الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغياب الجهود الدولية والمبادرات الداخلية، اولية المكون والمذهب تفرض وجودها وتحدد معالم التقسيم

سامان نوح

2014 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


من الواضح ان حكومة بغداد قررت في اليومين الأخيرين التخلي عن بعض مناطق البلاد كنينوى وأجزاء من محافظات الأنبار وصلاح الدين بدليل الانسحابات الأخيرة للجيش من تلعفر وراوة وعانة ومناطق حدودية اخرى دون قتال، بينما يطالب سياسيون شيعة بالتخلي عن معظم المناطق ذات الغالبية السنية وتركهم يواجهون او يقررون مصيرهم بانفسهم.
المؤسسة العسكرية تقول ان قرار الانسحاب من بعض المناطق هو تحرك عسكري تكتيكي فقط، لكن آخرين يقولون انه توجه لانهاء معظم وجود الحكومة في مناطق الصراع السني وجعل السنة يحكمون انفسهم بانفسهم سياسيا وامنيا واقتصاديا حتى تتضح نتائج "الحراك الثوري" في غياب التحركات السياسية الحقيقية.
التوجه الأخير سيفرض جملة اشكالات صعبة ويثير اسئلة معقدة:
- من سيحكم تلك المناطق، ويدير الموقف الأمني فيها، ويضبط الأحداث، بوجود اكثر من عشرة فصائل مسلحة غير متجانسة، بلا قيادة موحدة مع عدم فرز المكون السني لأي قائد يجمعون عليه منذ عشر سنوات، الى جانب وجود قوة العشائر ووجود مؤيدين للسلطة المركزية ايضا.
- من سيدير تلك المناطق اداريا وينظم امور ملايين من البشر ممن يسكنونها ويحتاجون الى خدمات من كهرباء ومياه ووقود وادوية ومواد غذائية، مع تزايد التقارير التي تؤكد حدوث نقص خطير في كل تلك الخدمات الأساسية لحياة الانسان.
- من سيدير تلك المناطق اقتصاديا، ومن سيدفع رواتب مئات الآلاف من البشر الذي لا يملكون غير الرواتب الشهرية او التجارة مع الأردن التي تشهد انهيارا خطيرا. حيث تشير التقارير الصحفية ان معظم سكان الفلوجة يرفضون العودة اليها ليس بسبب تدهور الأمن بل بسبب فقدان مظاهر الحياة فيها رغم ان موظفيها يستلمون رواتبهم من الرمادي، ويتخوف هؤلاء من سيطرة "الثوار" على الرمادي ما سيعني انهيارا اقتصاديا سريعا لأن ذلك سيؤدي لقطع الرواتب القادمة من بغداد وهو المصير الذي انتهى اليه مئات الآلاف من موظفي نينوى الذين اصبحوا بلا رواتب.
- الن يدفع العوز المالي والانهيار الاقتصادي، حتى لو حصل استقرار أمني، مئات الآلاف من اهالي تلك المناطق للنزوح باتجاه باقي مناطق البلاد، وحينها على حكومة الاقليم استقبال الجزء الأكبر من هؤلاء في مناطق تمتد من سنجار غربا ومرورا بمناطق سهل نينوى واربيل وانتهاء بمناطق خانقين شرقا، كما ان على الحكومة الاتحادية استقبال عشرات الآلاف في سامراء وبغداد وحتى محافظات وسط البلاد.
ذلك المشهد بدأ يفرض نفسه فعليا في مناطق اقليم كردستان، بكل ما لذلك من تداعيات امنية واقتصادية صعبة، فالمناطق المتنازع عليها وحتى مراكز المدن بدأت تشكو من قلة الأدوية وتاثر الخدمات من مياه وكهرباء ووقود وارتفاع اسعار المواد الغذائية.
ومع استمرار الأزمة لشهرين آخرين، ستكون المدخرات المالية للعوائل النازحة قد استنزفت مع انقطاع الرواتب القادمة من بغداد، وستكون الامور اكثر صعوبة حتى مع تصدير كميات اكبر من النفط الى تركيا لا يمكن للاقليم وحده تحمل اعباء ملايين النازحين لأشهر، في وقت تبدو التحركات السياسية الامريكية بطيئة جدا وضعيفة وكأنها لم تستوعب تجربة سوريا المريرة، بينما ترحب الدول الاقليمية بما يجري في العراق وتزيد من محاور الصراع فيه.
مع ذلك الموقف الدولي والاقليمي، يبدو واضحا ان العراق متجه الى ثلاث مناطق نفوذ ستشهد حدودها صراعات دموية، مع غياب أي مبادرات عراقية من قادة متزنين، حيث يرى قادة الشيعة ان الحرب على داعش وحماية الشيعة اولوية على الجهود السياسية وضمان وحدة البلاد، ويرى قادة الكرد ان استعادة المناطق المتنازع عليها هي الأولية لتاسيس الدولة الكردية، فيما ينزوي القادة السياسيين للسنة عن المشهد مع غياب تاثيرهم في مناطقهم وبروز قادة مسلحين يعتبرون ان الأولية هي السيطرة على مدنهم واعلانها اقليما مستقلا.
وسط ذلك المشهد سيدفع عشرات الآلاف من البشر حياتهم ويعيش ملايين آخرون في ظروف اقتصادية وخدمية وامنية معقدة قد تستمر لسنوات، وكل ذلك تحت راية رفع الظلم والتهميش والدفاع عن الانسان والمكون والمذهب والقومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-