الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجوم داعش على العراق وتداعياته المستقبلية

فالح الحمراني

2014 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ان هجوم الدولة الاسلامية في العراق والشام قد يكون عاملا فعليا لإحتمالات تفاقم المواجهة الطائفية ينهض فيها الجميع ضد الجميع، ومن المحتمل ان تنتشر شرارتها الى دول المنطقة الاخرى، خاصة المتورطة في التطورات الاخيرة. وكما كتبت مؤسسة كارنيجي فقد ظهِر الاستيلاء على الموصل أنّ تنظيم داعش يكاد يصبح لاعباً إقليمياً في الشرق الأوسط. والتعامل مع هذا اللاعب الناشئ يتطلّب تغييراً حاداً في السياسات التي تنتهجها البلدان الغربية والعربية في مايتعلّق بالعراق وسورية، بما في ذلك السياسات التي تتّبعها الحكومة العراقية. فالمجتمع الدولي يستطيع صدّ توسّع داعش والحدّ من قدرتها على الصمود فقط من خلال التعاون العابر للحدود الوطنية، وذلك على المستويَين السياسي والعسكري.
من المحتمل ان تنجر عدد من القوى الاقليمية بصورة سافرة في المواجة بين الحكومة العراقية وداعش، وهذا بدورة سوف يؤجج الصراعات الاقليمية المجففة حاليا خاصة في الدول التي تقطن فيها طوائف شيعية تشعر بانها مهمشة ومهضومة الحقوق كما في البحرين والسعودية والى حد ما في الكويت، مما سيؤدي الى مواجهات اقليمية.
ان التطورات تنبئ بان ايران مرشحة للتدخل في الشان العراقي في حال تهديد مصالحها هناك، وخاصة عودة حزب البعث للحكم او سيطرة السنة المتشددين على مقاليد الحكم، او وجود تهديد على مدن كربلاء والنجف المقدسة بالنسبة للشيعة. ان تدخل ايران محفوف بمخاطر بالغة، لان انجرارها في النزاع العراقي الداخلي قد يعطي مبررات جديدة للغرب واسرائيل للقيام بعملية عسكرية ضد ايران بذريعة انتهاك القوانين الدولية، او فرض عقوبات اضافية عليها وتاجيل التوقيع على اتفاقية استخدام ايران الطاقة النووية الايرانية
ان تفاقم الوضع في العراق وتكثيف منظمة دولة العراق والشام الاسلامية لنشاطها وفشل الجيش بالتصدي لممارسات يشهد على فشل النخب السياسية بتأسيس دولة عراقية جديدة تقوم على الانتماء الوطني ونبذ الطائفية والتفرقة القومية وتنمية روح التسامح لدى العراقيين. ولذلك فان داعش جاءت ثمرة مرة للسياسات الخاطئة التي ارتكبتها الحكومة والتي ادت الى تشديد موقف أهل السنة ودخول حركتهم الى مجال النزاع المسلح.

ان هناك قوى عديدة تدعم الدولة الاسلامية في العراق والشام من بينها فصائل مسلحة تابعة حزب البعث العراقي المحظور وجماعة النقشبنديين بقيادة عزت الدوري والقاعد في باكستان.
ومن الناحية العسكرية ان نجاح هجوم داعش في العراق وتحقيقها النجاح السريع في السيطرة على مدينة موصل جاء بفضل توطئها مغ قيادات وحدات الجيش العراقي المرابطة في نينوي في اطار اتفاق مسبق بتسليم المدينة من دون قتال. لان داعش بقواها وعدادها وعدم وجود غطاء لديها ولا مدفعية ثقيلة غير قادرة على تحقيق تلك النجاحات بالسهولة التي حققتها خاصة وانها وسعت الهجوم ليمتد الى كركوك وتكريت وبغداد والبلدات المحيطة.
اثارت الاحداث في العراق والهجوم المفاجئ لدولة العراق والشام الاسلامية هلع ليس فقط بغداد بل والغرب عموما. وتجري في واشنطن اجتماعات مؤسسات القرار لوضع التدابير اللازمة للرد على تهديد المصالح الامريكية من قبل داعش، لكن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريا لكنه قد توجه ضربات جوية لمعسكرات وتجمعات المقاتلين وتقدم الاسلحة اللازمة ولكنها اشترطت كل ذلك باحياء المصالحة بين القوى السياسية وقادتها. ووفقا لبعض التقيمات فان التطورات في العراق تشهد على انهيار السياسة الامريكية ازاء العراق. كما اعربت الامم المتحدة عن القلق من التطورات في العراق.
ان تعددية القوى المشاركة في الهجوم على نينوى والمدن الاخرى، يشير الى تعددية الاهداف، فاذا كانت التيارات القريبة من القاعدة او الممثلة لها تخطط لبناء كيان اسلامي من اجزاء من العراق وسوريا، مستثمرة العلاقات التاريخية التي تربط الموصل بحلب، فان قوى سنة العراق تهدف الى التاثير الحكومة والقوى الشيعية الاخري التي تمسك بالسلطة، لكي تعيد النظر بسياستها ازاء المكون السنوي ومشاركته في تقسيم الثروات والسلطة وصناعة القرار، والكف عن سياسة اقصاء وتهميش قواه وشخصياته السياسية. ان هذه القوى تسعى الى زعزعة الوضع في العراق والسيطرة على بعض حقول النفط لتكون ورقة بيدها لتحقيق اهدافها.
ان التطورات المقبلة تعتمد على عدة عوامل داخلية منها تتمثل في شكل ادارة حكومة المالكي المواجهة مع داعش والقوى التي تدعمها وتحرير المدن التي سيطرت عليها، وعلى وجه الخوصوص مدى رغبة المالكي في تهيئة الاجواء المناسبة لاستعادة الوحدة الوطنية وبناء جسور الثقة بين القوى السياسية الفاعلة واحترام حقوق كافة مكونات العراقي، ام الاستمرار بسياسىة استئثار طرف واحد بالسلطة واقصاء النخب السياسية للمكونات الاخرى وتهميشها.
والاحتمال الاكثر واقعية يتمثل في ان الحكومة العراقية ستحجم نشاط داعش وتحصرها في المناطق المحيط بنيوى، وهذا ما يعني ان داعش ستتحول الى عامل لزعزعة الاستقرار في المنطقة ولفترة طويلة، خاصة اذا صحت القراءات الى وقوف قوى اقليمية ودولية وراء تحركاتها من اجل تقليص المد الشيعي الايراني في المنطقة.

*كاتب وباحث من العراق يقيم في موسكو
د.فالح الحمراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف