الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش، مشهد اجرامي جديد في مسرح الصراع -الشيعي- السني-!

نادية محمود

2014 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في هذه المقالة اريد التاكيد على نقطة محددة، و هي ان الارضية و الظرف السياسي التي جلبت داعش و رمتها على كاهل الجماهير، مؤدية لازهاق الارواح و لنزف الدماء، ستلد من جديد و ستخرج داعشا اخر. لا يمكن انهاء داعش مع بقاء دولة طائفية في العراق.

هجوم داعش الاخير، هو حلقة جديدة من سلسلة الصراع الذي بدأ بين احزاب تيار الاسلام السياسي "الشيعي" الحاكمة على انقاض النظام السابق و بين بقايا وفلول ذلك النظام منذ عام 2003 و لازال جاريا و اتخذ عدة اشكال و بمستويات مختلفة، و اهدرت فيه الارواح، تيتم فيه الاطفال و ترملت النساء، و فقد اي شعور بالامان لا اليوم و لا في المستقبل. هذا الصراع بلغ مرة ذروته في الحرب الطائفية التي اعقبت تفجيرات سامراء في 2006-2007، ثم في تظاهرات الرمادي في اواخر 2012- الى الربع الاول من 2013، والان وصلنا الى مرحلة داعش. و ليس هنالك ما يلوح بانه سيكون الاخير.

داعش هي احد التبديات الطائفية "السنية" بوجه السياسة الطائفية "الشيعية" للمالكي. حين اقول "سنية" فقصدي من حيث اليافطة السياسية وليس من زاوية اجتماعية ومطلب اجتماعي او كقضية اجتماعي. اذا كان هنالك امرا لم يشكل مشغلة للناس، هو امر ان ذلك "سني" و ذلك " شيعي". الان كلا الاحزاب الشيعية و السنية تريد ان تخلق من هذا الامر، هوية اجتماعية، وامرا اجتماعيا، و صراعا اجتماعيا، تريد ان تصنع منه قضية للجماهير حتى تبرر وجودها هي ك"ممثلة" عن "الشيعة"، لتبرر الدفاع عن مصالحها هي و منافعها هي، و ليست بادنى درجة للدفاع الحقيقي او الاجابة الحقيقية على مصالح الجماهير.

صراع داعش حول السلطة و احتكار المالكي لها وهي في نهاية المطاف صراع حول مصالحهم والسلطة و القوة.

الاحزاب الشيعية اتخذت من الطائفة هوية سياسية لها، لتقرب مايسمى بـ"الشيعة"، بما فيهم البعثيون "الشيعة"، و لتبعد "السنة"، السنة بمعنى تيارات سياسية منافسة على السلطة والحكم وليس بوصفها هوية احد او قسم من المجتمع، لم تجتث البعث، بل تريد اجتثاث "السنة" بالمعنى الذي اقصده. و الاحزاب الشيعية، لا تتناحر مع الاحزاب السنية فقط، بل تتناحر مع بعضها البعض من اجل مصالحها. حزب الدعوة بقيادة المالكي يريد الاستئار بالسلطة، ليس بوجه "السنة" فحسب، بل بوجه الاحزاب الشيعية الاخرى التي تطالب بحصة اكبر من السلطة. ائتلاف الاحزاب الشيعية في انتخابات 2005 لتامين انتصار الاحزاب الشيعية بوجه السنية او البعثية، انفرط عقده منذ اعتقادهم بان الانتخابات قد امنت لهم مكانة في السلطة. الصراع " الشيعي- الشيعي" وصل في مرات الى المواجهة العسكرية مثل هجوم قوات المالكي على جيش المهدي في البصرة عام 2008، رغم انهم كلهم من الموالين "لاهل البيت" و لـ"السيستاني" و من المنتظرين لعودة الامام المهدي. فكيف الحال سيكون لاشراك السنة في السلطة والقوة و الثروة؟ و الاحزاب الشيعية لا تستطيع ان تتفق على تقاسم الكعكعة بينها ؟

ان اقتصاد العراق يعتمد على النفط، و الذي يستحوذ على السلطة السياسية يستحوذ ايضا على موارد النفط و يتحكم بها، يمنح عطاياه لمن يشاء من المقربين و يقوي سلطته من خلال توزيعه للعطايا لمريديه و مؤيديه، يقوي موقعه و مكانته السياسية عبر المنح والعطايا. هكذا فعل صدام و هكذا يفعل المالكي. حكم القلة من الاحزاب المسماة الشيعية- تريد تثبيت وجودها في الوصول و ازاحة اي شريك للاستئثار بالسلطة و الثروة. ان هذه فلسفة و راية " ما ننطيها"!


في هذا الصراع، المواطنين وحدهم، الابرياء والعزل، النساء و الرجال و الشباب والاطفال يسقطون ضحايا لهذا الصراع كل يوم و كل ساعة منذ عام 2003 و لحد الان.

ربما ستهزم داعش غدا، و لكن هل الصراع الذي يسموه كذباً صرارع "شيعي- سني" سينتهى؟ بل باي شكل سيظهر مرة اخرى؟ داعش لا اول المطاف و لا اخره في مسار هذا الصراع، وان كان اكثره بربرية لحد اللحظة.

الهوية الدينية و الطائفية هوية قاتلة في الشرق الاوسط. هوية خطرة. انها خطر على البشر. لان وراء تلك الرايات والايديولوجيات مصالح مادية وثروات بمئات المليارات يسعون لسحق كل من يقف بوجهها، ويقومون بابادات جماعية. لم ننسى ما فعلت الميلشيات الشيعية حين قدمت الى البصرة بعد سقوط النظام، لن ننسى قتل النساء كل يوم، و رميهن في المزابل.

و اليوم حلت داعش علينا. الواقع كما هو انه حيث ان السلطة في العراق قائمة على اساس ديني و طائفي وتسعى لقولبة الدولة بهذه الهوية المتخلفة، داعش، هي مجرد مرحلة، مجرد حلقة في سلسلة من الصراعات الطائفية .

ربما لا يسفر حسم الصراع الحالي عن اعطاء حصة اكبر لـ"السنة"، لان لا احد يعرف مدى حدود و وزن هذه الحصة، و من سيقرر " عدالة" هذه الحصة، و هل ستتغيرمع تغيير ميزان القوى. و"الشيعة"، قل تيار المالكي، الذين قرروا ان ما "ينطوها" لا يلعبون بمصيرهم. فحرب امريكا حققت لهم حلم لم يخطر على بالهم اساساً، حلم ان تكون هنالك دولة طائفية في العراق، دولة تختم بكونها دولة "شيعية"، و كذلك الامر لن تكون دولة"سنية"، وذلك للطابع المدني للمجتمع وتاريخه الحديث، الذين يسعون بكل الاشكال لتشويهه و اعادة صياغته و قولبته بقالب " شيعي" او " سني" و النتيجة لمحاولات اعادة الصياغة و القولبة هي هدر الدماء و قتل الامنين من السكان.

يجب ان يُنهى عمر داعش، و ان تخرج، و لكن ان خرجت داعش، سيعود علينا يوم غد تيار اخر، داعش اخر، باسم وبلباس اخر، و بعمل اجرامي اخر و بخطاب طائفي اخر. لان الارضية التي بعثت التحرك "السني" بوجه الاحتكار السياسي "الشيعي"، ستبعث اشكالا جديدا لتعبر عنها.

لذلك السبيل الوحيد للخلاص من داعش و غير داعش هو انهاء وازالة السلطة الطائفية بكل شحنها وتاجيجها الطائفي، و زعيقها و دعاياتها المضللة بالوحدة الوطنية، و ب"عبر الطوائف و العابر للطوائف" كل هذه اكاذيب و خدع للاستهلاك. لا بد من فصل الدين عن الدولة، كخطوة اساسية و جوهرية لايقاف نزيف الدم على اساس طائفي.

ان يقتل الانسان لانه يدخن سيكارة، او يذهب الى صالون حلاقة، او امرأة لا ترتدي الحجاب. هذا توغل لا نظير له في مسخ البشر، و يجب ان يتوقف؟

كيف يتحقق هذا الذي" يتوجب" و الذي لا بد منه. امر مرهون بعلمنا نحن، نحن الرافضين للدولة الطائفية و الدينية. نحن المنادين بدولة علمانية. نحن المنادين بالمدنية. انه واجبنا ودورنا باي شكل و باي قدر وباية اعمال نتمكن منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اصل البلاء
على سالم ( 2014 / 6 / 19 - 01:56 )
حقا انها مشكله معقده وعسيره الحل ,يجب ان ننظر الى الحيه الرقطاء السامه المجرمه الا وهى السعوديه ,هذه المملكه الفاسده الشيطانيه يجب الانتباه لها جيدا ,انها التى تمول داعش وكل العصابات الاسلاميه الارهابيه الاجراميه حول العالم , لايجب ان ندفن رؤسنا فى الرمال مثل النعامه ,لو تجاهلنا الامر فان السعوديه الشيطان سوف تكون السبب فى دمار هذا العالم ,لماذا الكل جبان وخائف ومرتعش ,اقولها بكل صراحه ,على العالم اجمع ان يعى جيدا الدور القذر لهذه المملكه النجسه الشريره ,على العالم ان يتحد من اجل القضاء نهائيا على مملكه الشر الاسلامى ومسحها من خريطه العالم ,نعم العالم بدون المهلكه السعوديه سوف يكون افضل كثيرا


2 - انت شيعي .. اذن انت طائفي
حيدرمحمود ( 2014 / 6 / 19 - 19:13 )
اؤيد السيدة الكاتبه فيما ذهبت اليه من ان الخلاص يكمن في عولمة الدولة العراقية ...الخ . لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ، وهل استقر العراق يوما منذ تاسيسه بعد ثورة العشرين ؟! لن نحتاج لمزيد من التامل في الحقائق على الارض ، اذ ما يسمى بالتعايش السلمي بين السنة والشيعة والاكراد ، كان على حساب الالاف من الجماجم التي سقطت من الشيعة -خصوصا- ولكن لم تتوفر لها الميديا و تكنولوجيا الاتصالات العملاقة التي توفرت الان للاخوة السنة وهم يئنون تحت نير سلطة الشيعة ( الغاشمة ) .
ان ما يحدث الان في العراق هو حرب ، وليس شيئا اخر ، ورحم الله علي الوردي حين قال كل طرف في الحرب يقول انها حرب مقدسه ومشروعة .
يكفينا تفلسفا و دفن رؤوسنا في الرمال ، انها الحرب ، وسنرى ان كتب لنا البقاء ما ستضيفه من دمار وويلات الى خزين العراق الغني بهذه الثروة الدموية !!!!!!

اخر الافلام

.. أولمرت: إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله قد يختفي لبنان.. وا


.. إسرائيل تتحدث عن جاهزية خطط اليوم التالي للحرب وتختبر نموذجا




.. ميليشيا عراقية تهدد باستهداف أنبوب النفط المتجه إلى الأردن|


.. إعلام إسرائيلي: نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أيام| #ا




.. حرب غزة أمام أيام حاسمة.. وإسرائيل تفرج عن 54 معتقلا بينهم م