الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمال يثرب...حمار الناعور

عبد الجبار خضير عباس

2014 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


رمال يثرب...حمار الناعور
عبد الجبار خضير عباس
منذ أكثر من 1400 عام فصلت الذات الجمعية العراقية بمخزونها الأسطوري والفلكلوري والثقافي والمعرفي، إذ جرت أكبر عملية تغيير قسرية، خلخلت ارتكاز الفرد في بناه وانساقه السوسيولوجية. فتشكلت له منذ ذلك الوقت ذاكرة مشوهة يثربية رملية، حلت بدلاً عن ذاكرته التي ظلت تنزاح عن نقطة ارتكازها....فأصبحت الجزيرة هي المركز المعرفي والجذر (الجيني الافتراضي) في آن، فابن المدينة العراقية التي عمرها أكثر من 6 آلاف سنة يدعي أنه جاء من اليمن أو من القبيلة الفلانية....! أي قبل تشكل القومية العربية بمفهومها الحديث بآلاف السنين....وانقلبت الكثير من المفاهيم حيث غُيب تاريخ (الحيرة) عاصمة ومركزية النعمان بن المنذر بوصفه (سيداً على العرب) إلى أن نكون طرفاً، وإن الأقوام التي بنت الحضارة هي قادمة من الجزيرة، وكذلك اللغة العربية! فالغزو الصحراوي لوادي الرافدين أحدث زلزالاً في نسيجه الأثني، والعرقي، والديني، واللغوي، والثقافي.... فضلاً عن تمثلاته، وانساقه، ورموزه، وتقاليده وعقائده، التي جُرفت، أو تنحت، أو ظلت تعيش في تجاويف العتمة الاجتماعية ...يقول يونغ" "ليس صحيحاً أن لا وعي الكائن الإنسانى الفردى هو فقط جماع تجربته كفرد، بل فيه أيضاً خبرات النوع الإنسانى ككل، بكامل مخزونه من الأساطير والعقائد والتقاليد والعوائد المعرفية والسلوكية التى تبلورت طيلة آلاف السنين." فأختلت مركزية الذات العراقية، وكذلك الذات الجمعية التي تشكلت عبر آلاف السنين من علوم ودين وأساطير وتلفيقات وفلكلور.... لذا تتنازعه هويتان هوية الغالب المنتصر التي ارتدت قناع الدين والقومية، وهويته الحقيقة ذات العمق الحضاري العظيم وتضاريسه المعرفية التي تشكل نقطة ارتكاز كونية، لا خلاص منها.
إذاً الآن نحن نعيش حالة قلقلة اصبح فيها المركز طرفاً والطرف مركزاً عبر الانتماء الطائفي الذي ابتلع الهوية الوطنية بأنساقها ورموزها وتمثلاتها. فمثلاً السنّي هو سنّي قبل أن يكون عراقياً رافضاً آلاف السنين من رصيده الحضاري وكذلك الشيعي هو شيعي قبل أن يكون عراقياً، والمثير للغرابة أنهما يلتقيان في مقابر قريش عند البحث عن حلول لهم في اللحظة الراهنة، حلولاً صحراوية لحضارة مائية طينية! وما زالت مهيمنات المعنى للفقه الصحراوي، ومعايير يثرب تشتغل كمفاتيح لقراءة شفرات اللحظة الراهنة على الرغم من الثورة المعلوماتية والتكنولوجية في زمن الألفية الثالثة! وما يحدث الآن في العراق هو امتداد طبيعي لهذا الدور التاريخي الخرافي لإجهاض أية فرصة للعراق في استرداد وعيه الحضاري، ليظل العراقي يدور ويدور في ثقافة داحس والغبراء كحمار الناعور. حتى اصبحنا وقوداً لمخلوقات داعشية انتجتها مختبرات الموت الصحراوية المعادية للحياة، والفن، والجمال، في تناقض صارخ مع قوانين التطور والحياة في الألفية الثالثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 6 / 26 - 01:27 )
الإسلام حرر العراق من الإحتلال الفارسي الأستعبادي , قبل الفتح الإسلامي كان العراق مُحتل و ليس محرر , و هذا لا ينكره إلا مكابر .

اخر الافلام

.. -محاولة لاغتيال زيلينسكي-.. الأمن الأوكراني يتهم روسيا بتجني


.. تامر أبو موسى.. طالب بجامعة الأزهر بغزة يناقش رسالة ماجستير




.. مشهد تمثيلي في المغرب يحاكي معاناة أهالي غزة خلال العدوان


.. البرازيل قبل الفيضانات وبعدها.. لقطات تظهر حجم الكارثة




.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة ترمب