الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حادثة الموصل .. بين الجغرافيا والتاريخ والهوية

فارس حميد أمانة

2014 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


في الساعة الأخيرة ليوم التاسع من شهر حزيران هاجم مدينة الموصل ما يسمى برأس الحربة من مسلحي الدولة الاسلامية في العراق والشام أو ما يسمى اختصارا داعش بقوة مسلحة تتراوح بين 700 الى 800 مسلح حيث بدأ الهجوم عند الساعة الحادية عشر ليلا بقذائف الهاون على مقر الفرقة العسكرية غرب المدينة أو ما يسمى بالجانب الأيمن ثم تم اكمال اسقاط المدينة بشقيها الأيمن والأيسر بعد اثنتي عشرة ساعة وذلك بعد ايقاظ الخلايا النائمة التي يقدر الخبراء العسكريون عددها بألف مسلح تقريبا .. ومن المعروف ان تنظيمات داعش تكونت في العراق على يد الملقب بأبي بكر البغدادي وهو رجل مدني من أصول فلاحية وحاصل على شهادة الدكتوراه بالعلوم الاسلامية الا ان مساعديه أو نوابه من الضباط والقادة العسكريين السابقين وممن يعتمد عليهم كثيرا في وضع وتنفيذ الخطط الهجومية وبهذا يعتبر البغدادي القائد العقائدي لهذا التنظيم ..
لابد وأن تكون حادثة سقوط الموصل حادثة مؤلمة للجميع .. ولابد لهذه الحادثة مثل غيرها من أسباب ونتائج أكثر ألما .. كما لابد وأن يكون للتاريخ وجغرافية البلد والتأثيرات الاجتماعية للعراق وتأثره بالمنطقة ككل من تأثير مباشر لهذا الحدث .. ولفهم الحدث لابد من الرجوع للوراء حقبا طويلة الأمد للبحث في جذور المشكلة .
من المعروف عن جغرافية العراق كونه سهلا رسوبيا خصبا وبما يعادل تقريبا ربع المساحة الكلية اضافة الى الشريط الجبلي الشمالي الشرقي الذي يشكل ربعا آخر أو أقل بقليل ومنطقة الهضبة الصحراوية الغربية والجنوب غربية التي تشكل ما يقرب من نصف أو أكثر بقليل من نصف المساحة الكلية .. وهذا أدى بالطبع الى وجود المدن والعمران في المناطق الرسوبية السهلية وبشكل أقل في المناطق الجبلية وبشكل نادر في المناطق الصحراوية وبالتالي كون المناطق الأكثر مأهولية هي الأكثر تأثرا وتأثيرا في مصير هذا البلد حيث دارت الأحداث الأكثر أهمية لهذا البلد على مدى حقب طويلة في تلك المناطق أكثر من غيرها .. كما تأثر العراق بجيرانه من الدول وعلى مديات طويلة من النواحي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كما سنرى لاحقا .
ومن المعروف أيضا نشوء الحضارات القديمة في العراق مثل الأكديين والبابليين والآشوريين والسومريين وغيرهم ممن سكن العراق منذ مطلع الألف الرابع قبل الميلاد .. وقد اصطرعت تلك الحضارات والدول مع بعضها كما اصطرعت مع حضارات خارج العراق كالعيلاميين والفرثيين والحثيين حتى سقوط مملكة آشور بيد الميديين عام 612 قبل الميلاد مما مهد لاحتلالها من قبل مملكة بابل التي ما لبثت ان سقطت هي الأخرى للمرة الثانية عام 539 قبل الميلاد وبيد كورش الثاني الفارسي الأخميني ثم دخلها الاسكندر المقدوني الاغريقي عام 324 قبل الميلاد وحتى وفاته سريعا فأصبح الحكم للسلوقيين وهم اغريق أيضا ثم رجعت للسيطرة الفارسية مرة أخرى فاستقر الوضع هكذا ولحين دخول بلاد الرافدين في الفتح الاسلامي بعد هزيمة الفرس في معركة القادسية ..
ان الفترة الطويلة الواقعة بين السيطرة الأخيرة للفرس وبين الدخول في الدين الاسلامي قد شهدت أيضا صعود نجم الدولة البيزنطية التي اصطنعت الغساسنة في الشام كمصد مقابل القوة الفارسية المتنامية بشدة والتي اصطنعت أيضا دولة المناذرة على تخومها الغربية وهي العراق .. وبقي الوضع كما هو عليه بين كر وفر بين القوتين العظميين حينها الفرس والبيزنطيين لغاية الفتح الاسلامي كما أسلفنا .. الا ان الحال تبدل بعد الضعف الذي أصاب الدولة العباسية اثر الاقتتال بين الأمين وأخيه المأمون الذي اعتمد على الفرس الذين ساندوه ضد الأمين .. لكن المعتصم حول الاهتمام لاحقا الى الترك فعين معظم أمراء الجيش منهم والذين ما لبثوا ان سيطروا بشكل تدريجي على مقاليد الأمور الا ان الوضع تبدل بعد دخول البويهيين لبغداد وهم قوم من الفرس تعود أصولهم الى أطراف بحر قزوين أصلا حيث بقي الخلفاء العباسيون يحكمون بالاسم فقط ..
تغير الوضع لاحقا لصالح السلاجقة منتصف القرن الحادي عشر الميلادي والسلاجقة قوم من الترك ترجع جذورهم الى آسيا الوسطى والأناضول وبقيت سيطرتهم على بغداد أكثر من نصف قرن الى ان استطاع الخليفة العباسي المقتفي بالله تقويض سيطرتهم وحتى وفاته عام 1160 ميلادي وقد جرت محاولات من الخوارزميين وهم من الفرس للسيطرة غير المباشرة على مقاليد الحكم الا انهم فشلوا في تحقيق ذلك وحتى سقوط بغداد بيد هولاكو المغولي عام 1258 للميلاد .. حكم الجلائريون وههم من المغول أيضا حيث دخل العراق في حكمهم منذ العام 1337 للميلاد وحتى دخول تيمورلنك بغداد وأسقطها عام 1393 للميلاد .. سقطت بغداد لاحقا وتحديدا عام 1410 للميلاد تحت سنابك خيل قوة نامية جديدة هي دولة قره قوينلو أو دولة الخروف الأسود وهي دولة أصولها تركية من تركمانستان .. وبقيت بغداد تحت سيطرة هذه القوة ما يقرب من نصف قرن لحين سقوطها التالي تحت براثن الآق قوينلو أو دولة الخروف الأبيض وهم قوم من الترك وتحديدا عام 1467 .. سقطت بغداد عام 1508 ميلادي بيد قوات الشاه اسماعيل الصفوي القادم من ايران والذي فرض مبدأ التشيع على امبراطوريته بالقوة .. دخلت القوات التركية بقيادة العثمانيين هذه المرة بغداد عام 1534 ميلادي والتي ما لبثت ان سقطت مرة أخرى تحت الغزو الفارسي عام 1623 ميلادي بقيادة الشاه عباس الصفوي .. استطاع السلطان العثماني مراد الرابع استعادة بغداد عام 1638 للميلاد ..
حاول نادر شاه عام 1743 للميلاد وهو فارسي هذه المرة احتلال الموصل ولم يستطع تحقيق ذلك .. ثم حاول اقتحام البصرة في نفس العام الا انه لم ينجح أيضا ..ثم حكم المماليك وهم من أصول محلية وخارجية جلبت تحت ظل ظروف معينة فاستعرقوا لاحقا .. بقي حكم المماليك الذي يقترب في شكله من الحكم الذاتي يحكم بغداد وحتى اسقاطه بيد العثمانيين عام 1810 ميلادي واستمر هكذا حتى دخول الجنرال البريطاني مود بقواته الى بغداد عام 1917 ميلادي قبيل نهاية الحرب العالمية الأولى ثم تلا ذلك تشكيل الحكومة العراقية برئاسة عائلة فيصل الأول الحجازية لغاية تموز عام 1958 للميلاد وما تلا ذلك ولغاية اليوم هو تاريخ معروف جدا للعراقيين ..
وعودة لحادثة سقوط مدن عراقية غاية في الأهمية بيد المسلحين المتطرفين فان نظرة سطحية للحادثة تؤشر وتطرح تساؤلات كثيرة .. كيف استطاع المئات من المسلحين بسياراتهم القليلة وأسلحتهم من التحرك من غرب الموصل ليدخلوا المدينة دون كشفهم من قبل طائرات الاستطلاع الأمريكية التي دخلت في اتفاقية تعاون عسكري مشترك مع العراق ؟ كيف استطاع بضع مئات من المسلحين السيطرة على مدينة كبيرة تعداد سكانها بحدود مليونين ونصف المليون مواطن ؟ واذا كانت الاجابة بوجود تقبل لدى أهل الموصل ( ان صح هكذا شيء ) فكيف استطاع مسلحون لا يتجاوز عددهم بضع مئات من التغلب على أعداد كبيرة جدا من القوات النظامية وعددهم قد يتجاوز المئة ألف ؟ هل استطاع هؤلاء المسلحين السيطرة واسقاط المدينة بقبضتهم بمفردهم أم بتعاون ضباط سابقين في الجيش العراقي المنحل وهل كانت لديهم طوابير خامسة بانتظار ساعة الصفر ؟ هل حدثت خيانة أو خيانات كما ذكر رئيس الوزراء العراقي في أحد خطاباته ؟ كم المبالغ التي دفعت لمن خان ليخون ؟ من هم الخونة ؟ لماذا حدث ذلك الانهيار السريع ؟ لماذا تم الايعاز أو الايحاء للجيش النظامي بترك الأسلحة والمعدات والعربات العسكرية وكل ذلك الكم الهائل من العتاد كثمن للنجاة بالجلود كما علمت بشهادة جنود فارين من القتال ؟ كيف يتجرأ ضباط كبار وبرتب رفيعة على ترك جنودهم والفرار بأنفسهم أو حتى الانسحاب غير المنظم واصمين شرفهم العسكري بوصمة عار لن يتجرأ التاريخ على نسيانها ؟
ان ما أردت تأكيده من خلال هذه المقدمة الطويلة هو التأثر الشديد للعراق بدول الجوار ولاسيما ايران وتركيا .. ومن المعروف ان كلا الدولتين مسلمة الا ان الاختلاف يكون بالمذهب حيث ان التشيع هو الغالب في ايران والتسنن ان صح التعبير هو الغالب في تركيا العثمانية سابقا وتركيا الحديثة حاليا وقد نصبت كلتا الدولتين من نفسيهما حماة للعراقيين من أهل المذهب التي تدين به كل دولة .. ولقد تناوبت الدولتان حكم أو احتلال العراق باسم الأسلام ولا يخفى على أحد مدى قوة الدولتين وعمقهما التاريخي .. ولازالت هاتان الدولتان تتصارعان بينهما صراعا خفيا حينا وواضحا جليا حينا آخر وغالبا ما كان الصراع يقع جغرافيا في الأراضي العراقية وتحديدا في مناطق السهل الرسوبي في غالبها ومنها بغداد مركز العراق وفي الجبال والهضاب بدرجة أقل وهما المناطق الجغرافية التي يسكنها العراقيون حيث لاتزال هذه المعارك والصراعات تكوي بنارها أهل هذا البلد .. ان الذي اختلف حاليا هو طريقة الاصطراع التي تحولت من الاصطدام المباشر للجيشين التركي والايراني الى الاصطدام غير المباشر باصطدام أهل البلد أنفسهم .. ان الصراع الحالي ليس صراعا حقيقيا بين السنة والشيعة بل هو صراع بين قيادات الكتل الشيعية وقيادات الكتل السنية وكلاهما يتهم الآخر بالاستئثار بالسلطة وتهميش الآخر .. ولا نهمل هنا الدور السيء لبقية دول جوار العراق ولاسيما قطر والسعودية .
ان دعم روسيا وايران وحزب الله في لبنان لبشار الأسد مكنه من الوقوف على رجليه طويلا في تلك الحرب الأهلية الطاحنة ضد الجيش السوري الحر وجيش النصرة وداعش مؤخرا كما ان الاعتراف بوجود الاسلحة الكيمياوية وتسليمها لغرض تفكيكها قد أدى الغرض الأساس والمهم وهو أمن اسرائيل لذا ولكل هذه الأسباب فأن بقاء الأسد أو نظامه على الأقل بات محور تفاوض وجدل بين القوى المحركة للصراع .. ولذا أيضا فان بقاء هذا النظام واستمراره بالحكم سواء ببشار الأسد أو بغيره سيشكل امتدادا قويا من حزام شيعي يربط حدود اسرائيل الشمالية وأجزاء من لبنان ثم سوريا مرورا بالعراق وحتى نهاية الحدود الشرقية لايران مع روسيا .. وهذا الحزام المختلف عقائديا مع تركيا المتسننة والسعودية بنظامها الوهابي وقطر الممول الخطير ليس له أن ينشأ أو أن يتصل أو حتى أن يقف على رجليه ولهذا حدث ما حدث من اسقاط لمدينة الموصل ثم لمدن أخرى لاحقا .
لا يخفى على الجميع دور ايران التي فرضت نفسها كلاعب اقليمي يحسب له ألف حساب ومن المعروف أيضا الخلاف العقائدي كما أسلفت بين ايران من جهة وبين تركيا والسعودية والخليج عموما من جهة أخرى وكل هذه الدول بما فيها ايران تريد تزعم المنطقة .. أضف الى ذلك الخلاف الشديد والطويل بين ايران والولايات المتحدة وأوربا الغربية ولا سيما الملف النووي الايراني .. لذا فان حركة مسرحية مفبركة كدخول داعش وسيطرتها على حزام يصل أطراف بغداد الشمالية وشرقها في منطقة بعقوبة وحتى الحدود الايرانية سيشكل تهديدا قويا لحكومة نوري المالكي والمتمثل باجتياح بغداد كما يشكل تهديدا خطيرا لايران كون التهديد العقائدي لداعش قد بات قريبا بل أصبح سكينا في خاصرة ايران .. رغم تحفظي على نقطة تهديد بغداد التي سأرجع اليها لاحقا .
ان ما ساعد على تأجيج الصراع الذي توج أخيرا بسقوط مدينة الموصل ثم تكريت وبعض المدن الأخرى بيد ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام أو داعش اختصارا هو ضياع أو عدم وضوح الهوية العراقية التي تأرجحت زمنا طويلا بين الولاء أو الانتماء للعشيرة بسبب الضعف الشديد لقوانين ومؤسسات الدولة وخوف الفرد العراقي من سحقه وضياع حقوقه الفردية أو العائلية بسبب قوة الآخرين وبين الانتماء أو الولاء لحزب أو كتلة معينة لنفس السبب أو بسبب الرغبة بتحقيق مطامع ومكاسب شخصية .. أو الانتماء للطائفة والتقوقع المتسبب من الخوف من الآخر ويتأتى هذا من تصاعد أعمال عنف طائفي ومذهبي مبرمج تنفذه جهات من داخل وخارج العراق بتمويل من معظم دول الجوار والذي أدى بدوره الى انسحاب الكثيرين من هذه الطائفة أو تلك وانغلاقها ضد الآخر .
نقطة أخرى وأعتبرها مهمة جدا في سبب فشل الجيش بأداء مهمته الدفاعية وصد المهاجمين والتي هي مهمة يرافقها النجاح أكثر من مهمة الهجوم بالمفهوم العسكري لاعتبارات كثيرة منها تحصن المدافعين المفترض مقابل انكشاف القوة الهجومية .. والأسباب هنا كثيرة منها الضعف الشديد للمنظومة الاستخباراتية التي يقع عليها عاتق كبير في تحديد ومعرفة تحرك المهاجمين ومدى قوتهم النارية .. ويلعب التعامل الفاسد بين الضباط والقادة من جهة وبين الجنود في مجال دفع الجنود للرشاوي المالية مقابل التغيب أو عدم التواجد أثناء الواجب أو في الاجازات غير الرسمية كما يلعب التسليح البسيط للجنود والذي لا يقارن بمستوى القوة النارية المهاجمة والذي ينحدر الى مستوى الفشل الشديد أحيانا .. أضف الى ذلك التفاوت الشديد بين الاهتمام بمتطلبات الجندي البسيط من جهة ومتطلبات الضباط أو القادة .. أذكر انني وفي العام 1985 عندما كنت أوزع الأرزاق الجافة واللحوم على أفراد الجيش الشعبي الذي سقنا اليه قسرا حينها كنت أزيد من حصة المقاتلين على حصة مقر الفوج الذي كنت به مما جلب علي توبيخا شديدا من ضباط الفوج .. وقد كنت أسرق ليلا بعض الأرزاق الجافة لأسلمها سرا ومن شباك خلفي الى عربجي كردي معدم ( صاحب عربة يجرها حمار ) من أهل ألتون كوبري لا أزال أتذكر اسمه جيدا حيث يدعى شورش وقد ساقه القدر ليكون مقاتلا معي بنفس الفوج .. ان ما جعل تلك الذكريات القديمة تطفوا للسطح هو تسريبات الجنود ممن خرج سالما من الموصل عن العلاقة المتردية بين الضباط والجنود .. ناهيك عن انسحاب القادة وكبار الضباط منذ بداية المعركة وتأثير ذلك على الجنود ..
عندما تداعى موقف الجيش النظامي حينها كان للمرجعية الشيعية الأثر الكبير في دعم الجيش معنويا باعلان الجهاد الكفائي لكافة العراقين والذي يستدعي هنا وقفة تأملية .. ان المعركة بين مسلحين متمرسين مثقفين بثقافة قطع الرؤوس وبين جيش شعبي رديف سوف لن تكون متكافئة .. فحماسة المتطوعين لن تكفي لطرد مسلحين يتحصنون بالأبنية بل التدريب الجيد والمقدرة على حمل واستخدام السلاح مع الاستخدام الأمثل للذخيرة .. وبرأيي المتواضع فان الجيش الرديف ممكن وفاعل فقط عند تكليفه بالمهمات الدفاعية داخل المدن أو لحماية المنشئات المهمة عند انسحاب الجيش منها للمشاركة في معركة ما .. ناهيك عن أعمار المتطوعين من صغار السن أو الكبار ممن لا يصلح للقتال حتى في حال التدريب الجيد فكيف بتدريب شكلي لا يستمر سوى يوم أو يومين أو حتى بضعة أيام .. لذا فقد تداركت المرجعية الدينية الأمر بالتأكيد لاحقا على زج جيش المتطوعين ضمن تشكيلات الجيش النظامي وتكليفهم بالمهمات التي تتناسب مع قدراتهم وليس اعتبارهم جيشا بديلا أو حتى جيشا رديفا للجيش النظامي .
ان الحماسة الشديدة للمتطوعين والتظاهرات في الشوارع الرئيسية للمدن وابراز الأسلحة المتنوعة ( والتي أتسائل هنا كيف وصلت الى عامة الناس والجيش يفتقر للكثير منها حيث ان السلاح الشخصي بغض النظر عن الترخيص الرسمي لا يتجاوز المسدس أو البندقية الرشاشة الكلاشنكوف على أبعد تقدير فما بالك بوجود أسلحة أكبر وأكثر فاعلية ومشابهة لما يملكه الجيش من ناحية النوعية ) وكذلك اطلاق العيارات النارية التي يفترض اطلاقها في ساحة المعركة وليس في الشوارع كل ذلك قد أيقض خوفا وقلقا لدى السنة من كونهم المستهدفين بهذه المظاهر كما أيقظ القلق لدى الشيعة من عامة الناس بأجواء الترقب والقلق من مغبة السقوط في حرب أهلية .. وقد قرأت تصريحا للسيد رئيس الحكومة قبل يومين أو ثلاثة بأن هذا الجيش من المتطوعين سيكون نواة للجيش الجديد ثم اعقب ذلك قرار لرئيس الحكومة من شقين أولهما احالة كبار الضباط من رتبة عميد فما فوق الى التقاعد وقد يقضي هذا على الفساد المستشري الا انه سيحرم الجيش حتما من خبرات الكثير من هؤلاء من الضباط المهنيين .. أما الشق الثاني فهو وضع بقية الضباط من رتبة عقيد فما دون تحت التأهيل لفترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر للبت في احالتهم على التقاعد بسبب عدم صلاحيتهم أو ارجاعهم الى الخدمة عند نجاحهم في تجاوز الاختبارات التأهيلية وفي هذا ضياع كبير للتلك الرتب مما سيؤثر على قوة ومتانة الجيش المتزعزع أصلا ناهيك عن ان تنفيذ مثل هكذا خطوة يحتاج الى فترة الأشهر الثلاث وهو مضيعة للوقت الذي تكون القوات المسلحة بأمس الحاجة اليه .. ان اعتماد المتطوعين عند اكتمال تدريبهم وتسليحهم كنواة لجيش جديد خطوة لابأس بها الا ان الوقت غير مناسب على الاطلاق لتنفيذها مع الأخذ بنظر الاعتبار اعادة تأهيل الجيش لاحقا .
عودة للمخاوف من سقوط بغداد والمحافظات الجنوبية فان هذا احتمال ضعيف رغم وجوده المحتمل حيث ان كل الاحتمالات واردة على أرض الواقع حيث ان وجود الحاضنات في هذه المناطق أقل بكثير منها في الموصل وغيرها مما يسمى بالمحافظات السنية اضافة الى ان مهمة رأس الحربة من تنظيمات داعش هي مهمة الهجوم واسقاط المدن أما مهمة مسك الأرض وادارة المناطق التي ستخضع تحت السيطرة فهي مهمة منوطة بالمسلحين من الخلايا النائمة وبالتعاون مع المتقبلين لوجود داعش ولا يعني هذا ان أهل الموصل متعاطفين أو متقبلين لوجود تلك المنظمة الا انهم حاليا يقفون على الحياد وقد خسرت الدولة تعاونهم في طرد داعش ..
ان طرد داعش بعمل عسكري غير ممكن على أرض الواقع بسبب تغلغلهم بين المدنيين مما يستوجب حرب شوارع بقوة متدربة تدريبا فائقا ولا تتوفر تلك القوة لدى الجيش العراقي حاليا وحتى في حال توفرها فأن طرد داعش سيكلف ضحايا لا يستهان بهم من المدنيين وأعتقد ان الحل السياسي سيكون قبل الحل العسكري مع محاولة كسب أهل تلك المدن من السنة الى جانب الدولة لأن هذا الحادث الخطير قد يؤدي الى فدرلة البلد مع عدم وجود حدود جغرافية فاصلة بشكل واضح بين الطوائف والأعراق حيث انها تتشابك وتتشارك سكن الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا