الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 2)

رمسيس حنا

2014 / 6 / 15
الادب والفن


دماء فى القلب المقدس (قصة قصيرة جزء 2)

(ملاحظة: هذه القصة من بنات خيال كاتبها و لا تمت للواقع بأى صلة و إن كان هناك تشابه فى شخصياتها أو أحداثها فى الواقع فهو مجرد صدفة بحتة غير مقصود بها أشخاص أو أحداث بعينها.)
"رمسيس حنا"

(أنظر الجزء 1 من القصة وهذا رابطه: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=418602 حتى يتسنى للقارئ ربط الموضوع و تكامله)

...........................................................................................................................
و نادى الصوت من الداخل على الباشمهندس ... و دخل الباشمهندس و عاد بعد لحظة حاملا صينية بها كوب من الشاي ...

- تفضل
- شكراً

و تناول رشدي كوب الشاي.

اشرب الشاي فأن عسر الهضم الذي أنت مريض به سوف يخفف من حدته كوب الشاي ... أنت تشكر الباشمهندس لأنه أعطاك كوب الشاي ... ليس لك خيار ... فلا ترفض كوب الشاي ... هو يتخيل أنه يقدم لك أكبر تحية ... وانت تحس بمقدار و مدى تفاهته الحضارية ... إشرب كوب الشاي لأنه لا يوجد مكان لرمي الزبالة غير جوفك ...

و انتظر قليلا حتى برد الشاي ... ثم دلقه في جوفه دفعة واحدة ... و وضع الكوب في الصينية.
- أشكرك جدا يا باشمهندس.
- العفو ... لا شكر على واجب.

يظن أنه فعل معك الواجب .. فعليك الأن أن ترحل ... و رغم الترحيب الظاهري للمقابلة إلا إانها تخفي فتورا شنيعا لأنك قطعت عليه مشاهدة الحفل ... أنت عاطل بلا عمل و تريد أن تعطله عن عمله في مثل هذا الوقت ... بدلا من الوقت الذي قضاة معك كان يريد أن يشاهد فاصل من الرقص في هذا الحفل الكبير ... أنت أثقل مما يتخيله انسان و لا يقبلك أحد لأنك فضيحة شنيعة لا يقبلها انسان على نفسه ... أمثالك يجب أن يموتوا ... يموتوا بأي وسيلة و بأي طريقة .. و هل تستحقون غير ذلك ...

و مرت فترة صمت تململ فيها المهندس .. ثم تثأب .. و نظر في ساعته ...
- اواه ...

يتأوه و يتنحر ... و أنت مالك لا تفهم أصوات الحروف.

- أوه ... ما هذا ... الحادية عشر و النصف!!!

العاقل يفهم ... أو المجنون ... و أنت حالتك تبعث على الحيرة بين العقل و الجنون ... ماذا تريده أن يقول ... اخرج من بيتي؟ ... أو أن يستأذنك في أدب جم أن تخرج من البيت ... انك تبحث بين الناس عن شئ لا يوجد ... و لن يوجد ... هذه هى اشتراكيتنا تخبط في وهم ... يتخيلون أن الجميع في حالة إشباع و الجوع ينخر عقولهم ... و بقية قلوبكم ايها الناس مازالت تعمل. هل سوف يعمر العالم عندما تتوقف هذه الالة عن ضخ الدم فى أجساد فقرائه؟؟؟

و هب رشدى واقفا من على الأريكة:
- اشكرك يا باشمهندس ... ارجو أن تظهر فيما بعد.

و تنهد الباشمهندس الصعداء .. وكأن كابوسا أُزيح من على صدره ... فأبتسم رشدي في شئ من الأسى و المرارة، و قال:
- سوف نتقابل ... إه ... أرجو الا أكون قد أزعجتك.

و خرج رشدي ... و صك الباشمهندس الباب خلفه ... ورجع إلى مكانه و أخذته أمرأته بالاحضان و قالت و هى تمرغ وجهها في صدره:
- وحشتني يا روحي الدقيقة التي جلستها خارجا ... من ذلك السخيف ؟
- معرفة قديمة عفى عليها الزمن و دهستها الأيام ... يريد أن يجدد الصداقة ... هل تتخيلي ؟؟؟ ... مجنون ... يبدو انه لا يعرف من أنا الأن ...

كذاب و أبو الكذاب ... لقد أتى لكى يسترد بعضاً مما قدم لك ... و لكنه لم يشاء أن يطالبك به ... فما زال هناك بقية من الكبرياء و عزة النفس لا تستطيع كنوز العالم أن تستوطأَهما ... كذاب و أبو الكذاب ... فهو يعرف تماماً من أنت ... و أنت يا ماسح المقاعد و حرمك المصون صائدة الغربان تعرفان جيداً من هو ... هو الميت فيكم ... العائش بذاته ... هو الأمل المفقود بكم ... وحلم الذات الذى لا يتحقق فيكم أو بكم ...

و قالت الزوجة محاولة أن تتصنع عدم الإكتراث:
- دعك من هولاء الصعاليك ... وإنتبه لنفسك يا حبيبي.
- لماذا تقلقين بهذا الشكل ؟
سألها الزوج و فى نبرة حيادية بين الشك فيها و الثقة بذاته. و مرة أخرى قالت الزوجة و هى تحاول أن تتصنع الهدوء :
- لم استرح لهذا الشخص من رؤيته الأولى.

ماذا حدث في قلب الطبيعة؟؟ اشياء غريبة ... كلكم تخافون هذا الشخص ... المهندس يقول لزوجته : "هو لا يعرف من أنا" و هي تقول له : "انتبة ... لم استرح لهذا الشخص ..." يا لي هذا الرعب .. أتي لكي يطلب حسنة فكلكم تخافون من شحاذ ... الويل ... ثم الويل للذين يخافون ... وانتم تخافون ... لانكم فعلتم اكثر مما تخافون ... هو لم يأتي لكي يخرب بيوتا ... و لكنه اتى لكي يطلب رحمة ... لكي يطلب سلاماً ... لكي يطلب رأفة ... لكي يطلب حسنة ... و لم يجد غير كوب الشاي الفاتر ... و القلق ... و التململ ... و التبرم ... فعليه أن يعرف أن في الأمر سراً ... كلكم ... كلكم تشكون فيه ... بل في انفسكم هذة الليلة ...

و نطق الباشمهندس:
- هل رايته من قبل ذلك ؟!
و تلعثمت الزوجة و أرتبكت:
- إه .. لا .. لا .. لم أره من ذى قبل.
- اذا لماذا تخافينه؟
- ابدا .. إن منظر الشحاذين يخيفنى.

و تحمحم الباشمهندس ... و نظر إلى امرأته ملياً ... و أبتسم لها ... و إختلط إعجابه بها و طلبه منها الإعجاب به ... ثم أخذ يداعبها في صدرها ... و أخذها بين ذراعيه و قبلها مرة و اثنين و ثلاثة ... فكانت بين زراعيه كمن يلتف حول عنقه ثعبان أقرع ... و نطق الثعبان الأقرع فى محاولة منه لأن يبث رسالة إطمئنان الى ضحيته فينال منها مأربه

- لا عليك ... لا تخافي الشحاذين ... انهم شحاذون ... ونحن ...

ثم حضنها و ضمها بشدة شهوانية ... و استسلمت هى له من أجل أن تبعد خوف الشحاذ ... وإنهال عليها لثماً وهو يتحسس وجهها بلسانه كأنه أناكوندا رقطاء ... ثم ... ثم ... غابا تحت غطاء الشهوة الجامحة.

الليلة ليلة الأحد ... و خرج رشدى صابر بعد مقابلة الباشمهندس متوجهاً إلى بيته ... وأحس أن منظر السيدة و وجهها الدائري وصليبها الذهبي كانا في يوم من الأيام بين يديه ... و الأن هي تنكر ... و زوجها ينكر ... وجميعهم ينكرون ... أن هناك أنساناً ... أو يحاولوا تصنع التجاهل ... ولكن ... كيف يتجاهلون أو يجهلون و هو مازال يعيش و سوف يعيش إلى الأبد ... وهم ايضا سوف يعيشون ...

ثم لم يرد أن يتسلل مع تفكيره إلى ما حيث كان ... و أوقفه و توقف ... وبات ليلته في ركنه المظلم ... لا أحلام ... و لا مضايقات بالليل ... كل شئ يتساوى الأن و هو قد تشبع بالمتعة و العذاب ... و عاش الرضاء و التمرد ... و إختبر الضياع و الوجود ... و مارس الموت و الحياة ... و لم يعان من الفاقة ما عاناه من الجحود و نكران الجميل.

و فرغ الباشمهندس شهوته ... ومط شفتيه ... ثم بصق ... على السجاد ... و نظرت إليه إمرأته ملياً وهى عارية ... و تحاول أن تضمه و لكنه تملص منها ... و حاولت مرة و أثنين و ثلاثة ... ولكنها أحست بفتوره و بروده ... فتوقفت و كفت عن المحاولة و إرتدت ملابسها بحركة عصبية و لكنها لم تظهر لزوجها ... كانت مغلوبة على أمرها، هذا كل ما كان يبدو على وجهها ... و زوجها ... شعور بالغبطة و الإشباع و الأنتصارو الملوكية ... و انه زوج ناجح ... قد زاد من انتفاخ كرشه ... و قد انهال عليه العرق و شعر انه لا يطيق نفسه من رائحته ... و لكن شعوره بالنجاح خدره و أفقده حاسة الشم عنده بل كل الحواس ... استطاع أن يكون أسرة و أولاد و أطيان و عمارات خارج القرية ... فى المدينة ...

هذا هو المهندس .. و هذا هو رشدي .. يملكان بينهما الليل و النهار ... و الظلمة و النور ... يحويان بينهما الفشل و النجاح ... الثورة و الخمود ... الوجود و اللاوجود ... المعقول و اللامعقول ... المتناقضات اجتمعت ... تعالوا انظروا ...

و في صباح الأحد كانت كنيسة "القلب المقدس" هى مجمع المتناقضات ... المهندس الذي يجلس في المقدمة و رشدي الذي يجلس في المؤخرة ... الجميع حضروا ليس لكي يمارسوا الأسرار المقدسة و لكن لكي يمارسوا المتناقضات ... و دُعى الباشمهندس لكي يقرأ فصل من الكتاب المقدس و أخر هو الدكتور ثروة لكي يقرأ العظة ... و تحولت "القلب المقدس" إلى أقطاعية يمرح فيها أصحابها ...

و نظر رشدي حوله في مكانه ... ثم همس بصوت غير واضح أو مسموع إلى من كان بجواره:
- هل وجدت عملاً اليوم؟!

و جاء الصوت يرد بنفس الطريقة:
- اليوم الأحد ... ونحن الأن موجودون في الكنيسة ... و لا عمل لنا اليوم إلا الصلاة.
- اَه ... تذكرت ... أنا اسف.

و الدكتور ثروة مستمر في قرأة العظة:
- إن جاع عدوك فأطعمه ... و إن عطش فاسقيه ... فإن فعلت ذلك فأنك تضع جمر نار فوق رأسه.

و همس رشدي وردد:
- "فاذا فعلت ذلك فأنك تضع جمر نار فوق رأسه" أي انها ضربة بطريقة أخرى ... إذاً العين بالعين و السن بالسن ... لماذا لا تكون؟؟

و الدكتور ثروة مستمر في العظة:
- , انت لم تأت بشئ من عندك أيها الأنسان ... كل شئ أعطاه لك الله ... فأعط أنت الأخرين كما أعطاك الله .

و تكلم رشدي إلى من بجواره:
- يعطي الأخرين لكي يشعر بنفسه كأنه الله ، يستطيع أن يعطي الناس و يحس نفسه أن مكانته ليست على الأرض بل بجوار الله على الأقل.

و يستمر الدكتور ثروة في قراءة العظة:
- فالله قادر أن يعطيك لأنه أستطاع أن يشبع خمسة الاَف الاف بخمس خبزات و أستطاع أن يشبع سبعة الاف بسبع خبزات.

و همس رشدي في نفسه:
- باستثنائي أنا ... إن حالتي تتحدى الجميع و تتحدى الله نفسه ...

و الدكتور ثروة مستمر:
- .. إننا نستطيع أن نثبت للعالم اننا نعبد الله بطريقة حقيقية و ...

و لم يتمالك رشدي أعصابه فأنفجر و قال في برود مصطنع مقاطعاً قارئ العظة الدكتور ثروة:
- الذين يعبدون الأصنام يعبدونها بطريقة حقيقية عننا يا دكتور ... نحن نضحك على الله و على أنفسنا ...

و سمع الكاهن صوت رشدي ... الحقيقة أن صوته سبب الأزعاج في "القلب المقدس" ... و حقيقة أن صوته كأنه قنبلة انفجرت في "القلب المقدس"... و صرخ الكاهن بعد أن أوقف الدكتور ثروة عن العظة:
- من الذي تكلم؟ .. من الذي سبب الشوشرة؟؟

و خيم صمت رهيب على الحاضرين ... و لم يجرؤ رشدي أن يفصح عن نفسه و صمت ظاناً أن هذه اللحظة يمكن أن تمر بسلام ... و رفع الكاهن عقيرته:
- من الحمار الذي تكلم؟ من الجاهل الذي تكلم؟؟

ورد الدكتور ثروة
- يبدو أن الصوت قادم من الخلف يا أبونا.
و نزل ابونا من الهيكل و ذهب ناحية الخلف و سأل عن الذي تكلم و الجميع قالوا:
- رشدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي