الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايتنا مع الشرعية الدولية !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2014 / 6 / 18
القضية الفلسطينية


بدأت حكاية صراع الشعب الفلسطيني مع الشرعية الدولية مبكراً، ففي العام 1947 أقرت الشرعية الدولية قرار تقسيم فلسطين 181 الذي يعطي اليهود نصف فلسطين وهم لا يملكون شيئاً، رفضنا التقسيم وقمنا بإعلان الحرب وتوعدناهم بالرمي في البحر .. لم يعترف الشعب الفلسطيني بقوانين الشرعية الدولية طالما أن الشرعية الدولية قد صادقت على منح وطنه إلى الغرباء والمهاجرين.

لكن لم يتوقف عدم احترام الشرعية الدولية عند حدود رفض التقسيم، بل تخلل محطات النضال المختلفة لفصائل الثورة الفلسطينية عمليات عبرت عن استمرار تحدي الشرعية الدولية .. مثل خطف الطائرات من قبل الجبهة الشعبية في السبعينات أو عملية قتل فريق إسرائيل في الدورة الألومبية في ميونخ بألمانيا عام 1974 من قبل حركة فتح ( منظمة أيلول الأسود ) .. جميع فصائل منظمة التحرير مارست أعمالاً لاقت استنكاراً من المجتمع الدولي .........
إذن لم تكن عمليات استهداف المدنيين الإسرائيليين من قبل فصائل المقاومة خلال الانتفاضة الثانية إلا استمرارا في تحدي المجتمع الدولي وقوانينه .. إذن ما الجديد في عملية خطف المستوطنين ؟؟!

في الواقع لا شيء جديد .. فالشعب الفلسطيني يميل بطبيعته إلى أحداث تؤدي إلى احتلال عناوين الصحف الدولية والنتيجة مزيد من التعاطف مع الدولة الصهيونية ومزيد من حملات الاستنكار الدولي ضد عملياتنا !

أود توضيح نقطة مهمة جداً .. وهي أن العصابات الصهيونية لم تسيطر على فلسطين ولم تقم بإنشاء دولة متفوقة على جميع العرب إلا بعد أن نجحت الصهيونية في إقناع العالم الغربي بقضية افتقاد اليهود إلى وطن قومي وإلى حاجتهم إلى الأمن والسلام .. لقد واكب اليهود أحداث الثورات الصناعية الكبرى في الغرب وانخرطوا فيها وساهموا بعلمائهم ومخترعيهم واكتسبوا بالتالي احترام الرأي العام الغربي .. بينما نحن ما زلنا معجبين ومفتونين بأفعال تلقى الاستنكار الدولي !!
حتى لو كان هناك عملية خطف لثلاثة من المستوطنين .. وحتى لو قمنا بتحرير 1000 معتقل دفعة واحدة .. ألسنا محتلين وبمقدور إسرائيل أن تعتقل 5000 دفعة واحدة أيضاً ودون محاكمة أو تهمة ؟؟!

برغم تعاطفي الشديد مع الأسرى الإداريين وحاجة ذويهم وأصحابهم إلى تحريرهم من الظلم الواقع عليهم إلا أنني لا أوافق على عمليات تدعم إسرائيل وتضعها في موقع الضحية .. تماماً كما أرفض عملية خطف طائرة أو احتجاز فريق رياضي !

لماذا لم نخضع تجربة الجندي شاليط إلى الدراسة الناقدة ؟! أغلب من تم تحريرهم بصفقة شاليط هم الآن معتقلون مرة أخرى !! لماذا لم نفكر في الثمن الباهظ الذي دفعناه في غزة من فقدان الكهرباء والحياة الطبيعية ومجموعة الصدامات التي أودت بحياة الآلاف من الأبرياء ؟؟!

المشكلة أن عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة قد تزامنت بشكل غريب مع تصاعد أخبار إضراب الأسرى الإداريين عن الطعام ومؤشرات تؤكد نجاح الإضراب وبداية حملة دولية لاستنكار هذا النوع من الاعتقال !

ثم أليس أهل الخليل والضفة هم أهلنا وشعبنا ؟ هل تساءلنا عن نتائج تلك العملية في ظل الاحتلال الكامل للضفة ؟؟ هل إغلاق الخليل ومنعهم من السفر والعمل لتعاني المدينة وقراها من البطالة المتوحشة وانتشار الفقر المدقع يعد إنجازاً للحركة الوطنية ؟؟! لماذا لا نقيم أوضاع غزة الحقيقية بعد تجربة شاليط ؟؟؟

علينا أن نعيد حساباتنا لكي نتصالح مع المجتمع الدولي ونتعلم كيف نقاوم الدولة الصهيونية بأساليب حضارية تجلب لنا التعاطف وليس سخط المجتمع الدولي .. لقد أتيحت لي فرصة زيارة متحف إذاعة BBC في لندن .. شاهدت بنفسي في جميع قاعات الاستراحة كيف يتم عرض أفلام وثائقية عن ذكرى المحارق النازية ضد اليهود " الهولوكوست " التي تعذب الضمير الأوروبي وتجلب التعاطف مع إسرائيل !!

قبل أيام انطلق على مواقع التواصل الاجتماعي " هاشتاغ " بعنوان ( أعيدوا لنا أولادنا #BringBackOurBoys ) الذي أطلقه إسرائيليون لجلب التعاطف مع قضية المختطفين، فما كان مني ومن المؤمنين بالنضال السلمي المفتوح إلا المشاركة في هذا الهاشتاغ .. نعم شاركنا بالآلاف ( معنا المتضامنون الأجانب ) على تويتر والفيس بوك ونشرنا صور الفظاعات التي يرتكبها الجيش الصهيوني في الخليل والضفة وبخاصة مشاهد اعتقال أطفال دون سن العاشرة !!! ماذا حدث ؟؟ انقلبت الموازين وبدلاً من أن يكون الهاشتاغ لجلب التعاطف مع المختطفين أصبحت صفحة لاستنكار همجية الاحتلال !!

لا يكفي أن نكون أصحاب قضية عادلة فيما نكون فاشلين في الدفاع عنها بمنطق ومنهجية تؤدي إلى جلب التعاطف الدولي معنا. هذا التعاطف الدولي مع المختطفين يجب أن يضع علامة تعجب كبيرة أمام كل فلسطيني وعربي، فالصهاينة نجحوا في التغلغل إلى عقول المجتمع الغربي .. تدخلوا في تغيير مناهج دراسية .. امتلكوا وسائل إعلام كبرى .. لقد أقنعوا العالم بكل بساطة أن من حقهم وطن قومي في فلسطين .. أليس هذا ما حدث ؟؟! ألا نشاهد أن الصهاينة يحاولون جاهدين إلى سرقة التراث الكنعاني ؟؟ حتى تطريز الأثواب الفلسطينية يدعون أنه تراث يهودي
ويقومون بتلك الدعاية بطرق خبيثة من خلال ارتداء مضيفات شركة طيران " العال " للأثواب الفلسطينية !

إن المعركة الحضارية بحاجة إلى عقول تفهم توجهات الرأي العام العالمي وتعمل على استمالته في صالحنا. الآن تتصاعد حملات المقاطعة وفرض العقوبات BDS ضد إسرائيل، حيث نجحت تلك الحملات في إجبار العالم المتقدم على مقاطعة وحصار حكومة جنوب أفريقيا أيام نيلسون مانديلا .. اللاعنف والكفاح السلمي الحضاري أجدى بكثير، وإن المقاطعة التي فرضتها معظم الجامعات الأمريكية والبريطانية ضد الجامعات الإسرائيلية سببها همجية الاحتلال ومنطق العقاب الجماعي والحصار ضد الفلسطينيين !

أستغرب قدرة الشعبوية الفلسطينية على قيادة دفة النضال الوطني والتحرري، أين الاستفادة من تجارب 66 سنة من التحدي للمجتمع الدولي ؟؟! أين الكتاب والمفكرين ؟؟

الآن توجد حملات تضامن دولي واسعة لاستنكار حصار غزة الظالم. الشهر الماضي قام صندوق التقاعد الهولندي بسحب استثماراته من بنوك إسرائيل بسبب تورطها في تمويل أنشطة استيطانية وقد تلقت إسرائيل صفعة قوية من شركة ويندوز ميكروسوفت التي سحبت استثماراتها في شركة R4S وتبعتها شركة بريطانية .. نعم هذا هو المطلوب بالضبط . .تكرار التجربة الجنوب أفريقية في حصار العنصرية الصهيونية ومقاطعتها وإجهاضها اقتصادياً من خلال سحب الاستثمارات .. ألم تنجح تجربة نيلسون مانديلا كشاهد على أن العالم لا يقبل العنصرية والتطرف والقمع وإذلال الشعوب ؟؟!

علينا أن نستبعد كافة الممارسات التي تساعد إسرائيل في تمثيل دور الضحية، فهم سفاكوا دماء وسفاحون ونحن في عالم مفتوح يمكننا اقتحامه بأساليب حضارية ولنا من التضامن الدولي ما يجعلنا نراهن على أن العنصرية الصهيونية إلى زوال وأن العودة إلى فلسطين حق مقدس ! فقط لو استطعنا إقناع العالم .. فهل هذا ممكن ؟؟؟ أعتقد جازماً نعم .. بإمكاننا إقناع العالم بأن الصهيونية حركة عنصرية إجرامية تقوم باقتلاع شعب من جذوره من أجل توطين الغرباء وشذاذ الآفاق !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً
يعقوب ابراهامي ( 2014 / 6 / 18 - 13:35 )
مقال منطقي معقول وحضاري ولكن التعابير التي يستخدمها كاتب المقال ولا سيما الجملة التي ينهي بها مقاله (الصهيونية حركة عنصرية إجرامية تقوم باقتلاع شعب من جذوره من أجل توطين الغرباء وشذاذ الآفاق) تشهد على انه هو أيضاً لم ينسَ شيئاً ولم يتعلم شيئاً
ويلٌ لشعبٍ هؤلاء هم مثقفوه


2 - إلى يعقوب
عبدالله أبو شرخ ( 2014 / 6 / 18 - 19:50 )
العصابات الصهيونية مارست التطهير العرقي فذبحت بدم بارد حوالي 40 ألف .. هؤلاء مجرمي حرب مكانهم السجون والملاحقة .. أنا ضد العنف بكل أشكاله


3 - إلى عبدالله أبو شرخ (2): الدم البارد
يعقوب ابراهامي ( 2014 / 6 / 18 - 20:39 )
هل كل ال-40 ألف ذُبِحوا بدمٍ بارد؟
هذا ما قلتُه: لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً
ويلً لشعبٍ هؤلاء هم مثقفوه


4 - وصباح اليوم !
عبدالله أبو شرخ ( 2014 / 6 / 20 - 07:31 )
هذا الصياح نشرت وسائل الإعلام خبر مقتل الطفل الفلسطيني محمد دودين 13 عاماً من الخليل بالذخيرة الحية بإصابة مباشرة في الصدر .. هل هؤلاء الجنود أسوياء بنظرك سيد يعقوب ؟ أليسوا مجرمي حرب تتوجب محاكمة قادتهم .. هذا الصباح تمت الجريمة أي أن ما حدث عام 48 هو مستمر حتى الآن !!!


5 - إلى عبدالله أبو شرخ (4): جرائم الإحتلال
يعقوب ابراهامي ( 2014 / 6 / 20 - 08:51 )
لن تنجح في جرني إلى الدفاع عن جرائم الإحتلال الإسرائيلي

اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: إسبانيا تكتسح جورجيا وإنكلترا تفوز بصعوبة عل


.. الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية: نتائج ودعوات




.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|