الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذورُ الكتابة الفارغة

عبدالله خليفة

2014 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


سيادة الكتابة الفارغة تعود إلى انهيار التيارات العقلية النقدية، فكتابة بلا نقد غذاء بلا نار، فالنقد لا بد أن يرتبط بقوى اجتماعية خلاقة، قوى تؤسس صناعة وأعمالاً، لا ثروات ضائعة لا تتراكم هي عبارة عن مواد بناء ينزفها الأجانب من كل حدب وصوب.
هي لا تؤسس نهضة بل ضياعاً تاريخياً. وهذا يظهر في اضطراب البناء الاجتماعي وعدم اتخاذه وجهة تقدم صحيحة.
البرجوازية التي نشأت في الخمسينيات لم تؤسس عقلاً، ولم تعرف كيف تخلق طبقة عاملة بحرينية تراكم الأجور والسوق والثروة العقلية. ولهذا نشأت متاهة سوق واضطرابات بناء اقتصادي.
الطائفية والتيارات الرجعية الدينية هي المظهر الفكري للانهيار العقلي وغياب النقد المؤسس، هي النقد السطحي الجزئي، والأخلاقي الوعظي الذي انتشر من الجوامع إلى الشوارع، ليس لديه شيء عقلي يحلله ويقدمه للتغيير، بل يقدم الانقسام الاجتماعي والصراعات الأهلية غير الخلاقة والعودة إلى الوراء وهدم المجتمع.
البرجوازية لم تعش على فكر ديكارت وجان جاك روسو وماركس وابن خلدون، كونت شبكة اجتماعية مائعة، عجزت عن استيعاب فكر العصر فقامت القوى الريفية والبدوية الرجعية بملء الفراغ، فظهر المتعلمون الذين يعيشون على هذا الفتات ويمضغونه كل يوم.
وانحصرت البرجوازية في أعمال السوق وتغيبت عن الواقع الاجتماعي السياسي لكنها ساندت رجال الدين وغذتهم بالأموال فوسعوا من دوائر الماضي والمؤسسات العتيقة التي أعادت الوعي الإقطاعي بدلاً من أن تسهم البرجوازية في صناعة النظام الرأسمالي الديمقراطي الحديث وتنشر التنوير والحداثة، لكن أوساطا منها انتبهت في العقود الأخيرة لهذا المأزق وراحت تستدرك ذلك بإنشاء مؤسساتها الخاصة من دون أن تملك الأدوات الفكرية والصحفية والإعلامية المختلفة.
وقد نشأت الطبقة العاملة كبديل للبرجوازية بدلاً من أن تكون طبقة مساندة معاضدة في نشأة الحديث المشترك، واتخذت دوراً وطنياً نضالياً إلى حين لكنه دور فاقد أسسه الموضوعية فقامت بمساندة القوى الطائفية الإقطاعية من جانب آخر، من جانب السياسة وهكذا غدت الطبقتان الحديثتان تساندان الماضي والريف والبداوة وجعلتا الحركة السياسية رجعية.
وتكمن المشكلة الكبرى في عدم قطع العلاقة مع الوعي الديني المحافظ وإبعاده عن السياسة والمؤسسات الاجتماعية المختلفة لكي تتحرر العقول وتزدهر الحريات الشخصية.
لقد تهدمت الأسس العقلية للتفكير، وهي المناهج الحديثة، وطرق فهم السببيات الاجتماعية والسياسية المختلفة، فلم يتشكل رأي عام مستنير ولا مؤسسات فكرية متطورة فتدهورت صنوف الكتابة المختلفة السياسية والاجتماعية والأدبية وغدت الكتابة سطحية لا تستطيع معرفة أسس الظاهرات الدينية والسياسية بل تساهم في تشويهها وتصعد من أضرارها.
وفيما المجتمع يمور بمشكلاته وتغدو أعماقه سحيقة بعيدة تظل الوريقات عاجزة عن التحول إلى مؤسسات فكرية وبحثية وتبقى مجرد ثرثرات وأخبار سطحية وملاحظات جزئية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال بغاية الروعة
نصر العلمي ( 2014 / 7 / 19 - 13:55 )

سبر غور المجتمعات البرجوازيه العربيه بموضوع مركز ومختصر
شكرا لك

اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا