الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون تحقيق العدل؟

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 6 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


هل يأتينى رد من وزير الصحة والنائب العام عن مصير الملف رقم ١٤٤٣٩١ بموت الدكتور محمد فتوح يوم ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨، بعد أن تعرض للإهمال الخطير فى مستشفى دار الفؤاد؟

أرسل الدكتور «فتوح» قبل موته، تفويضاً رسمياً للنائب العام للتحقيق فيما تعرض له، خلال ثلاثة شهور وستة أيام، من العذاب والإهمال والآلام مع دفع الآلاف (موت وخراب ديار)، لم يكن يملك إلا حب أسرته وتقدير أصدقائه، له أخت باعت أساورها وكل ما لديها لتسدد فواتير المستشفى، وأخت ثانية دفعت مدخرات عمرها، وصديق عمره دفع ما عنده، ومساهمات أخرى ممن أحبوه لإبداعه النادر وأخلاقه الأكثر ندرة.



تقدمت أسرته وأصدقاؤه بشكاوى إلى المسؤولين والنائب العام، دون نتيجة، فالدكتور فتوح لم تكن له وسايط فى الدولة تساعده للحصول على حقه، والمستشفى كانت محصنة ذات نفوذ، لأنها مملوكة للكبار منهم وزير الصحة حينئذ، الذى كان يقول إنه سيحارب كل من يتاجر بصحة المواطنين، وكان مستشفاه نفسه يتاجر بصحة الناس ويكسب الملايين، وأحد ضحاياه هو الدكتور محمد فتوح، الذى مات وهو فى قمة الشباب والعطاء، وكان كاتباً وموسيقياً وفناناً، له عدد من الكتب والمؤلفات الرائدة، وعدد من الألحان الموسيقية والأغانى ذات الكلمات والمعانى الجديدة، كان يكتب ليفتح العقول ويحارب ظلام الجهل والمرض والخوف، عاش حياته القصيرة يقرأ ويكتب، حصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة، وضاعت حقوقه فى الحياة والموت، لأنه كان بعيداً عن الشلل من حول وزير الثقافة أو وزير الصحة أو النائب العام.



حين مات كتب عنه من قرأوا له وعرفوا إبداعه، وأنا أيضاً كتبت مقالاً منذ ستة أعوام أطلب التحقيق فى موته، دون جدوى، لم يكن عندى وسايط لأى مسؤول. تأثرت بأخلاق أبى الذى كان يفضل الموت على الاستجداء ويقول «الكرامة فى الاستغناء»، لهذا ضاع حق أبى فى حياته وموته، وضاعت حقوقى أنا أيضاً فى سراديب الملفات والأوراق التى تدخل ولا تخرج من الأدراج، لكنى اليوم أكتب هذا المقال إلى وزير الصحة والنائب العام، على صفحات جريدة «المصرى اليوم»، بعد أن سمعت عن انتهاء عهد الوسايط بعد الثورتين، فهل انتهت الوسايط فعلاً؟ وهل يأتينى الرد عن مصير ملف الفقيد الدكتور محمد فتوح الذى يحمل رقم ١٤٤٢٩١بمكتب النائب العام ومكتب وزير الصحة منذ ١٣ أكتوبر ٢٠٠٨؟



وأريد أيضاً رداً من وزير الصحة والنائب العام عن موت طالب الطب «علاء عبد الهادى»، كان طالباً بالسنة النهائية بكلية طب جامعة عين شمس، عمره اتنين وعشرين فقط، قتلته رصاصة فى أحداث مجلس الوزراء خلال ديسمبر ٢٠١١، أثناء اشتراكه مع زملائه فى ثورة يناير، التى حملت لقب الثورة المجيدة، لم تمر عشرة أيام على موته حتى أعلنت كلية الطب عن نجاحه بامتياز فى الامتحان النهائى الذى أداه قبل موته بأيام قليلة، كان شابا متفوقا محبوبا مميزا، بكى زملاؤه عليه بكاء هيستيريا، وقرر اتحاد طلاب الكلية إقامة نصب تذكارى له، جاءت أمه المكلومة من قريته بطنطا إلى القاهرة لتتسلم ملابسه، من غرفة كان يسكن فيها مع زملائه بمنطقة حدائق القبة، رأيتها تحتضن البالطو الأبيض والسماعة الطبية الخاصة بابنها الميت، تضم البالطو بذراعيها وتنشج بدموع متجمدة، كأنما تضم طفلها إلى صدرها، تحول البالطو فى حضن الأم إلى جسد ابنها ذاته ساخنا حيا فى حضنها، هل تم التحقيق مع قتلة علاء عبدالهادى وزملائه؟ ليستريح قلب هذه الأم الحزينة وغيرها من آلاف الأمهات اللائى قدمن أرواح أبنائهن للثورة؟



وهل صعد الحكام الجدد إلى الحكم إلا بفضل الثورة والأرواح التى زهقت فيها؟



الجميع يتكلمون اليوم عن هيبة الدولة، فهل تكون للدولة هيبة دون تحقيق العدل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 6 / 23 - 13:53 )
نعم ياسيدتي الكريمة سؤالك سؤال وجيه
هل يمكن للدولة أن تكون لها هيبة دون تحقيق العدل ؟ أبدا
فبالعدل تصبح الدولة هيبتها فعالة تردع الجبناء عن ارتكاب جرائمهم
وتردع الأشرار عن تفعيل شرهم
وتستقيم الأمور في كل مناحي المجتمع
بدون عدل لا يكون هناك سوى الحقد والكراهية والتسيب والفوضى
العدل أساس الملك
لكن العدل ياسيدتي يستحيل أن يتحقق كاملا لأنه غير موجود حتى في الشرائع السماوية
من الصعب أن يحدث ذلك
حتى الناس لا يمكن مساواتهم ببعضهم البعض
لأن هناك الطيب وهناك الشرير
الكسول والمجتهد
الجميل والبشع
المتخلق والقليل التربية
فكيف نساوي بين النقيضين ؟
بينما العدل الحقيقي يجب أن يساوي بين الجميع
فمادامت المساواة لا تتحقق
إذن العدالة نفسها لن تتحقق
فحتى الله لا يكون عادلا عندما يخلق كونا كله مخاطر وكائناته
تأكل بعضها البعض ليعيش الأسد على أنقاض الغزال عالم كله سفك
دماء


2 - المرض
على سالم ( 2014 / 6 / 23 - 13:59 )
مصر مريضه بمرض عضال ومن الصعب شفاؤها بهذه السرعه وهذ من دواعى الاسف الشديد

اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل