الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمار القرية و حمار المدينة

ابراهيم فيلالي

2014 / 6 / 21
الادب والفن


إذا كنت قد اشتغلت في الميدان الصحفي لمدة معينة من 2004 تاريخ تأسيسي لجريدة
"هنا و الآن" و منه إلى الكتابة في مواقع معينة ، كالحوار المتمدن باللغة العربية و مواقع الكترونية أخرى بالفرنسية ، ثم كمراسل لجرائد الكترونية ، كالأحداث الرقمية التي تصدرها الأكاديمية الدولية للصحافة و الإعلام ... قلت إذا كنت قد اشتغلت هذه المدة دون أن أكون خريج هذا المعهد أو ذاك ، فإنني قبل كل شيء إنسان و فرد في هذا المجتمع من حقه أن يعبر عن رأيه كما يشاء . فبهذا المنطق دخلت عالم الصحافة و بهذا المنطق أيضا لا أعتبر نفسي صحفيا إلا من زاوية واحدة هي أنني أعتبر القدرة على التعبير عن الرأي عمل صحفي . فليس كل من حصل أو اشترى ديبلوما في مكان ما صحفيا فقط لأنه يحمل الديبلوم، بالرغم من فداحة الأخطاء التي يرتكبها ، سواء من حيث اللغة أو المعنى...
ولوجي إلى عالم الصحافة أتى أيضا بحكم أن قضايا الإنسان هي موضوع الإعلام . و مادامت المعلومة هي الموضوع المباشر له ، فهذه الأخيرة لا تكون في أغلب الأحيان غير معلومة تتعلق بالإنسان، فردا و جماعة و شعوبا. على هذا الأساس، فالأحداث و الوقائع و الظواهر الاجتماعية لا يمكن أن تقع خارج المجتمع الإنساني. هنا تتقاطع الصحافة مع العلوم الإنسانية و الاجتماعية. فأنا أتيت من السوسيولوجيا إلى الصحافة و أفهمها على أساس علوم الإنسان.
حين نقدم خبرا أو نقوم بتحقيق أو بروبورتاج أو بتقرير أو نعلق على حدث معين ... فإننا نستعمل في الأصل تقنيات و مناهج العلوم الإنسانية. لأننا لا نطرح سؤالا في حوار أو استجواب إلا إذا بنيناه على معرفتنا و تحكمنا في الوضعية ، بغرض إيصال طرح ما أو نظرية ما أو فكر ما لعموم الناس ، دون أن يكون القارئ متخصصا في ميدان المستجوب.
يحتاج الصحفي كي يكون كذلك إلى تكوين متين و ثقافة واسعة، كي لا يتحول إلى مجرد تقني يعمل ميكانيكيا و بسذاجة تشوه المادة المقدمة.
و لكن، هل هناك صحافة مستقلة ؟ و هل هناك حرية التعبير؟
أعتقد أن الحديث عن استقلالية الصحافة و حرية التعبير في هذه المجتمعات المتخلفة وهم كجميع الأوهام الأخرى.
لهذا، فلكل حماره يركب عليه وقتما شاء.
في القرية حمار حقيقي نستغله في حمل الأثقال من الصباح حتى الصباح. هذا الركوب واضح.
و في المدينة حمار نركب عليه. غير أنه يختلف عن حمار القرية كون الأول غير حقيقي، لا يرى . قد يكون وضعا أو ظرفا أو كلمة أو قضية.
حمار القرية يركب عليه الفلاح البسيط و لا يحتاج للف و الدوران و التبرير و الديماغوجيا. هو وسيلة لكسب العيش ببساطة. أما حمار المدينة فيركب عليه المثقف و السياسي و ما جاورهما من أجل الوصول إلى غاية محددة، قد تكون سياسية أو مهنية أو ربحية .
النتيجة هي أن لكل حماره و لكل غايته. فهذا حمار يحتاج للشعير و ذاك حمار يحتاج للكلمة، لكثير من الكلام كي ندغدغ و نشحن و نؤطر و نوجه و نركب، كي نحقق ما نريد و ما رسمناه سلفا. فالكلام مثل : غياب الإرادة السياسية و عدم الوفاء بالوعود و التنكر لها و استعمال المال الوسخ في الدعاية ، كأن هناك مال نظيف، الخ.
كل هذه التعابير و غيرها تعطي الدليل الملموس لوجود الحمار الذي ذكرناه.
في هذه المجتمعات، لدينا حمار ملموس و حمار مجرد. لهذا لا نستغرب حين نجد الترحال السياسي مثلا، من حزب إلى آخر و من موقف إلى أخر و من إيديولوجيا إلى أخرى.
يركب الفلاح على الحمار حتى يتعب فيبيعه ليشتري آخر. و يركب المثقف على منبر ما أو موقف ما أو قضية ما و حين لا يتحقق له ما يريد، يرحل في اتجاه قد يكون نقيض ما كان يركب عليه. و هكذا لا يرى العيب في ذلك لأن ما يحدد ممارسته لا يوجد داخل الوسيلة التي يركب عليها، بل هي مجرد وسيلة، جسر للعبور فقط. و العلاقة الرابطة بينه و بين ذاك المنبر أو القضية ... ليست علاقة مبدئية مبنية على قناعة و قيم. بل ، هي علاقة انتهازية و وصولية ، ليس إلا.
حمار القرية لديه اصطبل و حمار المدينة يوجد في المقرات المكيفة و المجهزة بأحدث الوسائل.
فمتى نتحرر من ثقافة الركوب؟؟؟
و متى نخرج من المستنقعات؟؟؟
و متى نرى الإنسان قضية لا حدود لها، قبلية أو اثنية أو وطنية أو تنظيمية كانت ؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا