الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار صدق أو لا تصدق

ناجح شاهين

2014 / 6 / 24
القضية الفلسطينية


إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار
صدق أو لا تصدق

لا بد أن المنظمة الدولية مثلها في ذلك مثل التجمعات الشكلية كلها التي لا يربطها رابط –وعندنا من هذه العينة جامعة الدول العربية سيئة الصيت والسمعة- قد وصلت حد الكوميديا التي لا تضحك ولا تبكي أحداً، لأنها من النوع الذي يتسم بالإسفاف التام. ففي هذا الوقت بالذات الذي تقوم فيه إسرائيل بحربها العامة ضد الفلسطينيين العزل بسبب "اختطاف ثلاثة مستوطنين أبرياء" انتخبت الهيئة العامة للمجتمع الدولي بأغلبية 79 صوتاً وامتناع حوالي السبعين عن التصويت مردخاي أميحاي السفير الإسرائيلي السابق لدى تركيا لترأس اللجنة الدولية الخاصة بتصفية الاستعمار. هل هذا معقول؟
بالطبع، لا بد أن يكون كذلك لأنه وقع. قامت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بترشيح إسرائيل. وكاد القرار يمر في الثامن عشر من الشهر الجاري (شهر حزيران الذي يشهد احتلال ما تبقى من فلسطين) بدون أية تشويشات. ولكن بلداً مارقاً هو سوريا (وهي بلد ديكتاتوري يجب أن لا نأبه له كثيراً) عدت ذلك أمراً خارقاً لقواعد العقل والمنطق. وقد تساءل مندوبهم الذي لا يقدر على ما يبدو مزايا الديمقراطية الإسرائيلية: "كيف يمكن للبلد الاستعماري الأبرز في هذه اللحظة –وقد يكون الأوحد عند التفكير في الاستعمار والاحتلال بمعناه التقليدي- أن يقود اللجنة المكلفة بتصفية الاستعمار من بين اللجان التي لا حصر لها في الهيئة الدولية التعسة؟" وقد "تضامنت" الدول العربية مع الموقف السوري لأسباب ليست واضحة لنا، ومن ذلك أن مندوبي السعودية وقطر المعروفين بعدائهما للديكتاتورية السورية وتواطؤهما مع الديمقراطية الإسرائيلية عدا ذلك أمراً غير لائق. وقد "اتحد" العرب في معارضتهم لهذا القرار وتضامن معهم عدد من الدول لا يزيد على عدد أصابع اليد، فكان أن عاد الحق إلى نصابه وتم إقرار إسرائيل وممثلها أميحاي رئيساً للجنة.
ليس من جدوى فيما نحسب من أية مناقشات لإقناع أحد بعبثية ما حصل. المجتمع الدولي لم يعد راغباً في حفظ ماء الوجه فيما يخص الأخلاق وحقوق العباد، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بميدان السياسة التي ما كانت يوماً إلا ميداناً للانتهازية. ألم يذهب ميكيافيلي الذي ما زال يهتدي بهديه أكبر مدرسة في السياسة وعلومها –المدرسة الواقعية التي ينتمي إليها أشخاص مثل كيسنجر وبوش وبلير- إلى أن المهم في السياسة هو أن تنجح في تحقيق أهدافك بغض النظر عن أية طرق تتبعها. وهكذا كان بالإمكان تدمير العراق بذريعة الأسلحة النووية على الرغم من المعرفة الكاملة –وليس الإيمان الغيبي- بأن العراق ليس لديه أسلحة ذات بال من أي نوع. وتم إخراج مسرحيات هزلية عن مجندة أمريكية أسيرة يقوم أبطال النينجا الأمريكان بتحريرها، ليتضح لاحقاً أن الموضوع كان فيلماً بالمعنى الحرفي للكلمة أخرجه مخرج مغمور من هوليود أصبح بفضل ذلك مشهوراً. ثم يستطيع العالم أن يدين حزب الله بالإرهاب على الرغم من أنه لا يقتل المدنيين ولا يستهدفهم. بل إنه في العام 2006 أدين بالإرهاب أثناء الحرب لأن إحدى قذائفه قتلت بضعة وعشرين جندياً إسرائيلياً بريئاً كانوا على الجبهة. أما قصف بيروت بكهربائها ومصافيها ومرافقها الصحية بغرض معاقبة اللبنانيين جميعاً، أو قصف المباني في غزة فتم تصنيفه وما يزال دفاعاً عن النفس.
لا فائدة من الاستمرار في عرض الأمثلة. أبناء وطني يعلمون ذلك لأنهم "يأكلون العصي" أما من يعدها في السعودية والخليج فلا يهتم إلا بكرسي الحكم ورضا أمريكا وإسرائيل وأوروبا الغربية.
لا بد أننا وصلنا إلى نهاية الزمن السعيد الذي يلعب فيه الذئب إلى جانب الحمل مثلما تنبأ الكتاب المقدس، وذلك في اعتقادنا التفسير الوحيد للقرار الدولي الشجاع بانتخاب إسرائيل من دون خلق الله لترأس اللجنة الدولية لتصفية الاستعمار، فكأننا ننتخب زعيم الذئاب وأشدهم بطشاً وافتراساً لكي يقوم برعاية مجموعة من الحملان حديثة الولادة. أرأيتم إن ذلك بالفعل لا يمكن أن يتحقق إلا لأن العالم قد وصل إلى الزمن المسياني الأخير. أو أنه قد وصل إلى مرحلة البربرية المتوحشة السافرة التي تنزع عن وجهها كل قناع. وهكذا سنسمع من مردخاي أميحاي على الأرجح خطاباً يطرب الآذان عن ضرورة تصفية الاستعمار الفلسطيني لنابلس والخليل وغزة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من أرض الميعاد ما تزال تحت الاحتلال العربي، ناهيك عن احتلال حزب الله للجنوب اللبناني الذي لا بد من تطهيره لتجري مياه الليطاني إلى حقول أصحابها الشرعيين. ولا بد أيضاً من تحرير الأراضي الواقعة غربي الفرات وشرقي النيل فهي كلها أراض تعود لشعب الله المختار. كثيرة هي الأشياء التي سنتعلمها بعد هذا الفوز العادل لإسرائيل في المحافل الدولية على حد تعبير يديعوت أحرونوت. المهم يجب أن لا أفوت الفرصة لتوجيه الشكر للدول العربية التي اتحدت في التصويت ضد القرار، ولو على مضض. بالطبع لا يمكن أن نقدر الجهد العربي حق قدره إذا لم نتذكر المهام الجليلة الكثيرة التي يضطلع بها العرب في هذه الأيام وعلى رأسها الحرب الجهادية لتطهير العراق ولبنان من الكفار الشيعة، والحرب التنويرية لنشر الديمقراطية في سوريا، والحرب المتعددة الأوجه للمساعدة في فك لغز اختفاء المستوطنين الأبرياء. وفي سياق ذلك يتضح أن وجود وقت لمناكفة إسرائيل هو نعمة لا يستهان بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا زمان الشقلبة
عتريس المدح ( 2014 / 6 / 24 - 08:33 )
إنه زمن النفاق السياسي ، والمعايير المزدوجة، هذا الزمان الذي لايعرف سوى أن مطالب القوي هي الحق، وحقوق الضعيف هي الباطل
إن هذا الحدث يؤكد أن المؤسسات الدولية ليست سوى صنيعة لقوى الظلم وهي تعمل فقط على شرعنة منطق العدوان والظلم تحت مسميات القانون الدولي وحقوق الانسان والشرعية الدولية لصاحب القوة

هذا هو العار بحد ذاته، فمريئا للعالم عندما يتسلم الذئب رعاية الحملان


2 - انه الشخص المناسب تماماً
سيلوس العراقي ( 2014 / 6 / 24 - 10:44 )
مع احترامنا لوجهات النظر المختلفة
فأن يتم اختيار يهودياً اسرائيليا رئيسا للجنة دولية لتصفية الاستعمار
هو الحق بعينه
لأنه ليس هناك من دولة وشعب في تاريخ العالم
تم استعماره واحتلال أرضه لمدة 19 قرنا بشكل مستمر
ولأكثر من ذلك حين اضافة حقب تاريخية أخرى تم فيها استعمار ارض اسرائيل
ارض الله وشعبه المقدس
فاختيار اسرائيلي ليترأس هكذا منصب عالمي
دليل أن العالم بدأ يتحلى بالأخلاق العالية
وبداية لمرحلة أخلاق عالمية لانهاء النفاق العالمي
مع تقديري للجميع

اخر الافلام

.. كيف مهدت والدة نيكو ويليامز طريقه للنجاح؟


.. لبنانيون محتجزون في قبرص بعد رحلة خطيرة عبر قوارب -الموت-




.. ستارمر: -التغيير يبدأ الآن-.. فأي تغيير سيطال السياسة الخارج


.. أوربان في موسكو.. مهمة شخصية أم أوروبية؟ • فرانس 24




.. ماهو مصير هدنة غزة بعد تعديلات حماس على الصفقة؟ | #الظهيرة