الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعشيات

ياسين خضراوي
كاتب وخبير لغوي تونسي

2014 / 6 / 22
كتابات ساخرة


داعشيات

الساعة تشير إلى الخامسة صباحا ، عصافير الصباح بدأت تخرج مزقزقة لتعلن طلوع يوم جديد و النسائم الباردة تداعب الأزهار و الأشجار . كل شيء يبدو مثاليا ليوم مشمس جميل و مليء بالحياة و السلام .
ليس ببعيد عن هذا الإطار الجميل ، يرن المنبه بقوة جنب فراش "الطفل حمزة" ذو الثمانية عشر ربيعا أو لنقل "الطفل أبو حمزة الأنصاري" كما يلقبه ثلة من الرعاع ... فتح الفتى عينه و فركهما في تؤدة، نظر حوله و إلى جسمه و وتنفس الصعداء أنه مازال على قيد الحياة لأربع و عشرين ساعة أخرى . نهض من فراشه البالي و طبعا ليس بحاجة لتغيير ملابسة أو حذائه فتلك البدلة العسكرية التي أخذها من جثة جندي شريف بعد أن مزق أعضاءه تلازمه أكثر من أسبوع ، بل و جورباه يكادان يلتصقان برجله من شده ذوبانهما مع اللحم . ابتعد بضع مترات عن الكوخ و هم بالبراز. ماهي إلا دقيقة أو أقل و سمع صوتا ينادي إلى الصلاة فاصطف مع "زملائه" وشرعوا يصلون و يدعون على الكفار و يطلبون نصرة من الله في يومهم الجديد ، نصرة على إخوانهم ، بني ملتهم ، أو ربما فيهم كثيرا من بني عمهم لحمهم و دمهم. المهم ، أمرهم أمير الفرقة ذلك "الشاب" الذي لا يتجاوز سنه الخامسة و العشرين و لكن نصبوه و بايعوه أميرا لهم لحنكته في قتال المسلمين و خبرته في التنكيل بجثث إخوانه ، طبعا دون الحديث عن رصيده من إزهاق الأرواح البشرية التي لا تعد و لا تحصى. انطلقت الفرقة وسط أهازيج من التهليل و التكبير و الوعيد بالويل لكل من وجدوه من بني عمهم و من بينهم ذلك "الطفل حمزة" الذي يعد أصغرهم يهتف و يكبر و عيناه تلمعان و تبرقان فرحا و رباطة جأش .
ماذا أنت فاعل يا صغيري ؟ و من فعل بك هذا ؟ لقد غسلوا دماغك من كل شيء حي و جميل ، غسلوه من الذكريات الجميلة و من أحلام الطفولة ، اجتثوا منه الأمل و الطموح ، قطعوا عنه الحياة و الإرادة و السلم و زرعوا الحقد و الكراهية و العهر الفكري ، وضعوا فيه الموت و الدماء و برمجوه على القتل و النحر دون شفقة أو رحمة . لقد كذبوا عليك يا بني عندما وعدوك بحور العين اللواتي ينتظرنك ، غالطوك عندما قالو لك حارب الكفر و الطواغيت و اقتل و اسفك الدماء لتنال جنة الخلد.
ما هي إلا سويعات ووصلوا إلى المكان الحدودي حيث كانت فرقة من الحرس و الجيش تقوم بدوريه روتينية . ترصدوا بهم للحظات و أخذوهم على حين غفلة ، فتحوا عليهم وابلا من الرصاص كأمطار شهر آذار . فانتشرت الجثث كالذباب و امتلأت الأرض بدمائهم الطاهرة و فجأة و بأمر من أميرهم توقف اطلاق النار وسط التبير و التمجيد و الشكر لله على نعمة قتلهم ، و انجهوا صوب الجثث يحركونها ب"حوافرهم" ليتأكدوا من موتهم لكن لاحظ "الطفل حمزة" أن هنالك شخصا لازال يحرك أطرافه فاطلق كالسهم إليه و نحره كما تنحر الشاة و اجتث رأسه و رفعه عاليا ليعلن النصر و أي نصر هذا ؟؟؟!!!!!
فجأة انفجر رأس حمزة بالدماء و سقط ميتا و غمرته الدماء في يده لا يزال رأس ذلك الجندي . لقد قنصه جندي كان مرابطا فوق المركز الحدودي و أرداه قتيلا و أشلاء رأسه متناثرة حوله ...
وفي نفس الوقت و في مكان آخر ، كانت أم حمزة التي لم يرزقها الله بأطفال سواه ، أكملت الصلاة و بدأت تدعي و تطلب من الله أن تسمع خبرا يطفيء النار المشتعلة عن ابنها الذي غاب منذ حوالي شهرين عن البيت و انقطع عن دراسته ... و لكن ارتج قلبها و خفق بقوة و عرفت آنئذ ان مكروها أصابه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس