الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


20 يونيو ذكرى شهداء -الكوميرة- الأبطال

وديع السرغيني

2014 / 6 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


20 يونيو ذكرى شهداء "الكوميرة" الأبطال
هي ذكرى عزيزة تستحق منا الإحياء، بالنظر لتضحيات أبطالها الجسام من جهة، وبالنظر لما حققته، ولما يمكن اعتباره انتصارا ميدانيا للجماهير الشعبية المنتفضة، بعد أن تراجع النظام عن إجراءاته الطبقية الخطيرة التي تمثلت في زيادات صاروخية ألهبت حينها أسعار غالبية المواد الغذائية الأساسية كالزيت والسكر والدقيق والغاز..الخ
فمنذ 28 ماي 1981، تاريخ الإعلان الحكومي عن الزيادات، خرجت الجماهير الشعبية بشكل عفوي للاحتجاج في الشوارع والأسواق منددة بالسياسة الطبقية التي ينهجها النظام، والتي استهدفت بشكل مباشر قوته اليومي، في ظل أوضاع اتسمت بارتفاع وتيرة البطالة، وإغلاق المعامل، واستفحال ظاهرة الجفاف لمدة فاقت الأربع سنوات، وما تسبّبه من هجرة للمدن، واتساع أحزمة البؤس، وانتشار الجريمة والتشرد والتسول..الخ منذ 28 ماي إذن، توالت النداءات والبيانات والمناشير من مختلف القوى الديمقراطية الثورية لتحفيز الجماهير الشعبية على التظاهر، والإضراب، والانتفاض، ضدا على انصياع النظام وأجهزته التنفيذية، لمؤسسات وصناديق المال الإمبريالية، تنفيذا لما سمّي حينها بخطة "التقويم الهيكلي"، وما ارتبط بها من خوصصة وتحرير للأسعار وبطالة في صفوف الخريجين ورفع الدعم عن المواد الأساسية وضرب مجانية الخدمات..الخ
كانت 20 يونيو حصيلة لتراكمات أنجزت على الأرض، بداية بشكل عفوي وتلقائي لعبت فيه الدور الطلائعي المرأة المغربية، ربة البيت داخل الأوساط الشعبية، وسايرتها في ذلك الطلائع الشبيبية التلاميذية والطلابية عبر التأطير والتنظيم لجزء كبير من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية بكل من الرباط وفاس وسلا والبيضاء والمحمدية ومراكش..الخ لتتدخل النقابات في آخر المطاف عبر إضراب 18 يونيو الذي أعلنت عنه مركزية الاتحاد المغربي للشغل بالبيضاء/المحمدية، ثم 20 يونيو الإضراب العام الذي أعلنت عنه الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم العالي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب بشكل منسق وموحد، انخرطت فيه إلى جانب الحركة الاتحادية فعاليات الحركة الماركسية اللينينية المغربية وحركة الطلبة القاعديين والحركة التلاميذية..الخ
ومنذ الساعات الأولى لصباح يوم العشرين انطلقت المظاهرات والمسيرات بالعديد من الأحياء الشعبية في العديد من المدن المغربية، كان أهمها مظاهرات البيضاء بدرب الكبير الفداء، درب السلطان.. التي اتخذت أبعادا انتفاضية لم تنفع معها وسائل القمع الكلاسيكية.. وبعد أن أخمدت نيران التمرد والانتفاض بأغلبية المدن، تركز اهتمام القوات القمعية على مدينة البيضاء العمالية، التي لم ينفع معها سوى الاعتقال العشوائي بالجملة، وإطلاق الرصاص الحي عبر الهلكوبتير، والترهيب عبر إنزال الدبابات وعناصر الجيش لميدان المواجهات، ومداهمة البيوت والبراريك بمختلف الأحياء..الخ كانت الحصيلة ثقيلة ولم تتمكن جماهير البيضاء لحدود الآن من إحصاء شهدائها بدقة، بل لم تتمكن من معرفة مقابر الشهداء، فما زالت لحدود الآن تتردد على ألسنة بعض الهيئات الحقوقية المختصة أسماء لبعض المختفين منذ تلك اللحظة.
فهؤلاء هم شهداء "الكوميرة"، هم صناع تاريخ المغاربة، تاريخ المقاومة الشعبية، التي قاومت الدبابات بالصدور العارية، وتحدّت غطرسة نظام الاستبداد والعمالة للإمبريالية، تاريخ لم تكن انطلاقته ولا نهايته العشرين من يونيو، بل بدأ منذ انشطار المجتمع لطبقات، ومنذ تمايز مصالح هاته الطبقات، ومنذ اشتداد الصراع بين الجمهور الكادح البئيس الذي لا يملك أي شيء وبين الحفنة الطاغية المستبدة المالكة لكل شيء.
فواجبنا النضالي التذكير بهذا التاريخ، وإحياؤه عبر أشكال نضالية غير محدودة ومحددة، المهم ألاّ ننسى شهداء "الكوميرة" وهي الصيغة التي اعتبرها الجلاد "إدريس البصري" سبّة، وإذا بها تتحول لمفخرة أجبرت النظام وناطقه الرسمي الحسن الثاني، في عزّ غطرسته وجبروته أن يتقدم، من خلال الشاشة عبر خطاب انهزامي، بتنازلات فورية ومباشرة عن الزيادات في الأسعار وكان ذلك نصرا مبينا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24


.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟




.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /


.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟




.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم