الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(اللايك) في مواقع التواصل الإجتماعي........ذوق وأخلاق ,أم تملق ونفاق.

صباح راهي العبود

2014 / 6 / 21
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر


مفهوم الكرم لدى عامة الناس يتحدد بالجود بالمال والطعام ,فالكريم عندهم هو من يمنح للآخرين ما يحتاجونه من عطاء يعتقد بأنهم بأشد الحاجة إليه منه ,فهو يجوع ويعطش ليُشبع ويروي سواه. وليس بالضرورة أن تصب هذه التصرفات بالفائدة عليه بل على غيره حسب ,الى جانب ما يعنيه هذا من حسن الأخلاق والإيثار .وقد إشتهر حاتم الطائي كواحد من كرام العرب وأصبح رمزاً شعرياً بهذا المعنى المحدود للكرم.
أما البخل فهو عكس الكرم ,إذ يُعد من أخس الصفات التي يحملها الفرد لتجعله مرفوضاً إجتماعياً ومنفور منه ومذموم, فهو بطبعه هذا يزرع الكراهية في القلوب ويهدم الروابط الإجتماعية , كما أنه من أهم عوامل الإنفصال بين الأزواج ,والقصص التي تدور حول هذا الموضوع كثيرة ولا حصر لها ومعروفة لدى الجميع. والبخيل بطبعه السيء هذا لا يفلح في كسب طاعة الآخرين وإحترامهم وتقديرهم بما فيهم الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء إن كان لديه أصدقاء يحتفظ بهم. وهو ببخله يحطم كل العلاقات الإنسانية النبيلة.وللعلم فإن صفات الكرم والسخاء تُعزى من قبل العلماء الى (جين) معين يجعل حامله سخياً أي إنه ليس نتاجاً لسلوكيات مكتسبة بل هو حاصل بفعل عامل موروث .وصفة الكرم هذه عامل مهم لحماية حاملها من التعرض للأمراض المزمنة ويعمل على إطالة عمره وعلى العكس من البخيل هذا ما يؤكده ذوو الشأن.
إن الكلام الطيب كرم,والكف عن ذكر عيوب الناس وعدم التشهير بهم أو ذكر عوراتهم يُعد كرماً أيضاً يصب في عدم تسبب الحرج للناس ,وهو يعني فيما يعني السماح واللين وعدم التعصب للرأي والتسامح والصدق والوفاء وحسن الخلق وإنبساط الوجه وأداء الأمانة ,وصلة الرحم والحلم والأناة والتواضع والنضج وحفظ اللسان من الغيبة والنميمة , إذ كلها تصب في موضوع الكرم ومكارم الأخلاق.
والحديث عن البخل والكرم يقود الى مسألة يشكو منها كثير من رواد (الفيسبك) وأمثاله من مواقع التواصل الإجتماعي ,ومبعث هذه الشكوى هو قلة ما يؤشر عندهم من (لايكات) وتعليقات على منشور ينشر على حائطهم بالرغم مما يملكونه من عدد كبير من الأصدقاء لا بل المئات في أحيان كثيرة.فقد يؤشر عندهم عدد من (لايكات) وإشارات الإعجاب أو المشاركة لا يتعدى عدد أصابع الكف الواحدة مما يزعج صاحب المنشور ويفكر ملياً في إلغاء صداقة كل من لا يبدي إهتماماً أو تفاعلاً متكرراً متواصلاً على ما ينشره على الرغم من أهمية هذه المنشورات وإحتوائها على مواضيع ثقافية ذات قيمة كبيرة. أو ربما بث شريط فديو يصور أحداثاً نادرة وخطيرة ومثيرة ومعارف مفيدة ,في حين نجدهم يسارعون بالمشاركة والتعليق على نشر صورة شخصية لأحدهم أو إحداهن تتكرر يومياً وبهدف سايكولوجي وبأوضاع مختلفة للحصول على إشارات الإعجاب والمديح من نوع (منور, نورت الفيسبك, هيبة,والنعم .....) مما يشبع روح النرجسية التي يروم إليها صاحب الصورة . وربما تكون إشارات الإعجاب لصورة خلاعية أو لخبر يراد به التشهير بالآخرين ونشر أسرارهم وبعض من أخطاء إرتكبوها حتى وإن كانت دون عمد , أو لقيام بعضهم بنشر ممارسة لا يريد صاحبها لأحد الإطلاع عليها بإعتبارها أمر شخصي بحت مسجلة على شريط فديومسروق ثم يبث على هذه المواقع فيهرع الآخرون للتعليقات السمجة واللايكات .وقد يتعدى الأمر الى جريمة المساهمة في ترويج الفكر الطائفي أو الشوفيني المقيتين واللذان يكرسان الفرقة والعداء والكراهية بين الناس لكنه يتحاشى التعليق على أمور إنسانية تشيع المحبة بينهم. وهناك من ينشر تعليقات خطيرة تحمل بين طياتها أكاذيب وتلفيقات ومبالغات وإشاعات ما أنزل ألله بها من سلطان لتنتشر بأسرع من البرق وتفعل فعلتها الخطيرة في المجتمع.وأن دل هذا على شيء فإنما يدل على قلة الوعي وضعف الثقافة لدى هؤلاء وأمثالهم. لقد أصبح السعي لزيادة عدد المعجبين والمشاركين والحصول على (اللايكات) والتعليقات وسيلة من وسائل التسويق عبر هذه المواقع الإلكترونية ولغرض الشهرة والوجاهة الإجتماعية ,وأحياناً لغرض المجاملات ,لا بل أن البعض يسلك كل السبل للحصول على ذلك ,لكنه في الوقت نفسه يتعمد عدم وضع (لايك) واحد على أي حائط لصديق ,وهذا بحد ذاته ينظوي تحت ممارسات البخل إن لم يكن من باب التكبر والعنجهية والإستنكاف على الرغم من أهمية المنشور وما يحمله من قيم معرفية عالية ,فمثل هؤلاء لا يملكون من الكرم شيئاً ,فهم سيئوا الطباع يعكسون بتصرفهم هذا صفات الأنانية والأثرة والبخل وقلة الذوق,وهم يسعون في الوقت نفسه وبكل ما يملكونه من وسائل الجذب للآخرين بغية قراءة منشورهم أو متابعة شريط فديو ينشرونه مع وضع مقدمات وإشارات وعبارات مثيرة لغرض الجذب من أمثال ( لا تفوتكم مشاهدته, مهم جداً, خطير جداً, إقرأه قبل أن يلغيه الرقيب,......وغير ذلك.) .فإذا كان حصولك على الإعجاب والتعليق يدخل في نفسك السعادة ويبعث النشوة والفخر والإعتزاز والثقة بالنفس ,ويدل على أهميتك الإجتماعية ورفعتك, فما بالك لا تعمل ذلك الأمرنفسه مع الآخرين ؟.كما أن وضع كلمة أعجبني بحد ذاتها فكرة ممتازة ورائعة رغم بساطتها ,وهي لا تكلف من يؤديها أي جهد يذكر سوى الضغط على زر أعجبني (لايك) التي تحمل بين طياتها معان كثيرة , وإن إهمالها مع الأصدقاء ما هو إلا ممارسة وقحة للبخل.
وأخيراً لا بد لنا من أن نسأل عما يعنيه وجود 500 صديق لك مثلاً على الفيسبك ,في حين أن عدد (لايكات) المشاركة لا يتجاوز الثلاثة, ولا يوجد أي تعليق على الرغم من أهمية ما نشرته وما يحمله من ثقافة ورقي ؟. ثم ما الداعي من طلبات الصداقة اليومية التي ترد من أناس لا يعنيهم ما تنشره ولا يحرك فيهم ساكناً ؟ فإن كان في ذلك دلالة فهو ليس أقل من دلالة البخل وغياب صفة الكرم عن هؤلاء حتى ولو بإشارة صغيرة تدل على المرور . وفي لحظة ما يشعر المرء بعدم الحاجة لمثل هذه ( الصداقات) ويحق له إلغاء تلك العلاقات غير الحميمة والتي وُلدت ميتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| استمرار معاناة الحصول على الأدوية بالتزامن مع


.. يا رب ننجح .. فرحة طلاب الشهادة الإعدادية بالبحيرة بعد أداء




.. ما حجم انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية؟


.. -قرطاج يجب تدميرها-.. مؤسس فيسبوك يثير غضب التونسيين بسبب عب




.. رجل أعمال فرنسي يسافر إلى الفضاء لتحقيق حلم الطفولة