الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرءة في نص ( الموناليزا ) المبدعة د. عزة رجب / عايده بدر

عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)

2014 / 6 / 24
الادب والفن


يبحثُ المطرُ عن نافذةٍ تتسللُها زخَّاته
فتُوصـــدُ بابها ،
في وجه العــراءِ الممقوت!
يأتي حجرُ نردك...
يعتلي صهوة الصَّباح النَّدي
بعد ليلٍ كبا به جواد الغفلة
في لجَّة شوقك ياحبيبي!
يغرقُ وجهُك في قــاع فنجاني!
يعتمرُ زوابع حنينـــي لك!
يرتشفُ لذَّة اللقاء بك ...
طعم السُّكر ياحبيبي : لايُحلِّي القهــوة
لكنه يصنعُ مذاق الجنون بك!!!!
جناحان وفراشةٌ أنا !!
بألوان خرافةٍ أزليةٍ...
وجهٌ يستدقُّ تفاصيل الموناليزا
يرسمُ ابتسامات الغمـــوض
في مسمار يومه العادي...
بلا إحداثيات تُعلن الرؤيا ...
إنَّني السهلُ الممتنع ....
إذا راق لك الفهم ياحبيبي
وتوارى عنك دقيق المعنى !!!!

د/ عزة رجب

بداية النص مقسم في فكرته إلى فقرتين :

الفقرة الأولى قسمتها الكاتبة – ضمنيا و ليس فعليا – إلى ثلاث مقاطع :

- مقطع أول يمكننا اعتباره خلفية نفسية للحدث و للكلمة التي ستليها
- مقطع ثان سردي يصف كيف تحولت تلك الخلفية النفسية الباهتة
إلى صورة ملونة بفعل وقوع حدث عارض أثر عليها و ترك لونه
و يمكننا الرمز له بعبارتها " حجر نردك "
- مقطع ثالث يدخل في دائرة البوح في مقابل المقطعين الأول و الثاني
اللذين يمكننا أن ننسبهما إلى الشعر
و هذا المقطع الثالث بما حمل من وصفية بوحية غيرت بلا شك من شكل النص
و فصلت بينه و بين القسمين الأول و الثاني

ثم الفقرة الثانية من النص و التي سارت في مسار واحد يؤكد حضور الذات بقوة
بحيث جعلت من هذه الفقرة حالة وصفية لها تقدم من خلال التفاصيل و الصور
ما يمكننا أن نعتبره خارطة ربما تلزم صاحب النرد في تجواله داخل براريها ليتقصى عمقها
و لا يقف على ما يبدو على السطح


يبحثُ المطرُ عن نافذةٍ تتسللُها زخَّاته
فتُوصـــدُ بابها ،
في وجه العــراءِ الممقوت!

يبدأ النص بزمكنية محملة بأفعال الحاضر " يبحثُ / تتسللُها / تُوصـــدُ " و رغم ما يعنيه هذاالاستخدام للفعل الحاضر من الاستمرارية و الامتداد حاضرا و مستقبلا أيضا فنشعر بكم المعانة و الاحباط و اليأس المتسلل لنفسية الذات التي عبرت عنها بمفردة " المطر " و هذه الحالة كانت لتستمر لولا ما سيخبرنا به المقطع التالي بانقضاء هذا الحال لسبب ما سيأتي لاحقا
فالحالة العامة حيرة و تيه تخلّقا نتيجة البحث الدؤوب من مطر نكاد نشعر بلهاث أنفاسه و جفافها و هو في بحثه عن نافذة - و هنا يظهر دور المكان و نافذة بصيغة التنكير هنا ربما يفيد عدم تحديد وجهة محددة يذهب إليها المطر - لكنها اشترطت ضمنا أن هذا" المكان " أو الوجهة أو النافذة التي ستستقبل زخات أمطارها عليها ألا تغلق الأبواب بوجها و ألا تتركها للعراء يسد على المطر كل خطواته


يأتي حجرُ نردك...
يعتلي صهوة الصَّباح النَّدي
بعد ليلٍ كبا به جواد الغفلة

بعد أن تكونت لدينا الصورة الاجمالية النفسية للنص يأتي المقطع الثاني ليقلب الصورة السابقة رأسا على عقب و كأن زلزالا هنا صدّع رواسي اليأس و أزاح العتمة حين هبط حجر نرده على لوحة أيامها
و لكن "حجر نردك " الذي عبرت به الذات الكاتبة عن حضوره يحمل في دلالته إشارة قوية للعبة الحظ و المقامرة و يمكننا أن نتلمس هنا دلالة مغايرة فهل ترى في حضور حجر النرد مقامرة كبرى اقدمت عليها و هي لا تعرف باستمرريتها من عدمها ؟ فهي حالة اعتمدت فيها على الحظ بسقوط حجر النرد بوجه باسم لأيامها
و لأنه حجر نرد فيمكنه أن يرتفع مرة أخرى ليسقط حاملا وجها غير الذي ألفته في حضوره حين غير معالم الليل من الغفلة إلى اليقظة
و كأني بجواد العمر الراكض غفلة و قد استيقظ من عتمة ليله الطويل ليبدأ صباحا محملا بالندى – و هذا انزياح شعري إن لم يكن قويا لكنه كافِ ليعطينا ملمحا مهما عن تغير شكل الحياة بحضور هذا الجديد بحجر نرده


في لجَّة شوقك ياحبيبي!
يغرقُ وجهُك في قــاع فنجاني!
يعتمرُ زوابع حنينـــي لك!
يرتشفُ لذَّة اللقاء بك ...
طعم السُّكر ياحبيبي : لايُحلِّي القهــوة
لكنه يصنعُ مذاق الجنون بك!!!!

يتداخل هنا النفس البوحي بصورة كبيرة وواضحة ليس لنا أن نغفلها خاصة و هو يصور لنا نفس المعنى بصور مختلفة جعلت ما سبق من النص إن استطعنا أن ننسبه إلى الشعر فإن ما سيأتي هنا لن نستطيع أن نمرره تحت نفس المسمى فكل الفقرة بداية من كاف الخطاب الأولى " شوقك " و حتى كاف الخطاب الأخيرة " بك " يدخل جميعه بتفاصيله التي مالت للوصف و الإسهاب في نطاق الخاطرة الواضحة الملامح مما أثقل حركة الشعر الذي بدأ به النص وتوقف هنا
مخلفا صورة شعرية واحدة يمكننا أن نعتبرها إنزياحا جميلا لو كان استمر بنفس النمط البادىء به لاختلف وجه النص كثيرا حين تقول " يعتمرُ زوابع حنينـــي لك! "



جناحان وفراشةٌ أنا !!
بألوان خرافةٍ أزليةٍ...
وجهٌ يستدقُّ تفاصيل الموناليزا
يرسمُ ابتسامات الغمـــوض
في مسمار يومه العادي...
بلا إحداثيات تُعلن الرؤيا ...
إنَّني السهلُ الممتنع ....
إذا راق لك الفهم ياحبيبي
وتوارى عنك دقيق المعنى !!!

في هذه الفقرة الثانية من النص تتأرجح العبارة بين انزياح شعري يريد أن يخرج للشمس ليكتمل و يحاول و لكن قوة أخرى تعيقه
و بين وصفية مسهبة تمكنت من العبارة و التي تعبر بها الذات عن وجودها ربما لتصنع لنفسها ما يسمى بحائط الصد من هبوب رياح لا تعرف كيف ستكون وجهتها فالخوف من دوران الحجر و سقوطه بوجه مغاير يظهر جليا هنا
و كأني بها تريد أن توجه له رسالة أنها مزيج من الوضوح و الغموض و كلما ظن أنه اقترب من العمق سيكون عليه أن يبحث أكثر ليحصّل عمقا أكبر كما تحتفظ الموناليزا بسر غموضها الذي لم يعرف حتى الآن
و لدي هنا هاجس أن الذات الكاتبة استخدمت الموناليزا - كحالة مستقرة في الغموض الوجداني لدى من يقرأ العنوان ثم النص - استخدمتها كسلاح مغاير
يخفي خلفه الخوف و القلق من حجر نرد لا تعرف هل ستثبت وجهه الايام أم ستبدله ؟ فكل ما جاء في هذا المقطع سلاح او جدار تخفي خلفه الذات مخاوفها و قلقها
و تأتي ختمته لتفصح له و لو بقليل من الحرف أن عليه أن يتبع خارطة الغموض ليدرك من دقيق المعنى ما لا تسعفه به النظرة السطحية

العزيزة القديرة دكتورة عزة
حياك الله و روحك الجميلة و حرفك الراقي
حرف يقف عند الضوء و يلوح لنا و لن نتوقف طويلا في إثبات مدى ما حققه
بصورة أو بأخرى من رؤيته التي أرادها من الفكرة و المضمون
لكن عند البناء لربما تأذنين لي بالتوقف قليلا فالنص مكتوب بنظام المقاطع الضمنية
و التي لم تظهر في شكل الكتابة المنثورة و جاء لوحة كبيرة واحدة بلا فواصل
هل جاء تقسيم المقاطع التي يشعر بها القارىء ليزيد من ثراء النص و ينميه داخليا
و يثمر بناء على هذا التنامي ؟
في رأيي البسيط أن النص حدثت له حالة تقاطع فكلما حاول أن يسير باتجاه الشعر
أوقفته عربات البوح التي جالت في ربوعه معربدة بقوة روحها و تأثيرها الأوضح
هل يعني هذا خلو النص من الصور الشعرية و جماليتها ؟
بالطبع لا و إلا أين سنذهب بما حملتِ لنا من جمال هذه الصور
لكن هل خدمت مسار النص بحيث فرضت سطوتها و حسمت جزء من التأمل في النص لصالحها ؟
أظن أنها لم تفعل بالقدر الذي كان منتظرا منها لأنها لم تحقق قوة الإدهاش التي تتركها للقارىء
و رغم ذلك لا يمكن أن نتغافل عن وجودها
كان يمكن للنص أن يكون قصيد ومضة و يعتمد على مقطعيه الأول و الثاني و ربما المقطع الأول من الفقرة الثانية أيضا بما حملا من تكثيف و صورة شعرية راقية
لكن ما زاد عن ذلك جميعه يدخل بصفته و مضمونه و أسلوبه في جسد الخاطرة
بالطبع لا أعيد كتابة النص وليس لي و لكن لتقريب فكرتي التي طرحتها من خلال رأيي هنا أرى النص لو أريد له أن يكون ضمن حالة الشعر
فعليه أن يتخلص من كل ما ساهم في جره نحو الخاطرة و لينشغل بذاته عمن سواه فكأنني أقرأه هكذا رغم رؤيتي بأنه يلزمه ختمة تحدث معه فارق الدهشة التي يستحقها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو