الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف واشنطن حيال الوضع في العراق!

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



بات واضحاً أن موقف الادارة الأميركية، لن يكون داعماً للتدخل العسكري في العراق، أو حتى تأمين ضربات جوية تشلّ تقدم المجموعات العراقية التي تفرض طوقاً خانقاً على سلطة المالكي، وتقف على أعتاب المنطقة الخضراء.
يبدو قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما منسجماً مع تصوراته بشأن السياسة الخارجية الأميركية التي أعلن عنها في خطابه أواخر مايو / أيار الماضي، محدداً عدم ارسال جنود الولايات المتحدة للقتال من أجل أحد في أي مكان من العالم، والتزامه سياسة التوازن في القضايا الدولية، فيما تفرض الضرورة التعامل " المحدود " مع إيران.
وعلى رغم من تحريك واشنطن لحاملتي طائرات باتجاه العراق، والإقرار بإرسال 100 خبير عسكري وامني لمساندة الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، والقيام بطلعات جوية لجمع المعلومات، فإن الولايات المتحدة أوضحت ان ذلك ليس دعماً يتصل بالمالكي وحكومته، وإنما يمثّل مساندة للعراق. وفي الواقع ينطوي هذا الأمر على موقف أميركي واضح، يحمّل المالكي مسؤولية التدهور الحاصل في العراق بسبب سياسة حكومته الطائفية، وفي الوقت نفسه تدرأ واشنطن عن نفسها التورط في دعم حكم نخره الفساد والولاء لإيران ولم يستطع انجاز تقدم في التوازن السياسي والمصالحة الوطنية، التي من شأنها ان تقود العراق الى الاستقرار.
بالمقابل تتحسب واشنطن من القيام بدعم أي عمل عسكري ضد مجموعات الحراك الوطني والعشائري ضد حكومة بغداد، بما فيها الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ). هذا يفسر انها لاتريد استعداءً مباشراً اليوم مع هذه القوى، بمعنى أن لاتقوم باستهدافها عسكرياً بصورة مباشرة، خشية أن يقود ذلك إلى تهديد مباشر للولايات المتحدة ومصالحها عبر العالم، في استحضارٍ لرهابِ هجمات أيلول / سبتمبر 2001 .
تدرك واشنطن جيداً حجم التعقيدات الهائلة التي ينطوي عليها الموقف في العراق، وأي تدخل سريع غير مدروس بدقة، قد يشكل انزلاقاً لها في أتون حرب أهلية – طائفية، يحشد لها المالكي والقوى الداعمة له: ايران وحزب الله ، بما تمتلكه هذه الأطراف من خبرات طويلة في الحروب الأهلية وفي إثارة الفتن، وتجييش المجتمعات تحت سقف الطائفية والمذهبية، والتي عبر عنها المالكي ثلاث مرات، الأولى حين رأى فيما يحدث " تكراراً لهجوم أتباع يزيد على أتباع الحسين"، والثانية في دعوته للنفير العام للمدنيين على أساس مذهبي، والثالثة اتهامه السعودية، بأنها تقف وراء دعم الإرهاب في العراق.
المالكي، وحلفاؤه يستنسخون التجربة السورية، في التعامل مع انتفاضة العراقيين، من حيث الأخذ بالاتهامات ذاتها، بأنها مجموعات إرهابية، مرتبطة بالخارج، وأنها مؤامرة خارجية بأدوات داخلية عميلة، والإستناد الى دعم ايران وحزب الله، واللجوء الى الحلّ الأمني والعسكري لمواجهة التطورات.
الولايات المتحدة، وهي تأخذ بالدروس التي مرّت بها التدخلات الأميركية بدءاً من فييتنام الى أفغانستان ولبنان والعراق، ومايحدث في سورية، يمنحها القوة في اتخاذ قرار مثير للجدل بعدم حماية اتباعها في المنطقة، وهذا لم يكن وليد اليوم، لنلاحظ مواقفها من بن علي ومبارك وعلي عبدالله صالح، وهي بالقطع لن تقف الى جانب المالكي. لم تقف في السابق مع أي ديكتاتور خدم مصالحها بكل قوة، وأخضع شعبه لسطوة حكمه واستعباده، والشاه لايزال مثالاً حيّاً على الاستغناء عنهم عندما تتحرك الشعوب المقهورة.
ترى واشنطن – كما يبدو – أن رحيل المالكي - هو جزء أساسي من آليات التوصل الى حل سياسي أكد عليه اوباوما مؤخراً فعل كبار مسؤولي البيت الأبيض.
منطقة الشرق الأوسط باكملها، هي في فوهة البركان، وتقف القوى الدولية التي ساهمت في الوصول الى هذه الحالة، عاجزة عن القيام باي شئ، سوى انتظار الأحداث عما ستؤول إليه. ولاتبدو في الواقع أنها تنتهج سياسات داعمة لإسقاط الديكتاتوريات بأقل التكاليف الدموية التي تدفعها شعوب المنطقة.
تمتلك الإدارة الأميركية، من القدرات والآليات، التي تمكنها من القيام بدور فاعل وحاسم في المنطقة بعيداً عن استخدام القوة او التلويح بها، وقد نجحت في الواقع في اجبار الأسد على تسليم الترسانة الكيمياوية، وهي قادرة اليوم على منعه، من مواصل القتل والتدمير ضد السوريين، وقد خرجت الأوضاع عن السيطرة في العراق. وليس من مصلحة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، امتداد الحرب وتداخلها في المنظقة الممتدة من غزّة وجنوب لبنان، حتى افغانستان، مروراً بسوريا والعراق.
___________________
كاتب وصحفي سوري
مدير مركز الدراسات المتوسطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا