الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نعود الى -حق الأقوى- ؟

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في أوج موجة الغضب والاحتقان التي تهز العالم الغربي بسبب تفجيرات 7 يوليو/تموز في لندن, يتولى بعض الزعماء السياسيين صب الزيت على النار, وكأنهم يعبرون عن رغبة دفينة لديهم بإثارة حروب لا نهاية لها, تأتي على الأخضر واليابس, ولا تبقي ولا تذر. إنه امر مؤسف , ولكن يبدو أن الذي يحاول أن يعادل بدعوته دعوة أسامة بن لادن , له منصب في الكونغرس الأمريكي, واسمه توماس تانكريدو.
هذا السيد, وهو عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية كولورادو الأمريكية ، أدلى بتصريحات لا يفهم ولا يستوعب ما سيكون وقعها على ملايين المسلمين في العالم , لأنه لو كان لديه أقل فهم, لصمت ولزم الهدوء. لقد قال تانكريدو إنه في حالة مهاجمة الولايات المتحدة من قبل "مسلمين أصوليين متطرفين"، فإن أحد الردود المحتملة هو "تدمير مواقعهم المقدسة"، مشيراً إلى أنه يعني ضمناً مكة المكرمة أيضاً. كان ذلك خلال مقابلة أجراها معه برنامج إذاعي بولاية فلوريدا الأمريكية في الرابع عشر من تموز (يوليو) الجاري. وأفصح عضو الكونغرس عن التهديد بضرب مكة المكرمة رداً على سؤال من مذيع البرنامج بشأن ما ينبغي أن يكون عليه رد الفعل الأمريكي في أعقاب هجمات ضد أهداف أمريكية، وقد سأل المذيع النائب تانكريدو إذا ما كان يقصد "مكة" بالمقدسات الإسلامية، فأجاب تانكريدو "نعم".
وعاد تانكريدو لتأكيد موقفه ضمنياً مع شيء من التردد عندما أصدر بياناً في السابع عشر من تموز (يوليو) قال فيه إنه خلال المقابلة كان يحاول البحث عن أسلوب تتمكن من خلاله الولايات المتحدة من ردع هجمات مستقبلية، وأضاف في بيانه قائلاً "من بين الأشياء العديدة التي يمكننا فعلها لمنع مثل هذا الهجوم على أمريكا؛ هو أن نوضح أن هناك احتمال أن تتعرض هذه المواقع للتدمير"، على حد تعبيره.
ومضى تانكريدو إلى القول "أنا لا أروج لهذه الفكرة، يجب بذل قسط كبير من التفكير لفهم التبعات المحتملة لمثل هذا الرد المفزع".
وتعليقاً على تلك التصريحات ذكر مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير"، أنه يعمل مع قادة مسلمي ولاية كولورادو لترتيب لقاء يجمعهم بتوماس تانكريدو، وهو ممثل الدائرة السادسة عن الولاية بمجلس النواب الأمريكي، لبحث التعليقات التي أدلى بها مؤخراً واقترح فيها تدمير مكة المكرمة. وقد طالبت "كير" قادة الحزب الجمهوري بالولاية وعبر الولايات المتحدة بإدانة تصريحات تانكريدو، كما طالبت النائب تانكريدو بالاعتذار فوراً لأبناء ولاية كولورادو ولمسلمي الولايات المتحدة على تصريحاته المسيئة، داعية إلى الاتصال بالحزب الجمهوري للمطالبة باعتذار النائب المذكور وإدانة تصريحاته المسيئة.
ندرك أن حرية التعبير مضمونة للناس في الولايات المتحدة, ولكن يفترض في المسؤولين الذين يمثلون حزبا حاكما, أن يلتزموا بحد أدنى من اللياقة في تصريحاتهم بشأن العقائد الدينية لملايين البشر, لا سيما وأن هناك اتفاقا بين جميع العقلاء من مختلف الديانات على عدم اقحام المواقع المقدسة في السجال السياسي والحروب. فحتى الحروب لها قوانين وأخلاق تضبطها, ودون ذلك , فبأي حق يحاكم المنتصرون المنهزمين؟ هل هو حق الأقوى؟ أم أن الصبغة الجوهرية لقوانين الحروب - والقوانين الجزائية بشكل عام - تتمثل في محاولتها أن تلتصق بالأخلاق وبما يعتبره الناس في كل مكان أسمى القيم الانسانية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا