الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا، وكيف تقرأ.. هذه الجريدة.. ؟

عادل مرزوق الجمري

2005 / 7 / 28
الصحافة والاعلام


لماذا، وكيف تقرأ.. هذه الجريدة..!!
عادل مرزوق الجمري

«اود أن أرى محاضرات عن «كيف تقرأ الصحيفة» تلقى في الجامعات والمدارس وغيرها..» ليوس ألن[1] .

حينما تقوم بتصفح جريدة حرة، فهذا لا يعني أو لا يعتبر دلالة على الديمقراطية، بمعنى، أن الصحافة الحرة ليست شرط الديمقراطية فقط، ثمة أفاق أخرى لابد من توفرها وأنت تقرأ الجريدة. لكن، ما هي هذه الشروط التي لابد من توفرها، حتى تكون حراً في قراءتك للجريدة؟. وبمعنى أدق، كيف تكون الصحافة الحرة دلالة على الديمقراطية؟.

في العادة، أنت تقرأ في الجريدة تلك الأخبار التي تهمك، قد تكون الكتابات التحليلية أو أعمدة الرأي أو الأخبار المحلية، عن المشاركة أو المقاطعة للإنتخابات البرلمانية القادمة، أو قد تكون متلهفا لقراءة أخبار جديدة عن «البونس». وقد تكون ممن يبحث عن أسعار الأسهم، وقد تكون مهتما فقط بإنتقالات اللاعبين وأخبار الرياضة. وقد تهتم بتلك الأخبار الخفيفة الظل في آخر الجريدة، كأن تنتحر فتاة في تجربة حب فاشلة، أو أن يسرق ولد أباه ويهرب، أو أن تلتقي عائلة بعد شتات دام سنين.

الملاحظ، أنك حين تقرأ خبرا عن موضوع أنت ملم بآخر تطوراته، فإنك تذهب إلى التصديق أو التشكيك بمصداقية ذلك الخبر، وحين يكون الخبر مهتما بشأن بعيد عن إهتماماتك فإنك في الغالب تصدقه مباشرة دون محاولة التأكد من صحته، فأخبار الإضطرابات السياسية في أوكرانيا لا تهمك في الغالب، قام بها «سوتشكوف» او «ريمانوف». هذا التفاعل «المجهول» من قبلك، هو «عامل غياب للديمقراطية».

لابد للقارئ والجمهور عامة أن يهتم بما يكتب الصحافيون، وإلا فالديمقراطية وحرية الصحافة قضية معطلة وغير ذات جدوى، فالصحافيون «خاصة الجنود المجهولة، صائدي الأخبار في الأقسام المحلية» يحتاجون إلى تفاعل الجمهور الإيجابي معهم، لا أعني بذلك تصديق كل ما يكتبون، بل إن قيام أي قارئ من القراء بإرسال رسالة بريدية لأحد الصحفيين يخبره فيها بأنه «كتب خبراً كاذباً» تتبر إيجابية كبرى من القارئ تجاه هذا الصحافي.

الصحافيون يحتاجون الى النقد، وإن لم يهتم القراء بنقد وتداول ما يكتبون، إنتهت إبداعاتهم الى أرشيف قد لا يفتحه أحد، أي صحيفة مهما كانت توجهاتها، هي تبحث عن خمسة نتائج رئيسية، هي تسعى إلى أن تكون ساحة للحوار والنقد والنقاش، وممثلة لكافة الفئات المجتمعية، بكافة ألوانها السياسية والقومية والدينية، وأن تكون راوية للاحداث بدقة ومصداقية، تجعلها ناقلة صادقة لمجريات الحياة العامة للقارئ، وأن تعرض بدقة أهداف المجتمع وطموحاته وأحزانه وأفراحه، وأخيرا، هي بالطبع تبحث عن مبيعات جيدة، تحقق تهافت المعلنين عليها. هذه النتائج لا يمكن أن تتحقق دونما تواجد قراء جيدين إيجابيين، يحققون المعادلة، ويتممون باقي محاور عملها.

لابد من خلق توتر «إيجابي» بين الإعلاميين والجمهور، ولابد أن لا ينتهي هذا القلق بفقدان الإحترام المتبادل بين الطرفين، أو إلى رضا مستغرب، أو سلبية تبعث على إهمال الصحفيين في تنمية قدراتهم وخبراتهم. إن العملية هي عملية صراع إجتماعي فاعل وصحي، والفائدة تعود بالضرورة نحو تأسيس الصحافة المدنية الديمقراطية، والديمقراطية بالمحصلة مصلحة الجميع دون إستثناء.

الصحافيون أدوارهم أكثر خطورة من «العلماء»، لكن الفارق، أن الصحافي لابد أن يكون ذا معرفة بكل شيء، فالعالم الفيزيائي لا يتحدث أو يبحث في الكيمياء، أما الصحافي الناجح فهو أشبه بالموسوعة الشاملة، إنهم بحاثة متجولون في كل صوب وزاوية، وعلى القارئ حين يقرأ الصحيفة، أن يهتم بتقييم هؤلاء العلماء أفضل تقييم، وعليه تبعا لهذا، أن يحاول المشاركة في تدريب هؤلاء الصحافيين، وكلمات بسيطة مثل «مقالة جيدة» أو «خبر غير دقيق» أو «كتابة أدبية ضعيفة» أو « تحليل غير موضوعي» تبعث مجاميع القراء للصحافيين هكذا دون إطالة، هي نتائج الإمتحانات والتقييم من قبل القراء تجاه الصحافي. وكما أن الطالب، قد يرفض – عنادا- نتيجة إمتحانه من قبل مدرسيه، قد يرفض الصحافي هذا التقييم، إلا أنك أيها القارئ تجعله أكثر حرصا على تحري الدقة في عمله أو كتابته القادمة، سيحاول هذا الصحافي تلافي أخطاءه مستقبلا، وهكذا بالتحديد، يصنع كل قارئ، ما يسمى بالديمقراطية، ويكون منتجا وفاعلا فيها.

لا تصدقوا أمهاتكم..

من أجمل الطرائف في إحدى التعليقات من قبل كبار الاكاديميين الإعلاميين البريطانيين، هو إعتقاده أنه من واجب الصحافي أن يتأكد من كل الأخبار التي يريد نشرها تأكد المهووس، حتى ولو وصل به الحد إلى طلب الدليل من أمه حين تقول أنها تحبه، لذا فليكتب الصحافي «الأم تقول انها تحب إبنها» وليس من الجائز له أن يكتب «الام تحب إبنها» إذ لا دليل على ذلك. ما أريد تأكيده، أن الخبر –أيا كان- هو قيمة كبرى بالنسبة للقراء أو لشريحة منهم، والخبر الذي قد يستصغره الصحافي فيكتب عنه معلومات غير مؤكدة، قد يؤدي إلى كوارث أو مشاكل كبرى من لدن القراء.

للقراء كل الحق في محاسبة أي صحافي كتب لهم خبرا كاذبا، وأضر بمصالحهم. كأن يدعي أحدهم بأن «البونس سيصرف غدا» فيصرف الناس ما في جيوبهم على أمل الغد، فيتضح الأمر أنها مجرد إشاعة بدون مصدر. أما أن إتخذ القراء خيار السلبية فذلك شأنهم، وذلك خيارهم، بالبقاء دون حرية صحافة ودون ديمقراطية.

المثال السابق حول «تصديق الأمهات» قد يبدو مبالغا فيه بعض الشيء، لكنها إستعارة لمحاولة التأكيد على حق القارئ في معرفة الحقيقة، كما أكدت على أحقية الصحافي في نقد أخباره وتحليلها وتقييمها.

إن إلتزام القارئ بقراءة هذه الجريدة هي دلالة على محبته لها، وهو إلتزام أدبي لابد من إستكمال كافة عناصرة، والحب شعور يتطلب التواصل، والتواصل يؤدي لا محالة الى حالة من الصفاء، وأحيانا الى حالات من الكدر بين المحبين. والصحافة اليوم تمثل منبرا رئيسيا للمعرفة والمعلومات، لذا لابد ان يكون تعاملك مع الصحيفة ذو أبعاد تفاعلية على أكثر من جانب وزاوية، الصحافة في النهاية عملية تجارية، بيع وشراء، والشركات التجارية تسعى الى تحسين منتجاتها للمستهلكين «القراء»، والمستلكون دائما ما يحرصون على ان تقدم لهم الشركات والمؤسسات منتجات تلبي إحتياجاتهم وتطلعاتهم.

نهاية المطاف، لابد من التأكيد على محورية هامة، وهي أنك أيها القارئ الكريم لست مقتنعا بالعديد من الأشياء التي تقرأها في أي صحيفة تقرأها، وعليك ان تهتم ببيان هذا الأمر، إذ انها أهم خدمة تقدمها للجريدة التي تقتنيها كل صباح، لأنك ببساطة تعيش حالة من الحب معها، وإلا فما من سبب مقنع يدعوك لشراءها أو مطالعتها إنترنتيا، وإلا فأنت قارئ لا يهتم بجريدته، أو بالاحرى محب لا يهتم بمحبوبته.

[1] إعلامي أمريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد