الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الشيعة

محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)

2014 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان التجييش الكبير الذي ظهر به شيعة العراق استجابة لفتوى مرجعيتهم الدينية قد نجح في إيصال الرسالة التي كان يراد له ايصالها الى العرب السنة ليس في العراق فقط بل تعداها الى امتدادهم القومي والمذهبي المتمثل في اغلب الدول العربية والتي ظلت، ومنذ سقوط صدام والى الآن تنظر الى صعود شيعة العراق الى واجهة السلطة في بلدهم على انها حالة نشاز وغير مقبولة ولابد من العمل على استرداد الواجهة المفقودة لاصحابها التقليديين رغم المشاكل التي كانت تمثلها الواجهة العراقية التقليدية لعدد غير قليل من الدول العربية.
ويتجلى هذا النجاح في الانكماش والتراجع الذي بات يعانيه الحراك السني الأخطر منذ نيسان 2003 والمتمثل في حركة التمرد المسلح الذي تشهده مناطق سنية عدة كاشفة عن النوايا الكامنة في المناطق السنية الحالمة باستلام الزمام العراقي مجددا، والذي يبدو انه قد تجاوز مجرد كونه حلم لدى السياسيين السنة الى هيمنته على مساحات غير قليلة من الجمهور السني والتي باتت مقتنعة ان الديموقراطية ليست خيارها في اخراج حلمها الى العلن فعاودت لعبة العالم الثالث القديمة والمتمثلة في الاستيلاء على الحكم عبر السلاح والمؤامرات العسكرية، مخرجة بذلك الجيش من كونه سور للوطن والشعب الى تحويله لاداة لفرض إرادة من يدفع اكثر لشراء ذمم قادته.
معروف ان لشيعة العراق، كما لسنته مشاكل مع الحكومة الحالية بزعامة المالكي وان أطرافا غير قليلة في المشهد الشيعي، السياسي منه اوالمجتمعي، لا ترغب بوجوده في السلطة. غير ان ما ينبغي الالتفات اليه ان عدم الرغبة هذا، وفي ظل ما يعانيه العراق من انقسام مجتمعي خطير مصحوبا بفقدان الثقة بين المكونين العربيين الأبرز فيه (الشيعي والسني)، ينظر اليه في الغالب على انه شأن شيعي داخلي لايحبذ للآخرين التدخل فيه، وفيما اذا ما تدخل طرف من خارج الشيعة في هذا الامر فان عليه ان يطلب ذلك منهم بأدب لا ان يفرضه فرضا لانه عند ذلك يكون قد دخل، وادخلهم معه، حلبة لي الذراع التي لا يحتملها المزاج السياسي الشرق اوسطي عموما.
لقد اخطأ الماسكون بخيوط الاحداث الأخيرة في المنطقة السنية من العراق، سواء من العراقيين او من غيرهم، في قراءة الواقع الشيعي العراقي ونوعية المعادلات التي باتت تسيّره وطبيعة ردود فعله تجاه محاولات اجلاسه القرفصاء ثانية.
لقد كانت رسالة الجماهير الشيعية واضحة وبسيطة وملخصها انه لا مجال لفرض إرادة أي مكون من المكونات الأخرى على المشهد السياسي بالقوة او باي وسيلة غير الوسائل الديموقراطية، والتي تضمن بدورها هيمنة الشيعة على السلطة في العراق ومحورية وجودهم في الخارطة السياسية للبلد، وان كل من يحاول ذلك او يسعى اليه فانما يلعب بالنار. كما تفيد رسالة الشيعة للآخرين ان مشاكلهم مع المالكي لا تعني ولا تستدعي مطلقا تنازلهم عن مكاسبهم السياسية في العراق الديموقراطي وان الوقت لم يحن بعد لدخول غيرهم من شركائهم في الوطن على خط صراعهم السياسي فيما بينهم على مستحقاتهم في رئاسة الوزراء والقوات المسلحة تحديدا.
وعلى العموم فان مواقف الجانبين، الشيعي والسني، تكشف عن مدى تعاظم الازمة الاجتماعية في العراق ومدى الشرخ والانقسام المجتمعي فيه والذي تمكنت الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة من التستر عليه عبر قهر المكونات وفضحته ديموقراطية اليوم.
هذه الازمة تستدعي من الحكماء في الجانبين العمل على إعادة انتاج عقد اجتماعي جديد من شأنه ان يعيد صياغة الانسجام والاندماج المجتمعي وطرح سبل ووسائل تحقيقه بين مكونات الشعب العراقي فيما لو كان القرار النهائي هو بقاء العراقيين في بلد واحد. او، وفيما لو كان القرار النهائي تقسيم العراق على أساس طائفي، فانها تستدعي ان يتبنى هؤلاء الحكماء وسائل تنفيذ ذلك بشكل سلمي وسلس يضمن الهدوء والاستقرار للاخوة المصرين الى اليوم على ارخاص انفسهم ودمائهم دون مقابل معقول.
وحتى يأتي اليوم الذي يتمكن فيه حكماء الجانبين من قيادة مجتمعاتهم فان اخطاءا أخرى لاتزال في طريقها للعراق يكون ضحيتها الجماهير التي ما عادت تهتم لحجم خسارتها لان الحسابات الى الآن ليست حسابات ربح و خسارة وانما هي حسابات اثبات وجود وهيمنة مصيرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -وول ستريت جورنال-: حظر تطبيق -تيك توك- يمكن أن يضر بمصلحة ا


.. شركة “أوبن إيه آي” تعلن عن تحديث جديد من“تشات جي بي تي”| #غر




.. حزب الله: نفذنا 7 هجمات ضد أهداف إسرائيلية قبالة الحدود الجن


.. كلية بريطانية تتخذ موقفا من حرب إسرائيل على غزة.. هل تؤتي ال




.. السيناتور فان هولين: فشل الإدارة الأمريكية في اتهام إسرائيل