الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات الهندية الاسرائيلية: الجزء الاول

محمد خضر خزعلي

2014 / 6 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


تنطوي العلاقات بين الهند واسرائيل على كثير من المحطات والتحولات , الحاكم الوحيد فيها هو مصلحة الدولة حسب ما تقتضيه الظروف الدولية الراهنة لكل مرحلة من المراحل المختلفة , وتنقسم مراحل العلاقات بين الهند واسرائيل حسب ما يلي:
المرحلة الاولى : ما قبل عام 1948 :
ضلت الهند تحت الاستعمار البريطاني الى ما يقارب الاربعمائة عام , ولهذا عرفت الهند تجربة استعمارية مريرة , وفي العشرينات من القرن العشرين ايد المثقفون والزعماء الوطنيون الهنود موقف الثوار والزعماء الفلسطينيون من قضية الهجرة اليهودية الى فلسطين , ورأت في السياسة البريطانية محاولة لتفتيت وتقسيم الشعوب طمعا في مصالحها الاقتصادية وتوسعاتها مخالفة بذلك حق تقرير الشعوب لمصيرها , وفي عام 1947 عندما دعت الحكومة البريطانية الجمعية العامة للأمم المتحدة الى الانعقاد لدراسة الوضع الفلسطيني بعد احتدام المواجهات بين الثوار واليهود في الثلاثينيات والاربعينات , وتم تشكيل اللجنة الخاصة بفلسطين , وبعد جدل طويل , تم تقديم خطتين من قبل الدول المؤتمرة والتي كانت الهند من بينها لحل المشكلة , و كانت الاولى تسمى بخطة الاغلبية التي ترى بتقسيم فلسطين الى دولتين الاولى للفلسطينين والثانية لليهود مع تدويل القدس لتكون محجا لجميع الديانات.
اما الخطة الثانية فكانت تسمى بخطة الاقلية التي دعمتها الهند بجد ودافع عنها السير عبدالرحمن المندوب الهندي والذي كان يرى بها آلية لتطبيق مبدأ حق تقرير المصير دون تدخل من القوى العظمى , و كانت ترى الخطة بضرورة اقامة دولة فدرالية اتحادية عاصمتها القدس ويعيش بها اليهود والفلسطينيون , مع ضرورة اقامة مجلس تشريعي يمثل كل السكان والقيام بانشاء لجنة لمراقبة الهجرة اليهودية من السكان بالإضافة الى ممثلين دوليين للامم المتحدة و ضمن ما يقتضيه ذلك المجلس , بالإضافة الى الدعوة الى انشاء دستور يحفظ قيم وحقوق المواطنة , مع تحديد المناطق التي يديرها كل من اليهود والفلسطينيون.
المرحلة الثانية: استمرار الرومانسية السياسية بعد 1948 :
عندما اعلن عن اقامة اسرائيل وتقديمها طلب الانضمام الى عضوية الامم المتحدة في عام 1949 , اعلنت الهند رفضها بقيادة نهرو الاعتراف باسرائيل , مبررة ذلك بأن خلق اسرائيل كان بفعل القوة لا بالدلوماسية ووفق حق تقرير المصير , حيث تأثرت الهند بفكر عدم الانحياز واعترافها باسرائيل سيكون موضع حرج دبلوماسي لها امام اعضاء الحركة , لا سيما وانها تدعو وبشدة الى الحلول السلمية وتطمح لأن تكون دولة فاعلة من خلال تمتين قطب ثالث لا ينحاز لأي من المعسكرين بالتشارك مع مصر ويوغسلافيا.
المرحلة الثالثة : الاعتراف باسرائيل واقامة العلاقات :
تحت ظغوط عدة واجهتها الهند من اغتيال غاندي عام 1950 وبدأ الباكستان بالترويج لنفسها كدولة اسلامية تعادي دولة هندوسية لستغل موقف العرب معها , هنا بدأ نهرو بتحسس مصالح دولته والضرورة لعب دور براغماتي لكسب اكثر ومخاسر اقل , ولهذا تم الاعتراف القانوني باسرائيل عام 1950 , ثم قامت اسرائيل بفتح مكتب تجاري لها في مومباي , ثم قام مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية وولتر إيتان بزيارة إلى الهند عام 1952 , ادت الى بحث اليات التعاون بين الطرفين , والتي تطورت الى ان يصبح هذا المكتب بعثة قنصلية عام 1953 .
لكن قام نهرو بارسال تطمينات مزامنة لهذا الاعتراف باسرائيل الى الدول العربية , مبينا ان هذا الاعتراف لن يؤثر على العلاقات مع العرب , بل ستكون العلاقات الاستراتيجية منصبة مع العرب , حيث يأتي هذا الاعتراف لأجل قيام الهند بدور اقوى في التأثير على مجريات الصراع العربي الاسرائيلي وحله سلميا.
ولتأثر الهند بفكر حركة عدم الانحياز ولتجربتها المريرة مع الاستعمار وعلاقات نهرو بعبد الناصر , وحاجاتها للنفط العربي , ولتحسين صورتها التي تسعى الباكستان لتشويهها من انها تقتل الاقلية المسلمة , ضلت علاقاتها مع اسرائيل بمستوى متدني , وضلت تدعم المجهود الدبلوماسي العربي والعسكري كما حدث في حروب عام 1956 .
المرحلة الرابعة : من عام 1960- 1992 :
اندلعت الحرب الهندية الصينية عام 1962 عندما بدأت الصين هجومها على ما يعرف بخط ماكماهون , وفي عام1965 و 1971 وقعت الحربين الهندية الباكستانية , وهنا استغلت اسرائيل هذه الحروب لتوطيد العلاقات مع الهند , فقد قامت اسرائيل بعدة زيارات سرية متبادلة مع الهند للتشاور في الامور العسكرية , وقد قدمت اسرائيل دعما لا بأس به للهند في حروبها الثلاث , بينما الهند قدمت لاسرائيل دعما لها في حرب عام 1967 من خلال ارسال شحنات وقطع غيار للدبابات مزكس-13 والعربات المدرعة المختلفة . وبقيت العلاقات بين البلدين تشهد تطورا متصاعدا ولكن بسرية نوعا ما . وكان الدافع الهندي لهذه العلاقات في هذه المرحلة هو ارتفاع القيمة الاستراتيجية لاسرائيل في المنظومة الغربية , , ثم محاولة الهند الاستفادة من الخبرات الاسرائيلية في مواجهة الارهاب الذي بدأ يلقي بضلاله فيعقد الثمانينات للاستفادة منها في كشمير التي بدأت عمليات ارهابية قد تضر بالأمن القومي الهندي , ثم كان لتراجع حركة الانحياز عاملا مهما في تشيد وتقوية العلاقات بين البلدين , الامر الذي تزامن مع نوع من الخنوع والانكسارات العربية.
المرحلة من عام 1992 حتى الوقت الحاضر:
كان لعدة احداث دولية عاملا مهما في اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين علنا , وهذا ما حدث عام 1992 , حيث ادى انهيار الاتحاد السوفيتي المزود الرئيسي للسلاح الهندي وبروز الولايات المتحدة كقطب وحيد , ثم التهاون العربي باسرائيل واقامة اتفاقية سلام معها من قبل مصر , وبدأ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 الذي مثل حجة قوية للدول المترددة من اقامة علاقات مع اسرائيل في وضع عربي لا معترض , ثم كان لتنامي دور حزب الشعب الهندي الهندوسي وخسارة حزب المؤتمر اثر واضح على تبدل العلاقات واعلانها دون خشية من احد , وذلك عندما دعى حزب الشعب الى ان اسرائيل حليف للهند في حربها ضد باكستان والتشدد الاسلامي , ثم كان لقيام الراحل ياسر عرفات بزيارة الى الهند وابدائه عدم معارضته اقامة الهند لعلاقات مع اسرائيل اثرا واضحا على العلاقات البينية بين البلدين , وطمعا بمصالح اكثر , صوتت الهند لصالح قرار مقدم من الولايات المتحدة بعدم اعتبار الصهيونية حركة عنصرية معلنة بذلك التقارب الكبير بين البلدين , الهند واسرائيل , الذي لحقه اقامة علاقات دبلوماسية ما زالت تتطور وتتنامى حتى اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات