الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة وحدة وطنية .. بشراكة حقيقية سنية – شيعية...،،،

علي الأسدي

2014 / 6 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


الطلب الذي قدمه رئيس الوزراء نوري المالكي للأمريكيين بدعم جوي عسكري محدود لوقف تقدم هجوم داعش صوب بغداد لم يرفض كما ذكرته صحيفة الاندبيندينت البريطانية يوم الخميس 19 حزيران - يونيو الجاري ، وانما جاء مشروطا بتنحي المالكي عن السلطة. ويأتي هذا الرد غير المتوقع منسجما مع الرغبة السعودية الي سعت خلال السنين العشرة الماضية للضغط على الأمريكيين بسحب دعمهم لحكومة المالكي ولأنهم لم يستجيبوا لطلبهم فقد مولوا ودعموا المنظمات التكفيرية لتكبيد العراقيين الشيعة أكبر ما يمكن من الضحايا. الموافقة الأمريكية المشروطة جاءت برغم ان الولايات المتحدة ملزمة بالدفاع عن العراق في حالة تعرضه لعدوان خارجي وفق مذكرة التفاهم التي تم التوصل اليها مع الادارة الامريكية في عام 2011 عشية انسحاب القوات الأمريكية من العراق.

وهذا ما توقعناه يوم وقع ذلك الاتفاق فالذين حلوا الجيش العراقي وتدمير أسلحته جميعها أرادوا للعراق أن يبقى دون جيش قوي قادر على الدفاع عن شعبه وان يكون معتمدا عليهم وهذا ما يحصل الآن. فالأمريكيون ليس فقط لم يستجيبوا لطلب نوري المالكي ، بل طالبوه بالتنحي عن السلطة وهذا بالضبط ما أعلنته داعش في البيان الأول الذي أصدرته عند بداية احتلالها الموصل. ويؤكد هذا صحة الشكوك العراقية بأن داعش صناعة أمريكية وان عمليتهم الأخيرة في شمال العراق قد تمت بالتنسيق مع السعوديين والاتراك والأمريكيين. واذا كان بين العراقيين من يعتقد أن الأمريكيين قد انتصروا لهم بعد الاطاحة بالنظام السابق عليهم اعادة النظر بحساباتهم السابقة وانه لا يمكن الثقة بالتعهدات الأمريكية لأن ما يهم الأمريكيون ليس حماية ارواح مواطني العراق من وحوش داعش أو غيرهم ، بل رؤية حكومة عميلة تخدم مصالحهم في بلدنا والمنطقة بصرف النظر عن كونها بزعامة شيعية أو سنية أو كردية.

وما توجه وزير الخارجية جون كيري الى بغداد خلال اليومين القادمين الا ليبلغ المالكي شخصيا بالموقف الرسمي لحكومته به ، وكان قد كرس الأيام الأخيرة من نشاطه للاحاطة احاطة مرضية بالحالة العراقية وموقف حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وكان هذا وراء زيارته لبيروت في وقت سابق من هذا الشهر بداية سيطرة داعش على الموصل. واذا لم أخطئ التقدير فانه يحمل قائمة باسماء ممثلي القوى السنية التي اقترحها الخليجيون وخاصة السعودية لمشاركتهم في الحكومة العراقية القادمة بمافيهم طارق الهاشمي وغيره من اللاجئين في تركيا والسعودية وكردستان.

الموقف الأمريكي هذا عبر عنه الرئيس أوباما بوضوح بعد حواره مع ممثلي مجلسي الكونغرس الذين كانوا أول من بادر الى ضرورة " تقاعد المالكي " وقد نوه عن ذلك أكثر من مرة مؤكدا انه ليس هناك حلا عسكريا للأزمة السياسية وان الحل يكمن بحكومة عراقية جامعة لكل ممثلي القوى العراقية وان الولايات المتحدة ليست في موقع يخولها اختيار قادة العراق وهي اشارة بأنهم يمكن أن يفعلوا ذلك.

ومن الصراحة القول ان من أوصل العراق الى هذه الأزمة هو احتكار السلطة السياسية من قبل الدائرة الضيقة المكونة من المالكي وبعض قادة حزبه انطلاقا من موقف أناني ذاتي خاطئ بأنه أفضل من يحكم العراق ، فمثل هذا الشعور هو الذي قاد الى الخراب الذي نحن فيه الآن بعد ديكتاتورية القائد الضرورة. ما يشعرنا بالقلق في الحالة العراقية الراهنة هو اصرار السيد نوري المالكي بأحقيته في ولاية رئاسية ثالثة رغم معارضة أغلب القوى السياسية. حب السلطة واقناع الذات بقدرات غير موجودة الا فيه هو شعورغير مقبول حتى لو لم ينطبق هذا القول على السيد المالكي. محاولاته السابقة كنموذج لكسب التأييد وتشكيل ائتلاف يمكنه من تمرير ولايته الثالثة لن تنجح الآن. فميزان القوى السياسية قد تغير في غير صالحه وبناء على ذلك عليه اعلان انسحابه والجلوس في الظل في مجلس النواب أو خارجه.

لقد استنفذ السيد المالكي الفرصة التي منحت له واذا كان قد حقق نجاحا في خلال ولايته الأولى بقضائه على العنف الطائفي في عام 2006 فلم ينجح في مهامه بعد ذلك وانتقل بالعراق من فشل الى فشل ضاعت بسببها فرصا كثيرة غير قابلة للتعويض. والآن يتطلع شعبنا الى حكومة وطنية جديدة تضع مهمة بناء الوحدة الوطنية العراقية في مقدمة أولوياتها كشرط لوقف الاحتقان الطائفي ووضع حد للقتل اليومي للمواطنين الأبرياء. واذا ما نجحنا في ذلك فان الطريق يكون ممهدا للمباشرة باعادة بناء العراق عبر سياسة اقتصادية ترمي لتحقيق التنمية الاقتصادية المؤجلة للعام العاشر على التوالي.

الأمل معقود على وحدة الشعب العراقي بشيعته وسنته وتصميمه على الدفاع عن وطنه ومدنه وقراه وتراثه التاريخي ضد القوى السوداء داعش وأخواتها وهي كما يعرف العالم مجموعة من القتلة التي تعادي كل الاديان والثقافات والمقدسات. واذا كانت الحكومة قد طلبت من الأمريكيين مساعدة عسكرية داعمة للجيش والقوى الأمنية فلأن لناعلى الأمريكيين دين باهض حان موعد سداده. فلو لم يقم الأمريكيون باحتلال العراق عام 2003وتدمير الجيش العراقي وقواه الأمنية لما احتاج العراق لأي مساعدة أمريكية ، لهذا فان استجابتهم هي جزء من مسئوليتهم الأخلاقية والدولية لدعم العراق في حربه الحالية مع الارهاب لكنهم يرفضون ذلك.

المهمة الملحة للقوى الوطنية وقوى العمل العراقية الواعية هو تحويل المعركة الطائفية الجارية الآن في العراق الى معركة طبقية ووطنية ضد الفساد والفاسدين والمستغلين بصرف النظر عن أصولهم الطائفية والاثنية. ليس مهما من يكون رئيس الوزراء شيعيا أو غير شيعي مسلما أو غير مسلم فهذا لا يعني شيئا للجياع والمحرومين والمهمشين ، انما الذي يعنيهم هو ضمان حياة كريمة لهم ولأطفالهم ولتكن الحكومة من تكون. الحكومة الحالية في برج عاجي تنظر للشعب من علو واستخفاف وهي مسئولة عما يجري اليوم من هدر المال العام الذي وضع العراق في قائمة أكثر الدول فسادا وأقلها جهدا لمعالجته. حكومة ليس لها من المبررات لتسعى لولاية ثالثة.

التجربة التي عاشها العراقيون خلال السنين العشرة الماضية أثبتت أن العصبية القبلية أوالطائفية أو القومية أو الدينية لا تحل مشاكل العراق الاقتصادية والاجتماعية ومثال ذلك الحكومة العراقية في بغداد وأربيل. ان مصلحة العراقيين تكمن في تجاوزهم الهوية الطائفية والاثنية الى ماهو أوسع وأقوى وهي الهوية العراقية وبفضل ذلك فقط ننتصر ونتقدم. الرفض الأمريكي للدفاع عن العراق يجب أن يكون حافزا لأي حكومة عراقية قادمة لتغيير التحالفات الوطنية الداخلية بين السنة والشيعة العراقيين أساسها شراكة حقيقية لاعادة بناء العراق اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بالاعتماد على تحالف خارجي عماده العلاقة الوطيدة مع روسيا والصين الشعبية.
علي الأسدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج