توخي قيمة "المساواة" _ اقتداء بمفكر يساري إيطالي يستشهد به _ كقاسم مشترك بين اليمين واليسار و بين كل الأطياف، فأقول إنّ اقتداءه بفكر شخصية لا تنتمي إلى ثقافتنا دليل إضافي على أزمة السياسي العربي الإسلامي (علما وأن د.بكار غريب ناشط بحزب المسار) حيث إنّ تأصيل مفهوم اليسار يتطلب رؤى وحجج منبثقة عن العقل العربي الإسلامي.

في هذا السياق كيف سيفهم المواطن التونسي والناخب التونسي أنّ المساواة هي حقا قيمة مشتركة بين الطيفين إن لم نقل بين الإنسانية قاطبة إذا لا يتم تصريف هذه القيمة بحسب مصادر الفكر في ثقافتنا وعلى رأسها الإسلام، قرآنا وسنة وتاريخا وعادة؟

أما في سياق اقتراح الحلول، فسأنطلق مما اقترحه د. غريب من ضرورة أن يتعاطي اليمين واليسار مع العامل الاقتصادي والمادي لتفادي الوقوع في التفسير والتأويل الديني، فأُطَمئنه أنّ مسألة إعادة تأسيس اليسار لا تستدعي مثل هذا العمل الشاق، لو تنبّه_ لا سيما بصفته يساريا_ إلى أنّ المعطى الديني إنما هو معطى مادي يعيش في داخل الأنسجة المجتمعية وبالتالي يتطلب فقط قراءة موضوعية وإعادة الاعتبار بصفته تلك لا بصفته عاملا جديدا وافدا على ثقافتنا للتوّ ومستوجبا للتفسير والتأويل.

بكلام آخر، لو اكتفى اليساريون بقراءة القرآن في محك الأوضاع الأخلاقية والاجتماعية و الاقتصادية الراهنة لأدركوا أنه بطبيعته ينحاز إلى الفقراء والمساكين والمستضعفين، حاثا ميسوري الحال على إمدادهم بالمعونة بما يكفل العدل والمساواة للمجتمع قاطبة.
حينئذ سيدرك اليسار التونسي أنم يسار مؤمن قد استوفى أدنى شروط تأصيل القيم الكونية في الثقافة العربية الإسلامية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو