الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفضائيات والفضائيون.. إلى أين؟

رفعت السعيد

2014 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


مصر تقلب صفحة الماضى لتبدأ حاضراً يليق بها. فتتغير فيها سمات وممارسات ووسائل لم يعد مسموحاً لها بالبقاء. وهنا يثور سؤال عن فضائيات تكاثرت كالبكتريا المعدية وانتهزت زمن المعارك المنفلتة والمفتعلة، وحتى الجماعة الإرهابية التى فرض وجودها وجود قنوات تقتات الفكر المتطرف بما فرض معارك ضدها وضد إرهابها أصبحت تتلاشى ليصبح شعار «الضرب فى الميت حرام» ملائماً.


ويحتاج الأمر من الفضائيين أن يبحثوا عن جديد كى لا يتركوا أنفسهم للانقراض، وأقول لأصدقائى منهم وهم كثيرون انتهى زمن الصراخ والصوت العالى والمفردات الغليظة والزبائن المتحدثين فيما لا يعرفون، ومن يمكن تسميتهم مرتزقة الفضائيات، ولم يعد محتملاً أن يقوم مساعدو الإعداد بالتسخين المسبق لطرفى الحوار فما أن يبدأ الحوار حتى يتناطح الطرفان بهمجية لم تعرفها مصر من قبل، وألفاظ لا يليق أن تنطلق إلى آذان أسر محترمة تضم أطفالاً تعلمونهم أن قاموس الحوار وأسلوبه هو هكذا، فنربى جيلاً لا يغفر الاختلاف فى الرأى ولا يسمح به. وانتهى زمن كائنات قمتم باختراعها مثل «الناشط السياسى» وأنا لم أعرف كلمة اخترعت منذ 25 يناير أسوأ منها فهى تعتبر النضال مهنة وصاحبها مرتزقاً ويمكن أن تصبح «صايع» سياسى يتاجر بعباراته غير البليغة وتحليلاته التى تقطر غباء ولا تنجح محاولات الصراخ فى جعلها وسيلة إيضاح، وتعبير آخر اخترع حديثاً هو «الخبير الاستراتيجى» ففى غمار المنافسة الإعلانية بين الفضائيات تسلل عشرات يحملون هذا اللقب الذى يفترض أنه شديد الاحترام،



ويبدو أن سادة الفضائيات لا يعرفون معنى كلمة «الاستراتيجية»، فلما زهقت من فرط الإسفاف فى استخدامها عدت إلى قاموس أكسفورد فوجدت «الاستراتيجية هى فن الحرب- وعلم تحريك القوات فى ميدان القتال» ثم إن «الاستراتيجية» بمعناها «الطويل المدى» تصلح فى كل المجالات كاستراتيجية تطوير التعليم.. أو الصحة إلخ. فإن فحصنا حالة هؤلاء المدعين لم نجد سوى اثنين فقط يفهمان فى هذا الأمر ويقولون ما يستحق الاستماع إليه أما الآخرون فهم كما يقولون فى شارع محمد على«لابسين مزيكة» لكنهم لا يعرفون العزف. وقد آن لهذه المهن جميعاً أن تختفى فالزمان تغير والفضائيات تحتاج أن تتغير. تماماً كما تغير بنا الزمان فاختفت الطرابيش وصناعها والقباقيب ومستخدميها، وحذار أن تأتوا مرة أخرى إلى برامجكم بهذين الصنفين. وحذار أكثر من اللجاج وصراعات الثيران التى تشعلونها فى برامجكم وتعتبرونها معياراً لنجاحكم، ناسين الأثر السلبى السياسى والأخلاقى والنفسى لهذه الصراعات المخجلة التى نقلتها فضائيات عديدة بما دفع عديداً من الأسر لاستخدام الريموت كنترول كأداة شطب حفاظاً على الأولاد. ولعلكم يا إخوتى الفضائيين لا يسركم أن تعرفوا أن كثيراً من الأطباء النفسيين كانوا يداوون مرضاهم المكتئبين بروشته عدم الاستماع إلى برامج «التوك شو».



ولعل الكثيرين الذى انساقوا فى المماثلة لا يعرفون أن مخترع مثل هذه الصراعات التليفزيونية والمفردات غير الأخلاقية وأساليب إشعال الصراخ والشتائم فى البرامج وتسخينها هو صاحب برنامج «الاتجاه المعاكس» فى قناة الجزيرة وها نحن نترك لهذه القناة ما حققته من انتشار ولا نقلدها ألا فى أسوأ ما ابتكرته. ولعل آخر أسوأ مثال لأسلوب إشعال نيران المشاعر كان مساء اليوم الأول من الانتخاب الرئاسى فقد ارتدت أغلب الفضائيات ثياب الحداد وسادها صراخ متشنج يزعم أن الطوابير قليلة وكأننا نتعامل طوابير أمام جمعية تبيع فراخ. مفيش طوابير يبقى مفيش فراخ.



وهذا الصراخ المتشنج والأحمق منح الأعداء القدرة على الادعاء بأن التزوير بدأ فى اليوم الثالث بعد اختفاء الطوابير فى اليومين الأولين، ثم ثبت كذب وحماقة التوقعات وأن الحضور كان فى اليوم كثيفاً.. وكان صراخهم المصطنع وقوداً للأعداء. والآن هل آن لكم البحث عن نسق جديد لبرامج «التوك شو» فتكون الحوارات مفيدة بين من يعرفون ويتبادلون الرأى باحترام وأخلاق أم أن البحث عن الأخلاق أصبح صعباً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
عبدالغني زيدان ( 2014 / 6 / 21 - 13:07 )
اولا نقدك لهذه الفضائيات مهني وهذا اعلاء لشأنها لانها بالفعل كانت تشبيح وبلطجة وزبائنها منها وفيها وصدقا اضحكتني وبررت بطريقة اسوا منها كيف ان اخر يوم في الانتخابات كان كثيفا ولم تكن هنالك عملية تزوير
بالتاكيد ان هذه القنوات هي من ستتحكم بواقع مصر والشخصيات فالعقود وقعت واصحابها لهم مصالح شخصية واغلبها هي استنزاف الموارد المصرية او مناصب فاذا لم ياخذوا ما يريدون سيعملون العمايل السوداء حتى يحصوا على ما يريدون
المنهجية المتبعة في الاعلام المصري يسيىء لمصر بشكل فضيع وحضرتك ونقدك هذا يدل على ان الالعام اذا لم يلجم بمنهجية صحيحة رح يخرب بيتنا من جديد وانا اتفق معك في هذا ولكنني الحق اقول لن تستطيعوا ان تسيطروا على هذه العبثية الاعلامية الممنهجة

اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب