الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعبة الخطرة – 2 –

حميد غني جعفر

2014 / 6 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ووفقا لهذه الوقائع والمعطيات – المكثفة – التي ذكرناها في الحلقة الاولى من هذه المقالة – يتضح بان امريكا تنظر الى العراق – كغنيمة حرب – فجعلته غنيمة لاطماعها واطماع حلفاءها من الدول العربية والاجنبية ودول الجوار ، في محاولة لامتصاص نقمة وغضب الراي العام العالمي ضد حربها على العر اق ... ولذا ووفق مبتكراتها الجديدة – المستحدثة - والتي أطلقت عليه تسمية – الشراكة الدولية – واعتبار العراق غنيمة حرب لها ولحلفاءها وايضا المتحالفون معها في الداخل الذين جاءت بهم ونصبتهم حكاما في محاولة لاضفاء الشرعية على احتلالها للعراق كونهم عراقيين – وهؤلاء العراقيين توزعت ولاءاتهم بين امريكا وايران والسعودية وسورية وارتبطت مصالحهم بهذه الاجندات الخارجية – مدفوعة الثمن – فكان لابد ان تحتدم الصراعات بين هؤلاء المتصارعين على المغانم والمناصب ... لان كل من تلك الدول – اعلاه – يدفع بالاتجاه الذي يخدم مصالحه – لان امريكا تدرك تماما انها وبدون نشر الفوضى الخلاقة – التي ذكرنا بعضها في – الحلقة الاولى – وبدون هذه الصراعات التناحرية بين الاطراف المتصارعة لا يمكن ان تستقر الاوضاع لصالحها لذا فهي سعت جاهدة لتعميق وتاجيج هذه الصراعات ... وامعانا في تشديد حمى الصراعات والمهاترات عمدت امريكا الى التراجع عن قرارها السابق بحل الجيش العراقي الى اعادة كبار الضباط والقادة العسكريين – من الجيش السابق – الى الجيش ليتبوؤا المواقع الحساسة والمهمة في قيادات الجيش والاجهزة الامنية وبايديهم مركز القرار بذريعة الخبرة والتجربة ... كما وقامت ايضا بضرب قانون اجتثاث البعث عرض الحائط – المساءلة والعدالة حاليا – الذي كان قد حرم عودة البعثيين من اعضاء وقيادات الفرق والشعب الحزبية الى وظائفهم كونهم يشكلون خطرا على الدولة والنظام الجديد – اذ تم اعادتهم جميعا الى وظائفهم وبدرجاتهم الوظيفية وبايديهم مركز القرار ايضا ... ترى لماذا جرى حل الجيش اذن ولماذا تم اعادتهم مجددا ؟ ولماذا صدر قانون اجتثاث البعث – ولماذا تمت اعادتهم بعد ذالك ؟ كل هذه مؤشرات على سوء النوايا ... هذا من جهة – ومن الجهة الاخرى – فان امريكا استنسخت تجربة بريطانيا في احتلالها الاول للعراق في كسب شيوخ العشائر الى جانبها واغدقت عليهم الهدايا والعطايا بغير حساب ليكونوا سندا لها ... وها هي امريكا اليوم تقوم بنفس الدور ليكونوا سندا لها ولحلفاءها الطائفيين وقاموا بتشكيل ما يسمى – بالمجلس الاعلى للعشائر العراقية – كل هذا باسم الديمقراطية الزائفة ... وهي في الواقع مسخ وتشويه لحقيقة الديمقراطية ... لان الديمقراطية الحقيقية تقوم على اساس فكري وبرنامج سياسي لكل من الاحزاب السياسية المتواجدة على الساحة – والناخب هو الذي يختار البرنامج الذي يخدم مصالحه ومصلحة البلاد – وليست ديمقراطية الاديان والمذاهب او القومية والعشيرة انها ديمقراطية زائفة ومضللة – تخدم مصالح الراسماليين الكبار او بالاحرى اللاعبين الكبار ... ناهيك عن عدد الاحزاب والمنظمات التي ظهرت على الساحة العر اقية بعد الاحتلال والتي تربو على المائة وخمسين حزبا ومنظمة ... ترى في اي بلد في العالم يوجد مثل هذا العدد الهائل من الاحزاب والمنظمات واين كانت هذه القوى بمجموعها قبل 2003 ...
كل هذا الذي ذكرناه – بايجاز مكثف – في الحلقتين – يؤكد لكل ذي بصر وبصيرة ولكل متتبع لمجريات الاحداث ما بعد 2003 – على الساحة العراقية مدى خطورة اللعبة الكبرى التي جعلت بلادنا وشعبنا ضحية لتلك اللعبة الخبيثة القذرة – من خلال تعميق وتاجيج وتشديد حدة الصراعات بين مجموع هذه القوى محلية وعربية واقليمية واجنبية ايضا وهي عملية خلط للاوراق بين مصالح مجموع تلك القوى المتشابكة والمتعارضة المصالح ... لكي تبقى امريكا هي التي تتحكم بمصائر ومقدرات البلاد وموارها الاقتصادية – من وراء الستار مستغلة انشغال كل هذه القوى بالصراعات اللاوطنية واللامسئولة وكل هذه القوى مجتمعة مسئولة عن كل قطرة دم اريقت من دماء الابرياء من ابناء وبنات شعبنا المبتلى ... وفي اطار هذه اللعبة القذرة ايضا كانت الاعمال الارهابية من تفجيرات ومفخخات وعبوات ناسفة حتى بات المواطن لا يأمن على حياته المهددة في اية لحظة بفعل تلك الاعمال الارهابية التي تجري بشكل يومي يضاف الى ذالك المليشيات المسلحة لكل من الاطراف المتصارعة والتي وجدت في تنظيم القاعدة الارهابي شماعة للتغطية على جرائمها من اغتيالات وتفجيرات لتصفية الحسابات مع خصومها – من خلال القاء اللوم والمسئولية على القاعدة وداعش ... هذا هو واقع حال العراق والعراقيين منذ عام – 2003 – وليس اقليم كردستان بمعزل ابدا عن تلك الصراعات ودوره في تلك الصراعات وهو يتحمل ايضا مسئولية كبرى بكل ما نحن فيه اليوم – كما وليس المرجعية الدينية ايضا بمعزل تلك المسئولية الكبرى في تثبيت وتعزيز سلطة الطائفة – البعيدة عن المصالح العليا للشعب والوطن والجميع مسئولون ... ومن هنا فاننا نرى ان استمرار هذه الاوضاع المازومة المتوترة من الصراعات والانقسامات – واستمرار حالة التردي من سئ الى اسوء في الاوضاع الامنية مع غياب الشعور بالمسئولية الوطنية والتاريخية فسوف يضيع العراق وينقسم الى دويلات صغيرة وتتمزق وحدة المجتمع العراقي ... وبذالك ايها السادة المتصارعون تقدمون خدمة كبرى لامريكا وكل اعداء العر اق وشعبه ... ونحن وكما ذكرنا في مقالة سابقة ان العراق وشعبه اليوم امام خطر جسيم وبحاجة الى وقفة شجاعة من كل وطني شريف وغيور يعز عليه مستقبل شعبه وبلاده ان يحتكموا الى العقل والمنطق فليس من حل – الا التوجه نحو بناء الدولة المدنية الدستورية الديمقراطية دولة المواطنة والعدالة والمساواة تعتمد الكفاءة والنزاهة والاخلاص – بعيدا عن المحاصصة الطائفية او القومية او العشائرية .
والى لقاء جديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -