الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاذر توظيف -دعوة التطوع- للسيد السيستاني

كمال جبار

2014 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أصر بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق على "حل الجيش العراقي" كواحدة من أولويات الرئيس بوش بعد سقوط نظام صدام في 2003. رغم إدعاء أصدقاء و شركاء و خصوم بوش أنه " رئيس غبي", كان قرار حل الجيش العراقي بحجة أنه "جيش صدام" قراراً مدروساً بدقة يهدف لخلق فوضى كبيرة و مستديمة في العراق و المنطقة. فوضى شجعت دخول مجرمي القاعدة للعراق و أسست لنشوء عصابات و ميليشيات (سنية و شيعية) يقود بعض فصائلها قتلة و جهلة و نزلاء سجون. إدعت القاعدة و هذه العصابات و الميليشيات "محاربة و طرد المحتل", لكنها خطفت و سرقت و قتلت عشرات الألاف من العراقيين الأبرياء من مسيح و شيعة و سنة و صابئة و أيزيد من أكراد وعرب و تركمان العراق.

أية الله السيد علي السيستاني حقن دماء العراقيين و ساعد على طرد شبح الحرب الأهلية من خلال الفتاوي المباشرة للميليشيات بين 2005-2007 و تحديداً بعد جريمة تفجير مرقدي الإمامين الشريفين في سامراء. لكن فتاوي السيد السيستاني في 2006 بالدفاع عن الأماكن المقدسة استغلت من قبل قتلة أعلنوا "وجوب قتل سنة العراق" . و بالمقابل ظهرت ميليشيات و تجمعات سنية بحجة حماية "السنة" من الميلشيات و العصابات الشيعية. قتلة و مجرمين و حاقدين من الطرفين, ظللوا الشباب و إستخدموا الفتاوي و الدعوات الصادقة للسيد علي السيستاني, أنذاك, لقتل عراقيين أبرياء و دفع العراق لحرب أهلية. اليوم, قتلة و أغبياء و غير وطنيين سيستخدمون "دعوة السيد السيستاني للتطوع" للتصوير للشباب الشيعي بأن عصابات داعش و الشباب السنة إتحدوا لقتل الشيعة, و للتصوير للشباب السنة بأن حكومة السيد المالكي إستغلت دعوة التطوع لتحشد الشباب الشيعي و تزجهم في معارك لقتل السنة. في ظل غياب الوعي و تفشي الفقر و البطالة بين ملايين الشباب العراقي, سيعمل عديمي الضمير و اللاوطنيين من الطرفين على تضليل الشباب بسهولة و تفسير "دعوة التطوع" مثل تفسير " لا تقربوا الصلاة.....و أنتم سكارى". التاريخ لن يرحم اي مسؤول سيساهم بغباء أو بعمد بهدر و إسالة دماء شباب العراق.
تحدثت مع مواطن صربي عن الحرب الأهلية في يوغسلافيا بعد رحيل تيتو. قال بألم " كنا جيرة و أحبة نسكن في نفس العمارة في العاصمة, أفقت في الصباح الباكر و إذا بجاري يضع فوهة بندقيته في وجهي محاولاً قتلي. بدئنا نقتل بعضنا من حيث لا ندري بحجج الدفاع عن النفس و الأرض و الدين و العقيدة و الطائفة و القومية. سال الدم بغزارة, تحولنا إلى وحوش, و نسينا أنا كنا اخوة و احبة و أبناء بلد واحد". سؤالي لكم يا قادة و سياسيى العراق, هل تريدون إستنساخ التجربة اليوغسلافية المؤلمة و تجارب شعوب أخرى عاشت و عانت دمار حروب أهلية خسر فيها الجميع؟ ليس المهم أن نتفق أو نختلف كيف إستطاع تيتو أن يبقي "شعوب" يوغسلافيا موحدة و أمنة. المهم أن نتفق على أن نستخلص العبر من تجربة يوغسلافيا و شعوب العالم لنجنب الشباب العراقي إراقة دماء اخوانهم و جر عراقنا الغالي إلى دمار و تقسيم لن يستفيد منه غير الأنانيين و الوصوليين و اللاوطنيين من قيادات و أعضاء الأحزاب الحاكمة و شيوخ العشائر و رجالات الدين الذين تعمدت أمريكا و أيران و تركيا و السعودية فرضهم علينا و إدارتهم للعملية السياسية.
قبل 3 ايام على قناة الفيحاء الموقرة شاهدت الأخ محمد الطائي يتكلم بألم عن إخراج شاب شيعي من الحسينية في الموصل من قبل جماعات داعش. أنا مثل الأخ محمد أرعبني ما جرى لهذا الشاب اليافع البريء على يد قتلة مأجورين تعمدوا الإساءة له و ربما قتله ليس لذنب إلا لأنه "شيعي". في نفس الوقت, قامت و لا تزال, سيطرات غير نظامية بأسم (العصائب و حزب الله) في المقدادية و السعدية في ديالى تفتيش سيارات الأهالي و إعتقال شباب على الأسم " السني". زمن تافه يعيش فيه العراقيين الشرفاء الأبرياء رعب و دمار و قتل يومي. أنا ضد كل من يحرض على قتل العراقيين و الإساءة لهم و هدر كرامتهم تحت أي مسمى و حجة و مذهب و طائفة و دين.

لإحتواء الأزمة و تثبيت موقف في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العراق, وجه السيد مقتدى الصدر دعوة صادقة لتشكيل " فرق السلام" الشعبية للدفاع عن العراقيين من هجمات و عصابات داعش و القاعدة. السيد عمار الحكيم لبس البدلة العسكرية "مع العمامة" و أكد أنه سيكون في الصفوف القتالية الأمامية لمواجهة عصابات داعش. هذه الجهود و المبادرات الوطنية مشكورة, لكن التصدي الميداني بالسلاح و دحر عصابات داعش مهمة أبناء الجيش العراقي.

بالمقابل, يواصل السيد الزوبعي التصريح عبر الفضائيات على أن "أحداث الموصل و الأنبار و صلاح الدين و ديالى هي بداية إنتفاضة شعبية ضد حكومة المركز و سياسات الإقصاء و التهميش للسيد المالكي ضد سنة العراق". حين تشارك أحزاب سنية لها جماهيرها في الإنتخابات و الحكومة, عليها أن تحل خلافاتها مع المركز بالطرق السلمية. اللجوء للسلاح و التنسيق مع عصابات داعش سيوقد نار فتنة وكراهية ستحرق الأخضر و اليابس في العراق و سيكون ابن الفقير العراقي , كما كان في حروب و مغامرات صدام, الوقود و الضحية و الخاسر.
لذلك أقول للجميع, إكبحوا خيول غضبكم, شدوا لجامها و أركبوا خيول الحكمة و التأني و إزرعوا بذور المحبة بين الشيعي و السني العراقي.
في 8 شباط الأسود وقف الزعيم الراحل عبد الكريم بباب وزارة الدفاع أمام عشرات الألاف من العراقيين الذين "تطوعوا" لحمل السلاح و الدفاع عن الثورة. خالي و عمي كانوا ضمن الحشود, نقلاً عنهم, طلب الزعيم من الجماهير أن "تعود إلى منازلها حفاظاً على سلامتها و حقناً للدماء. وعدهم أنه و أبناء الجيش المخلصين سيدافعون عن الثورة بأرواحهم". كانت دبابات الغدر في بغداد في طريقها لضرب وزارة الدفاع. أدرك الزعيم حجم المؤامرة و القوة المحشدة ضده من قبل شركاء الأمس, لكن حرصه و وطنيته و حبه لشعبه فرض عليه عدم زج الأهالي في مواجهات قتالية مع خصوم مسلحين. نعم, إستشهد عبد الكريم و العسكريين و المدنيين المخلصين الذين وقفوا معه, لكنه جنب العراقيين إراقة الدماء.
التاريخ لا يرحم, فرغم اختلافات وجهات النظر من مأساة و تراجيدية موقف الزعيم في 8 شباط, فهو يسجل أن عبد الكريم قاسم كان قائداً ضحى بنفسه ليحقن دماء شعبه. بينما سيسجل التاريخ أن السيد المالكي قائد "لا يمانع" بل و يشجع تطوع و زج الشباب العراقي في مواجهات مسلحة مع "عصابات و إرهابيين " مدربين و مدججين بالسلاح. عصابات خسر في مواجهتها في الموصل, قبل ايام, جيش نظامي بالألاف مجهز بأحسن السلاح و الأليات العسكرية.
زج شباب مدني في مواجهات مسلحة مع "عصابات و إرهابيين قتلة" مدربين على حرب شوارع و لديهم جيش من المغرر و المضلل بهم من "قنابل بشرية" تتسابق على الشهادة لتستمتع بمل ستناله من "حور العين", خطأ سياسي و عسكري و أخلاقي. شباب العراق أبنائكم, لا تجعلونهم وقود لمعارككم. مقاتلة و دحر عصابات داعش و من يقف معهم, هي مهمة و واجبات الجيش العراقي. إعيدوا للجيش ما فقده من ثقة و عزة نفس في معارك الموصل. دعوا الجيش يثبت أنه حامي الوطن. شرطة و رجال أمن و مخابرات و شباب و عشائر العراق, قو ات ساندة لا تتدخل في مواجهات و معارك قتالية. هذا هو منطق العقل و القوة و أليات العمل السليم لحكومة راشدة حريصة على حياة شعبها و أرواح أبنائها.

من عراقي يعشق العراق و شعبه أوجه نداء خالص للسيد نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة و لكل القيادات السياسية و لرجالات الدين, أوقفوا "دعوة التطوع", حقناً لدماء أبنائنا و اسوة بأخلاق و سلوكيات و تضحيات أمير المؤمنين عليه السلام و الراحل عبد الكريم قاسم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة