الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسرة من منظور الدستور والقانون السوداني

حاتم الشبلي

2014 / 6 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



(الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع ولها الحق في حماية القانون، ويجب الاعتراف بحق الرجل والمرأة في الزواج وتأسيس الأسرة وفقاً لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهما، ولا يتم أي زواج إلاّ بقبول طوعي وكامل من طرفيه).
في النص أعلاه المقتطف من دستور السودان 2005 نلاحظ اعتراف الدولة بحق الزوجين في الأعتراف بزواجهم من قبل المؤسسة، ويشترط موافقة طرفي الزواج عليه، أي يمنع الزواج القسري وهو أمر شائع في مجتمعنا وتقع ضحيته المرأة دائما، وهي أمور أيجابيه تحسب لصالحه. ألا أنه قد لاحظنا الكثير من الثغرات التي أغفلها الدستور ومن ثم القوانين المتفرعة عنه سيما (قانون الأحوال الشخصية)، وفي البداية نلاحظ مدي التناقض بين مواد الدستور نفسه من ناحية المساواة بين الجنسين، وبين المواطنين، حيث العبارة الوارده أعلاه( وفقا لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهما) تخلق هذا التميييز الظاهر بين المواطنين، فبما أنهم سواسية في الحقوق والواجبات كماتشير المادة السابعة في الفصل الأول(تكون المواطنه أساس الحقوق والواجبات المتساوية لكل السودانييين) . فتساوي السودانيين في الحقوق والواجبات يشترط اساسا أندراجهم تحت قانون واحد وتلك هي المسئولية الأ ولي للدولة. ومن ناحية عامة فأن الدستور والقوانين لم يعالجا موضوع الأسرة بصورة كافية، حيث نجد كلاما عاما فضفاضا يتجاوز أمور أساسيه، بينما أكتفي بأشاره مقتضبة عبر فقرتين فقط في الدستور لا تتناسبان مع واقع مجتمعنا المتعدد الثقافات والأديان ولا ترقي لمستوي المعالجة العصرية، وكأنما السودانيون الذين يتحدث عنهم الدستور هم أخوية تعتنق أيدلوجيا المشرع. أو أن شؤون الأسرة موضوع هامشي لايستحق الأهتمام والرعاية القانونية.
أغفل الدستور والقانون السوداني مسألة تحديد سن الزواج، ولاأظن أن المشرع قد فاتت عليه أهمية هذه النقطة، مما يجعلنا نقول بأنه يسكت عن ممارسة وسلوك يرضي عنه. فمنذ القديم تناول المفكرين والفلاسفة تحديد سن الزواج في مجتمعاتهم فأرسطو مثلا (حدد سن الزواج للرجل ب34سنه وللمرأة ب18 سنة). ومع تطور المجتمعات البشرية و من خلال التجربة المكتسبة وصل الأنجليز لضع قانون يحدد سن الزواج في العام 1275، حيث تم تحديد سن الرشد ب12سنة، وسعت المجتمعات قدما في التعديل والاضافة وفقا للتجارب والممارسات ونوعية الحياة الحديثة حيث وافقت في الأمم المتحده55دولة أبتداء علي تحديد سن الزواج ب18سنة في منتصف القرن الماضي الي أن أصبح اليوم معمولا به في غالبية الدول وصار من البديهيات .
في فرنسا 2005 تم تعديل سن الزواج من 15سنة الي 18 سنة، وقد وافق مجلس الشيوخ بالأجماع علي القانون الجديد، وكان هذا التشريع قد وضع لحماية الأسرة والمرأة . أما في الولايات المتحده فقد رفعت ولايتي مسيسيبي ونبراسكا الي 19 سنة و21 سنة، يلاحظ في وضع تلك القوانين والتشريعات أولا أهتمام الدول الفعلي بالأسرة والمجتمع، حيث تسعي لتوفير البيئة الصحية والحياة الأمثل للزوجين والأبناء ومن ثم تفعيل دورهم في بناء مجتمع حديث ومتطور. وثانيا أهمية تحديد سن الزواج لحماية القصر وتدارك الأشكالات المجتمعية والنفسية والصحية الناجمة عن زواج الأطفال و التي أثبتتها التجربة البشريه من خلال العديد من البحوث والدراسات. الأأن المشرع السوداني يتعامل مع الحالة السودانية بشكل افتراضي وكأنها معزولة عن الواقع والعصر.
ومن القضايا المهمة المتعلقة بشؤون الأسرة أيضا أمكانية أبرام أكثر من عقد زواج كحق مخول للمواطن، أو كما يسمي في الأدبيات الأسلامية( مثني وثلاث ورباع)، وهذا يعني فعليا انه يحق له ان يكون اكثر من اسرة، ورغم الصعوبات العملية المتعلقة بتربية الأبناء ورعايتهم وتحمل مسئوليتهم، باللأضافة الي( أقتناء) أكثر من زوجه ومايترتب عليه من ضرر معنوي وأحباط للزوجه الأولي، وربما الأخريات. وللوهلة الأولي يتضح لنا بشكل سافر التمييز المفروض علي المرأة هنا، وهنا تسقط القوانين السودانية في فخ التناقض مرة أخري لأنها تدَعي المساواة بين الجنسين، أذ ان هذا الحق كفله القانون السوداني للذكر فقط! وقد يستغرب البعض من مماذكرته ويسخر مني ويقول بأنه يجب أن يكون للأنثي زوج واحد لأن ذلك من شأنه أن يخلط بين الأنساب، ولكن العلم الحديث قادر علي حل هذه المشكله فماذا بعد؟، وهكذا يتضح لنا أن المشرع يستبطن التمييز ولكنه ربما كا خجلا بأن يصرح. فالمنطق السليم الذي يوافقه العقل هو ( لاترضي لغيرك مالاترضاه لنفسك) الأ أن أخلاقنا والتي نعتبرها المثل العليا للفضيلة الأنسانيه تكشف عن نزعتها التسلطيه المستفحلة والتي تري العالم والحياة بنظارة ذكورية.!!! وبالمناسبة يجرم القانون السويدي مثل هذا السلوك ويعتبرة ( خيانة ضد الأسرة) ويعاقب علية بالسجن والغرامة كما تمنع العديد من الدول الأوربيه كفرنسا مثلا تسجيل زواجين، أذ لايحق للمواطن قانونيا أن يكون له أكثر من زوجة.
المقصود بتشريع القوانين و تنفيذها توضيح الحقوق الأنسانية وحمايتها حتي لاتسود الفوضي ويظلم الناس في وضح النهار، ومن ثم توجيه الحياة الي الأفضل والأرقي. ولذلك كان علي المشرع ان تكون غايته تحقيق العدالة بين المواطنين بصرف النظر عن جنسهم وعقيدتهم وثقافتهم أو أي أعتبار اخر. وهذا لايتم الأ بالمعرفة الدقيقة بأحوال الحياة الأجتماعية من كافة النواحي والأستفادة من التجربة البشرية والتراث الأنساني وعدم الأنغلاق و تبني رؤية أحادية تسعي لتنميط الأفراد وحشرهم داخل القوالب الفكريه الجاهزه لأن ذلك اثبت فشله في العديد من الدول كما تشهد التجربة التأريخية للمجتمعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-