الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنه العراق وليس المالكي

بدور زكي محمد

2014 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية







بدور زكي محمد
24-06-14

يبتعد عن الحقيقة كل من يتصور إن الخروج من دائرة الخطر في العراق ممكن إذا ما تنحى رئيس الوزراء عن جميع سلطاته، ذلك أن ما جرى في الموصل على أيدي غزاة داعش وحلفائهم من بعثيين، ومجموعات إرهابية مماثلة، لا يتعلق بشخص السيد المالكي بقدر تعلقه بواقع تشكل بعد سقوط نظام صدّام، هيأ لقيادات شيعية فرصة تولي الحكم، لأول مرة في تاريخ العراق، وهو أمر بدا غريباً على المحيط العربي السني في غالبيته. وقد أدّى ذلك لقلق بعض الحكومات العربية، وترددها طويلاً عن التعاطي مع الوضع الجديد، كما تسبب بحالة من الذعر لدى الجارة الجنوبية (السعودية)، تمثل في إطلاق العنان للدعاة كي يتشددوا أكثر في تكفير الشيعة من على منابرهم، والحثّ على إبادتهم، فتكاثرت جيوش " الجهاديين" على العراق للوصول إلى الجنّة!! ولا تجييش بلا أموال فكانت قطر والسعودية حاضرتين لتمويل من سمّاهم معظم الأعلام العربي ب" المقاومين للإحتلال الأميركي"، وأصبح الإمعان بقتل المواطنين العراقيين الشيعة دليلاً على "شرف" المقاومة المزعومة، وبهذا عاد تاريخ الثمانينيات من الشحن الطائفي ضد نسبة كبيرة من الشعب العراقي، كما عادت أيضاً تجربة أففانستان لتصب في العراق. أقول إن الأمر يتجاوز التذمر من المالكي، وأمامي تصريح لمن تدعوه جريدة الشرق الأوسط السعودية ، ب "مفتي الديار العراقية" رافع الرفاعي، يقول فيه من دار الضيافة في أربيل: " الثورة مستمرة نحو بغداد ولن تتوقف عند تنحي المالكي، نحن ماضون لتغيير العملية السياسية الحالية برمتها (عدد يوم 26-06014). ويضيف الرفاعي بأن حكومة كردستان لم تصدر اي توجيهات بالتوقف عن التحريض على إثارة النعرات الطائفية والقومية.
في الوقت نفسه لابد من الإقرار بأن المالكي أصبح مشكلة مستعصية، ما ينبغي معه أن يفكر جدياً بالإستقالة، ليس لأن قيادات الكتل السياسية التي تطالب بتغييره أفضل منه، فكل منها- شيعية وسنية – لها نصيبها من الفساد والآثام، ولكن من موقع الإعتراف بالمسؤولية عن التقصير في كثير من المجالات، غير إن هذا لا يعني تجاهل المؤامرة على العراق، التي شاركت فيها كل من تركيا والسعودية وقطر، ودعمتها شبكات إعلامية بريطانية وأميركية وعربية مثل ال بي بي سي ومجلة التايم صاحبة العنوان المبكر الشهير (نهاية العراق)، كذلك قناة العربية والجزيرة وغيرها. وفي إشارة المالكي إلى تواطئ أطراف في العملية السياسية لتنفيذ الإنقلاب العسكري، تبدو قيادة إقليم كردستان هي المقصودة، فقد تغاضت عن تحركات سابقة للدواعش قرب حدودها، واستضافت شخصيات معروفة بتحريضها على الإرهاب، وممارسته فعلياً، ابتداءاً من احتضانها للمدان طارق الهاشمي، وليس انتهاءً بأحمد الدبّاش ورافع الرفاعي وعلي حاتم سليمان، المدانين بألسنتهم قبل أن يدينهم القضاء. وكانت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية قد التقت مع أحمد الدبّاش في عاصمة الإقليم، أربيل، باعتباره قائداً لما يسمى ب " الجيش الإسلامي، والذي كشف لها عن النوايا الشريرة التي تتربص بالعراق، قائلاً: " إن رجالي يحاربون مع داعش من أجل استرداد بغداد، حتى لو عنى ذلك حرباً أهلية " ومن الواضح إن هذا وغيره من الأسماء ليسوا إلا من المستفيدين من عهد صدّام، وما يريدون سوى استرداد امتيازاتهم، والعودة للحكم، وبالطبع فهم ليسوا صادقين في الحديث عن طائفية المالكي، لأنهم في الأصل طائفيون، وقد سبق أن وضعوا أيديهم بيد القاعدة بعد الإحتلال الأميركي، وما أعقبه من انسياب روافد الإرهاب والمال من دول مجاورة، غير إن هذا لا يعني أيضاً تزكية سياسة الحكومة الحالية، وإنما محاولة لوضع الأمور في ميزان دقيق، والإصغاء جيداً للأصوات الصريحة التي تتفاخر بالأستعداد للإجهاز على نصف الشعب العراقي أو ربما أكثر.
ما يجري الآن ليس حرباً ضد المالكي، وإنما عملية إذلال للعراق كبلد، لسنّته وشيعته، للتركمان والمسيحيين، للشبك، والأزيديين، ويكذب من يردد شعارات باسم السنّة ويدعي الدفاع عنهم، هاهم أهالي الموصل يكتوون بنار داعش، مشاهد قتل جماعي واستباحة للبيوت، اغتصاب نساء، أليس هؤلاء سنّة؟ أليست الشهيدة أميّة الجبوري، مستشارة محافظ صلاح الدين، سنيّة، ألم تستشهد وهي تقاتل الغزاة دفاعاً عن بلدتها؟ ولو كان ما حصل انتفاضة سنيّة ضد الحكومة فلماذا استغاث الموصليون بالآلاف هرباً من داعش، وفروا إلى كردستان، وكثير منهم مازالوا يطرقون أبوابها؟ وبعد كل هذا لا يستحي طارق الهاشمي (نائب الرئيس المدان بجرائم قتل) من أن يصرح لل بي بي سي بأن " العراق يشهد ربيعاً عراقياً على غرار ما شهدته المنطقة العربية .."
نعم هناك مؤامرة، ولكن ألم يساعد عليها سلوك أطراف في العملية السياسية من التحالف الوطني الذي تأتلف فيه قائمة رئيس الوزراء، سواء بالفساد المالي أو بالتصارع على المناصب؟ في حادثة غريبة، تكشف بيئة الفرقة والإحتراب في هذا التحالف، أخبرني صديق كان شاهداً عليها، أنه أثناء الحملات الإنتخابية في أحد أقضية محافظة بابل، نشب عراك، تطور إلى استعمال القامات (السيوف) بين انصار كل من الصدريين والمجلس الأعلى!! اليوم هؤلاء يستعرضون قواتهم ويقاتلون داعش وأتباع صدّام، أين كانوا، وهل يحق لهم أن يغفلوا الأخطار المتربصة بالوطن، أي سذاجة أن يشعروا بالأمن وسط محيط معادٍ لهم؟ لا أقول هذا خوفاً عليهم ولكن لأنهم يمسكون بالحكم، ويتحملون مسؤولية المحافظة على حياة شعبهم، فهم يقاتلون جيوشاً من الغزاة المجرمين تقف وراءهم قوى دولية. إنه العراق هو المستهدف، وليس المالكي، وليعلم السيد البارزاني رئيس إقليم كردستان إن نشوة الإستيلاء على كركوك لن تدفع عن بلاده مطامع تركيا، ولا أخطار داعش في المدى القريب والبعيد، ولن تضمن المكاسب التي تحققت للشعب الكردي لقد صدق حين قال: " إن الأحداث الأخيرة أكدت إن الشعب الكردي عليه أن يغتنم الفرصة الآن ويحدد مستقبله" (مقابلة مع ال سي أن أن). كنت دائماً مع حق الشعب الكردي بالإستقلال، ولكن ليس على حساب الوطن، فعراق ممزق مستضعف لدول الجوار لن يخدم قضية هذا الشعب العادلة، ولن يكون مكافئاً لتضحياته عبر السنين. البارزاني عرض مطلب استقلال كردستان على وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولكن عليه أن يتذكر أن الولايات المتحدة لم تستطع ضمان أمن العراق، وماطلت في تنفيذ الإتفاقية التي عقدتها مع حكومته، وبالتالي لن تكون متحمسة للوقوف مع دولة كردية مستقلة، إذا ما تعارضت مع ارتباطاتها الدولية وتحالفاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام زملط لشبكتنا عن هجوم رفح: نتنياهو تعلّم أن بإمكانه تجاو


.. من غزة إلى رفح إلى دير البلح.. نازحون ينصبون خيامهم الممزقة




.. -الحمدلله عالسلامة-.. مواساة لمراسل الجزيرة أنس الشريف بعد ق


.. حرب غزة.. استقالة المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في مجلس




.. دكتور كويتي يحكي عن منشورات للاحتلال يهدد عبرها بتوسيع العدو