الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد في مكان آخر: وداعا فضائيات

هويدا طه

2005 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


توفر جريدة القدس لكتابها مساحة حرة وسقفا عاليا.. ربما لن يجدوا له مثيلا في مكان ٍ آخر.. إلا نادرا، فإذا كنت كاتبا (هاويا) لا تكترث كثيرا بلعبة التوازنات السياسية أو الثقافية أو الإعلامية.. التي تثقل كاهل الكتاب المحترفين، وتريد أن تعبر عن همومك.. كما هي.. بدون الحاجة إلى ترميزها أو تغليفها أو طرحها بلغة الإشارة.. هموم قد يشاركك فيها آخرون كثر ممن يقرؤون ما تكتب.. حتى لو رآك البعض (نزقا) أو صنفك البعض الآخر (مندفعا) أو انتحاريا.. أو جاملك البعض الآخر فاكتفى بوصفك (جريئا)، وإذا كنت في جميع الأحوال لا تريد أن تُشطب من مقالك جملة (نزقة) أو عبارة (مندفعة) أو موضوعا (انتحاريا).. فليس لك حينئذٍ إلا القدس! هكذا فتحت القدس لأمثالنا أبوابها.. نكتب بلا تغليف.. بلا رموز.. وبدون الحاجة إلى تعلم مفردات الإشارة من بعيد.. لكل لبيب! نحّول الهموم الوطنية والثقافية العربية على اختلاف ألوانها وأوجاعها إلى كلمات.. ربما نزقة أو مندفعة أو جريئة أو قاسية.. هكذا هي.. تطبع على صفحات القدس بنفس الروح التي كانت عليها في القلوب والعقول.. ليشارك فيها القراء بالتعاطف أو بالنقد.. بالحماس أو بالنقمة.. لكنهم دائما.. شركاء في تلك الهموم..
على الجانب الآخر فإن للجريدة مسئولاً.. يتلقى في صدره عواقب ما يكتبه في جريدته (هؤلاء النزقون)! العلمانيون.. أو الإسلاميون المعتدلون أو الإسلاميون المستنيرون.. أو القوميون.. أو أحيانا الراديكاليون.. أو الليبراليون.. أو حتى من يعتبرون أنفسهم أعضاء الفرقة الناجية!.. فالجميع يكتب بالقدس.. (مستغلا) ارتفاع سقف هذا المنتدى.. غير عابئ بما يتلقاه مسئول الجريدة.. لوما أو عتابا أو تهديدا.. ناعما كان أو صريحا.. من حكومات تارة ومن جماعات غاضبة تارة أخرى ومن كل حدب وصوب.. لفتحه صفحات جريدته لهذا الطيف (المزعج) من الكتاب! حسنا ً.. ليس أجمل من أن تقع يد كاتب هاو على مسئول جريدة كهذا!
وفي هذه الزاوية من جريدة القدس.. زاوية (فضائيات).. اعتدنا الكتابة عن مقذوفات القنوات الفضائية! هذا ما يلزمنا به اسم الزاوية.. لكنك وفي كل مرة تكتب عن الفضائيات- وأنت كاتب هاو- تجد نفسك مندفعا في نقد سياسي.. أو ثقافي، مسكونا بهاجس السياسة والثقافة الاجتماعية السائدة.. التي تستظل بها كل أنشطتنا شئنا أو أبينا، فتش عن السياسة.. لتتعرف على الفرق بين المنتج الإعلامي للتليفزيون المصري وذلك الذي تقدمه قناة الجزيرة! فتش عن السياسة لتكشف أهداف قناة العربية! فتش عن ثقافة المجتمعات العربية القلقة.. لتفهم وجود قنوات مثل المجد واقرأ والفجر والمنار ذوات التوجه الإسلامي.. وقناة سات7 ذات المنطلق المسيحي.. فتش عن ألاعيب السياسة لفهم (ظاهرة عماد الدين أديب).. فتش عن بيزنيس الثقافة والدين لتفسر ظاهرة (الدعاة الجدد) مثل الداعية التليفزيوني عمرو خالد.. فتش عن الاستجابة المسخ للعولمة وأنت ترى هالة سرحان تقلد أوبرا في نسخة شائهة.. فتش عن الكبت السياسي والثقافي والديني.. وأنت تشاهد قنوات روتانا ومزيكا! فتش عن خصخصة التليفزيون وزواج السلطة والمال وأنت تشاهد قناتي دريم.. فتش عما يغرسه في وعي المشاهدين رواج مصطلحات دون غيرها.. وأنت تسمعها في عملية تكرار إملائي منظم.. في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية وحتى الإعلانات الدعائية على الفضائيات.. فتش عن تلك (المحظورات) السياسية والثقافية في المجتمعات العربية.. وأنت تقلب بين كل تلك القنوات وغيرها.. بالريموت كنترول! يبدأ المقال بلقطة لافتة للنظر من قناة فضائية هنا أو هناك.. لكنه لن ينتهي قبل أن تجد نفسك (مضطرا... واللهِ مضطرا) لتشريح.. لقطات.. من موروثات التاريخ.. ومحرمات الحاضر.. ومخططات المستقبل.. أحيانا لا ينتهي المقال إلا في رقبة مسئول أو وزير أو حاكم عربي!
عبثا تحاول أن تلتزم بخصوصية الزاوية.. عبثا تحاول أن تستجيب لنداءات مسئول الجريدة المهذبة.. بلهجته الفلسطينية الدافئة:(من شان الله.. أكتبي تحليلاتك السياسية في صفحات الرأي.. وأكتبي هنا بس عن الفضائيات وهاديك الشغلات الإعلامية)! وباللهجة المصرية لا تجد ما تقوله إلا:(وحياة النبي مش شايفة على الفضائيات أو وراها إلا سياسة في سياسة! مش شايفة فيها أو عليها إلا تحكم السياسة والموروث الثقافي العربي بحلوه ومُره.. ما وُجدت قناة روتانا إلا لأن الوليد بن طلال هناك! بالمناسبة.. عرفت إنه قرر يعمل روتانا.. إسلامية؟! طب ده يبقى سببه إيه؟! مش سياسة دي؟!)
ولأن القدس مفتوحة لأمثالنا.. وبها زوايا أخرى.. غير تلك الزاوية المفخخة.. التي خصصتها الجريدة للفضائيات فقط.. وبعد أشهر من الكتابة فيها عن لقطات من الفضائيات العربية.. تشير إلى مشاهد الاحتفال المستديم بزواج (السياسة العربية الحديثة والموروث العربي القديم).. فإن من (يهوى) الكتابة.. مسكونا بهاجس (النقد سبيل التقدم).. يفضل أن يحمل أدوات نقده للسياسة الحديثة والثقافة القديمة.. راحلا إلى حارة أخرى من حواري القدس العتيقة! إلى مكان آخر على صفحاتها، ربما من حين إلى آخر- وليس بانتظام- تكون هناك عودة لرواية (حكايات) عن مشاهدات حول زواج السياسة والثقافة العربية على شاشات التليفزيون العربي، لكن الآن.. وإلى حين التخلص حتى ولو من (جزء) من ذلك الهاجس... وداعا فضائيات!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله