الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمن فاتورة - فك الإرتباط - !؟

إعتراف الريماوي

2005 / 7 / 28
القضية الفلسطينية


مع إقتراب موعد إعادة الإنتشار لقوات الإحتلال "الإسرائيلي " ، في قطاع غزة وبعض البؤر الإستيطانية في شمال الضفة الغربية ، تزداد حدة الترويج والتسويق الإعلامي لهذه الخطة الشارونية ، محليا وعربيا وعالميا ، لتصل ذروة قلب الحقائق ، بالنظر إليها كخطوة "سلامية" وإغفال المضامين الحقيقية المعلنة والمستترة من ورائها . وبالشكل العام يتم تقديم خطوة " فك الإرتباط " على أنها تنازل صهيوني من أجل السلام ، في ظل " الإرهاب" الفلسطيني ، وضرورة أن يكون الجانب الفلسطيني على قدر هذه الخطوة من المسؤولية !! ، رغم أن الحقيقة مطلقا ليست هكذا .

فالمطروح فعلا هو إعادة لإنتشار قوات الإحتلال ، في القطاع وجزء بسيط من شمال الضفة الغربية ، وليس إنسحابا كاملا يوفر سيادة حقيقية للشعب الفلسطيني على أرضه ، ويأتي هذا في ظل الإعلان الصهيوني الصريح ، وعلى لسان شارون وعدد من وزرائه ، أن "الإنسحاب" هذا متطلبا أمنيا "للدولة العبرية" بالدرجة الأولى ، ومن أجل الترويج وكسب الرأي العام العالمي يضيف عليها شارون أنها " تنازل عن جزء مؤلم من الحلم اليهودي " ، وفي خطاب شارون لأبنائه المستوطنين يعد بتعويض هذا " التنازل " بتوسيع وتضخيم الإستيطان بالضفة الغربية . كما أن الحديث عن تواصل جغرافي حقيقي بين الضفة وغزة هو أمر بحاجة لموافقة ودراية قوات الإحتلال ، مثل إعادة بناء المطار وإنشاء الميناء! .

فحقيقة هذه الخطوة ، هي فعلا ترتيبا أمنيا خاصا لقوات الإحتلال ، وأعتقد أنها جاءت ، تأقلما وإذعانا للإستنزاف الذي أربكها بفعل المقاومة ، ولكن يتم ترويجها بشكل آخر ، ويتم إعتمادها لإستثمار سياسي آخر ، فتمضي دولة الإحتلال ومن ورائها صناع القرار في العالم ، بالظهور بدور الحمام الأبيض ، ويتم إثارة " الوضع المأساوي للمستوطنين " جراء هذه الخطوة ، متجاهلين ، بل مستنكرين ، لحقيقة إحتلال وتهجير الأرض والشعب الفلسطيني ، وكأنهم لا يخرجون من جزء من الأرض التي سلبوها ونهبوها ، فيطلبون تمويلا أمريكيا للخطوة ومن أجل تعويض المستوطنين عما سيلحق بهم ! ولا يذكرون الشعب الفلسطيني في هذا السياق ، والذي من حقه الجلاء الفعلي للإحتلال وآثاره وتعويضه عما لحق به على مر السنين ، إلا من خلال المطالبة والتهديد ب " مكافحة إرهابه " !! فأي قلب للحقائق هذا ، يتحول فيها المجرم إلى ضحية ، والضحية الحقيقية تساق للذبح مجدداً ؟!!

هذا جزء من حقيقة وترويج الخطة الشارونية ، وعلى الأرض ، يتم الإستمرار في بناء جدار الفصل العنصري ، متسترا وراء الماكينة الإعلامية الصهيونية ومن ثم العالمية المتابكية على مصير مستوطني غزة ! ، وبتصوير شارون رجل سلام جريء !؟ ، فالحديث السياسي والنشاط الإعلامي والتساوق معهما ، فرض حقيقة التلهي بطروحات شارون الخبيثة بدل فضح السياسات الصهيونية عامة ، ومقاومة بناء الجدار العنصري خاصة ، وصار مطلب أنظمة الدول العربية بالإضافة للسلطة الفلسطينية يتلخص برضى شارون لتنسيق الخطوة هذه ، وبطلب التدخل الأوروبي والأمريكي لتحقيق ذلك !

ومن خلال هذه الخطوة ، أراد شارون وبدعم عالمي وبتجاوب عربي رسمي خجول ، ضرب المقاومة الفلسطينية ووصمها بالإرهاب ، ففي زخم التحدث عن الإنسحاب المزعوم يتم طرح ضرورة مواجهة " الإرهاب الفلسطيني " ، وبمطالبة السلطة الفلسطينية بالقيام بهذا الدور مهددا بإستخدام القوة غير المسبوقة ! ، ومن تجليات هذا المخطط الشاروني ، نرى أن أكبر دولة عربية ، مصر ، يتم تجنيدها في سياق هذه الخطة ، لتحرس الحدود بين القطاع ومصر لمكافحة " تهريب السلاح " وحفظ الأمن !! ، كما أن التوتر الذي حدث في غزة وما نجم عنه من أحداث مؤسفة مؤخرا بين السلطة الفلسطينية وحماس لربما لها علاقة بهذا المخطط . وبهذا الفهم الشاروني المضمر ، يعتقد أنه سينجز إعلاميا وعمليا عدم شرعية المقاومة الفلسطينية للإحتلال ، بل ويأمل بوجود من يحاربها بدلا منه ! .

وفي زيارة كونداليزا رايس ، وزيرة الخارجية الأمريكية ، الأخيرة للمنطقة ، قد تحدثت عن عزم أمريكا الدعوة لمؤتمر يجمع الدول العربية و " إسرائيل " برعايتها وروسيا . فلماذا يا ترى هذا المؤتمر؟! فإذا كانت معظم الإجتماعات الفلسطينية - " الإسرائيلية " تفشل في تنسيق خطة شارون ، وإن كانت تؤدي غرضا إعلاميا صهيونيا ، ، فماذا سيبحث المؤتمر هناك ؟! ، أعتقد أن للمؤتمر هذا هدفا أكبر ، فلربما التطبيع العربي مع العدو الصهيوني هو من ورائه .
فالوضع العربي الرسمي في حالة من الضعف الشديد لرفض مثل هذا المطلب ، كما انه سيتم تقديم خطة شارون هذه وكأنها ثمنا باهظا لهذا التطبيع ، مصحوبة بوعود سخية في إستئناف "خارطة الطريق" كمرجعية سياسية للتسوية !! ، وهذا بإعتقادي يترابط مع الدعوات الصهيونية المتكررة والمعلنة للدول العربية ، وسعيها لفتح علاقات عادية ومتنوعة معها ، وكذلك يكون الأمر منسجما أكثر مع الرؤية والمشروع الأمريكي الصهيوني المتمثلة ب " الشرق الأوسط الكبير" وإدماجه بمشروع العولمة الأكبر ، وضرورات التعاون الإقتصاي المشترك و "محاربة الإرهاب " و " دمقرطة المنطقة " و " حل النزاع " الخ ... !! خاصة وأن أمريكا معنية بعمل ما يساعدها على ستر وتعويض ورطتها بالعراق والوضع العراقي السيء هناك ، في محاولتها إستكمال وفرض رؤيتها وتحقيق مصالحها جنبا إلى جنب مع الحليف الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط ، متغلفة بغطاء برّاق من أجل السلام ورفاهية المنطقة ! .
فهل يمكن أن تكون محاولة التطبيع مع العدو الصهيوني هي الحلقة القادمة ؟! وهل صار ثمن التطبيع مقابل إعادة إنتشار قوات الإحتلال في قطاع غزة ؟!
أعتقد أن خطوة خبيثة ومبرمجة ومرتبطة بمثل هذه الأهداف ، وتلقى الدعم الأمريكي والعالمي والعربي الرسمي ، قد ترقى لدى أطرافها لدرجة محاولة فرض التطبيع مع العدو الصهيوني ، فغياب إستراتيجية عربية موحدة يعد أول الأسباب الي قد توفر إمكانية تمرير مشروع من هذا القبيل في الظروف الراهنة وعلى المدى المنظور ، وهنا تبرز الحالة الفلسطينية الداخلية كحاسم وعامل هام في المعادلة تلك ، فلا يمكن أن تختل المعادلة الصهيونية الأمريكية المراد فرضها وتسويقها ، إلا بالفعل السياسي الفلسطيني المقاوم لهذا الإستهداف ، فالوضع الفلسطيني بحاجة ،في غاية في الضرورة، لتحقيق وحدة وطنية أمتن تستند على الثوابت الفلسطينية وجوهر العمل السياسي والكفاحي المطلوب إرتباطا بتحقيق هذه الثوابت ، والإستمرار في العملية الديمقراطية الداخلية وإجراء الإنتخابات التشريعية والمحلية والإتحادات ... الخ ، كمنهج ديمقراطي حقيقي يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر من الإحتلال والبناء الديمقراطي الإجتماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة