الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول ما يجري في العراق

سلامة كيلة

2014 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية




في الأيام الماضية فوجئ العالم باندحار الدولة في العراق عن مناطق واسعة، وعن سيطرة مسلحين على الموصل وعلى محافظة نينوى وصلاح الدين وديالى، ووصولهم أطراف بغداد. كل الإعلام المتناقض، والصحافة التي يشتم بعضها بعضاً، والتي تعبّر في الأخير عن اتجاهات ومصالح متناقضة، وكل الدول "المتصارعة"، أكدت بأن "دولة الإسلام في العراق والشام" (داعش) هي التي قامت بكل ذلك. وتعممت الصورة لكي تصبح هي ما يكرره كثر من اليمين ومن اليسار، وكأن الأمر حقيقة مطلقة. وانبنت على أساس ذلك تحليلات شتى، وجرى اختراع صراعات وتناقضات. مما أظهر وكأن داعش هذه كأخطبوط يمتلك "سوبر قوة" خارقة تستطيع مد سيطرتها على نصف سورية ونصف العراق. باتت داعش هي الخطر الذي يستطيع تحقيق كل هذه "الانتصارات". وهي التي "تقلب" وضع المنطقة.
كان يتوضّح في الفترة السابقة أن نوري المالكي يستخدم داعش لدعم النظام السوري، كما أشار وزير العدل في حكومته، واستخدمها ضد اعتصام الأنبار الذي استمر أسابيع، وظهرت معلومات مباشرة من الناطق الإعلامي في داعش بأن التنظيم لا يستهدف إيران، وركز الإعلام الداعشي خلال الأيام الأخيرة على شتم الشعب السوري وتبيان أن النظام أفضل. وكل ذلك موجود على النت. رغم كل ذلك، جرى تعميم فكرة أن داعش هي التي تسيطر على كل هذه المناطق في العراق، وكأنها تقاتل نظام نوري المالكي، وكأن لديها مئات آلاف العناصر، وكل هذه الخبرة في الحرب. ليبدو أن قصداً يحكم النظر، فيصبح كل تحرك هو من صنع داعش، بعد أن كان في الماضي من صنع تنظيم القاعدة.
ما يبدو واضحاً في العراق أن الأمر أكبر من أن يحمَّل لداعش، فهو عمل عسكري منسق ومنظم، وكل المدن التي باتت خارج سيطرة السلطة جرى تنظيمها في إطار هيئات مدنية، وجرى حفظ الأمن فيها. وكل ما ينقل منها يؤكد ألا وجود لداعش أو لمظاهر أصولية فيها. بالتالي لا بد من التدقيق فيما يجري، وتلمس الوضع "على الأرض" وليس تكرار ما بات واضحاً أنه خطاب معمم حول دور داعش. الذي يبدو أنه خطاب مقصود وهادف.
يمكن العودة إلى أشهر سابقة لكي نتذكر الاعتصام الكبير الذي جرى في محافظات العراق الغربية، من محافظة الأنبار إلى محافظة نينوى وصلاح الدين، والذي استمرّ أسابيع قبل أن تقوم الحكومة بفضه بعنف ووحشية، وبعد أن أدخلت اسم داعش كذلك، وكأنها تخوض صراعاً ضدها. ما تبع ذلك هو تشكيل المجلس السياسي العام لثوار العراق، ومن ثم المجلس العسكري العام لثوار العراق، هذا الأخير تشكل من مجموعة قوى كانت تقاتل قوات الاحتلال الأميركي لسنوات ومن الشعب الذي كان للتو قد سُحق اعتصامه.
تلك القوى قاتلت الاحتلال لسنوات أربع، لكن وجود تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين (الذي أصبح يسمى دولة العراق الإسلامية)، حيث قام بتحويل الصراع إلى صراعات طائفية (بالتوافق مع القوى الطائفية التي أتى الاحتلال بها)، وفرض سلطته على المناطق "السنية"، هذه السلطة التي أثارت العراقيين، فرض "تحالف" بعض قوى المقاومة مع الاحتلال لصد هذا التنظيم بتشكيل مجالس الصحوة، وهو ما أضعف المقاومة وهمشها. وبهذا أصبحت العملية السياسية هي التي تحكم الوضع العراقي، وظهر أن الأمر استقرّ تحت سلطة نوري المالكي. لكن هذه العملية باتت تعيش أزمة كبيرة، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي في عام 2011. لهذا سنلاحظ أن الاحتجاج الشعبي الذي ظهر في السنوات الأخيرة في العراق، والذي توِّج باعتصام الأنبار والمحافظات الأخرى، أعاد تشكيل تلك القوى التي تعرف الصراع المسلح، خصوصاً أن في قيادتها عدد كبير من ضباط الجيش العراقي الذي تدرّب جيداً في القتال مع إيران طيلة سنوات ثماني.
كذلك ظهر واضحاً أن الاحتجاج الشعبي يتصاعد، ويتوسع، بحيث كان واضحاً أن الاستقرار الذي حدث بعد تراجع المقاومة العراقية بات يهتزّ، وأن ذلك كان يزيد من ارتباك "العملية السياسية"، ومن تفكك الأحزاب، ومن تصاعد الصراع لإزاحة نوري المالكي، الذي بات يسيطر كدكتاتور، وكوكيل لكل من أميركا وإيران. وبهذا فإن ما يحدث الآن هو تفجّر لهذا الاحتقان، وسعي لإسقاط النظام الذي أسسه الاحتلال الأميركي. وبالتالي يمكن القول بأن ما يجري هو استمرار للاحتقان الشعبي الذي تطور خلال العقد الأخير، والذي يتخذ الآن صفة العمل المسلح بهدف إسقاط حكومة المالكي، والتخلص من سيطرة إيران، وبالتالي استكمال تحرير العراق بطرد كل الذين أتوا مع الاحتلال الأميركي.
ولا شك في أن هذا الأمر يخيف أطراف عديدة، ويخلق وضعاً جديداً في كل المنطقة. حيث سيزيد من ارتباك إيران بعد تورطها المتزايد في سورية، ويضعف مساومتها مع الدول الغربية وهي تفاوض بشأن البرنامج النووي، خصوصاً وأنها تعاني من أزمة اقتصادية نتجت عن الحصار الاقتصادي الأميركي، الذي طال البنك المركزي، وجعل إمكانية تحويل أموال الصفقات النفطية صعبة (ما دامت تحوّل بالدولار، ولا بديل عن ذلك إلى الآن). لكن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للنظام السوري، حيث أن تفجر الصراع بهذا الشكل في العراق سوف يوقف إرسال الميليشيات الطائفية التي تدعم النظام، والذي يعتمد أساساً عليها وعلى ميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني لكي يستمرّ في البقاء.
إذن، الأمر يتعلق بتطور صراع الشعب ضد النظام، ربما لم يصل إلى كل مناطق العراق لكن بالتأكيد سوف يصل، لأن وضع الشعب العراقي بات سيئاً، ويُحكم من قبل مافيات طائفية تتقاسم نهب النفط، وممارسة القهر. وهنا يكون الحديث عن داعش ليس إلا تغطية وتعمية على هذا الواقع الذي بات سمة عامة في المنطقة، وربما في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بؤس التحليل و بؤس الاستنتاج
عبد الحسين سلمان ( 2014 / 6 / 22 - 14:39 )
كذلك ظهر واضحاً أن الاحتجاج الشعبي يتصاعد، ويتوسع، بحيث كان واضحاً أن الاستقرار الذي حدث بعد تراجع المقاومة العراقية بات يهتزّ.................
بهذا فإن ما يحدث الآن هو تفجّر لهذا الاحتقان..........
وبالتالي يمكن القول بأن ما يجري هو استمرار للاحتقان الشعبي الذي تطور خلال العقد الأخير، والذي يتخذ الآن صفة العمل المسلح بهدف إسقاط حكومة المالكي، والتخلص من سيطرة إيران، وبالتالي استكمال تحرير العراق بطرد كل الذين أتوا مع الاحتلال الأميركي.

How right was Heine when he said about his imitators: “I have sown dragon’s teeth and harvested fleas.”...................Marx-1845-The German Ideology


2 - الكاتب يكتب بحقده وافكاره الداعشية المسبقه تبا لاع
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2014 / 6 / 23 - 00:32 )
كنت اعتقد ان دراسة سلامة كيله لاربع سنوات في بغداد تمكنه من معرفة ما للجغرافية العراقية بمعانيها المتعددة
يظهر ان حتى كونه مسيحيا لم يحصنه من الطائفية المقيتة بالنحياز للوهابية المتوحشة ورجالها الذين يدنسون اليوم بعضا من تراب العراق العزيز في الموصل وتكريت
ان انشقاق كيله عن بعث سوريا وطردة منها بقساوة واحتقار جعليته يحقد على العراق لانه البلد العربي الوحيد الذي لم يؤلب على سوريا رغم معاناته من أخطاء جسيمه للنظام السوري بانحيازه للبعث الصدامي المجرم والوهابية حتى الامس القريب
لو كان عند كيلة ذرة من العقل والشرف الإنساني لماسمى قتلة مئات الالاف من العراقيين المدنيين من قبل ارهابيي البعث والوهابية بالمقاومة
تبا لعاة الثورية والثقافة وهم يصطفون مع الإرهاب وهو يجهز على جماهيرنا وحياتها وحريتها


3 - أصوات طائفية مقيتة
سامي كرم ( 2014 / 6 / 23 - 02:30 )
أروع ما كتب السيد سلامة من تحليل وأتمنى أن لا يأبه للأصوات الطائفية المتخفية برداء الشيوعية وخاصة تلك المنبعثة من صادق الكحلاوي الذي يتبع ولايه السفيه في ايران الخميني لعنة الله عليه
تحياتي لجنابكم الكريم


4 - تحليل رائع
رامي حنا ( 2014 / 6 / 23 - 02:33 )
قلما قرأت تحليلاً واقعياً للواقع العراقي كما قرأته للسيد سلامة كيلة
دمت ذخراً للماركسية الحقة
تحياتي


5 - سؤال
سمير العلمي ( 2014 / 6 / 23 - 02:35 )
هل تعتقد أن داعش العراق نفسها هي داعش سوريا ؟


6 - مجرد توارد خواطر
أسامة رافع البياتي ( 2014 / 6 / 23 - 02:41 )
هناك من يعتقد على صفحات هذا الموقع أن المالكي وراء الحرب الطائفية القذرة في العراق ومنهم من يعتقد أن ايران التي تتحكم بها الولايات المتحدة هي من يقف خلف الارهاب في العراق ومنها ما كشفته صحيفة الواشنطن بوسط في عددها ليوم 24 . 05 2014 عن ان المالكي كان وراء كل المفخخات التي طالت الشعب العراقي منذ عام 2006 من أجل البقاء خادماً مطيعاً لأمريكا وايران الاسلامية العميلة لواشنطن . هل أنت مع هذا التحليل للواشنطن بوسط ؟


7 - اللعب على الطائفية
رائد الحواري ( 2014 / 6 / 23 - 04:31 )
الامبريالية لعبت على وتر الطائفية بشكل جيد، من هنا نجد البعض ما زال يتعامل ويفكر بها، ـ مجبرا أم مخيرا ـ سلامة كيلة استطاع توصيف الاوضاع بشكل جيد، عندما حدد طرفي اللعب ـ اميركيا وايران ـ فهما المستفيدان الاكبر مما جرى في العراق بعد ان احتل عام 2003


8 - رد
سلامة كيلة ( 2014 / 6 / 23 - 13:01 )
الأستاذ سمير داعش سورية والعراق واحدة، وجاء اسم داعش من ذلك، فهو -الدولة الإسلامية في العراق والشام-، ولقد دعمت في سورية من قبل إيران والمالكي مساندة لنظام الأسد، حيث كان دورها ضد الكتائب المسلحة والشعب السوري. الأستاذ أسامة،كل التفجيرات كانت بتخطيط أميركي أو إيراني، وداعش مخترقة لإيران كما هي مخترقة لأميركا، فقد أعلن وزير العدل العراقي الحالي أن المالكي هو من أخرج عناصر داعش من سجن أبو غريب وأرسلها الى سورية، ويتردد تقرير في البرلمان السابق عن دعم مالي من إيران لها. وداعش لم تنفِ بل أكدت أن قرار تنظيم القاعدة ألا يجري الاحتكاك بإيران وعلى إبقاء هلاقات جيدة معها. وهذا ما يفسر أن دولة العراق الإسلامية التي أقامها تنظيم القاعدة اتخذت حدودها في إطار المنطقة السنية فقط. تنظيم القاعدة عموماً هو تنظيم مخترق، ومسيّر، من قبل أجهزة أمنية متعددة، منها النظام الإيران يوالعراقي وسوري.


9 - أميركا سبب كل المصائب
صفوان الماجدي ( 2014 / 6 / 23 - 15:07 )
أكد لي يساري محنك أن أهل الحل والعقد في داعش هم من رجال المخابرات الأميركية
(C I A)

اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في