الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- ملاحظات على الدستور العراقي المقترح - ج1

كامل السعدون

2005 / 7 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في الواقع هناك ملاحظات عدة لي على الدستور المقترح أوجزها في الآتي :

أولاً : مقترح تسمية العراق بالجمهورية الإسلامية ، يتناقض بالكامل مع تاريخ العراق وحتى ماضيه القريب إبان الفاشية فلم يجرؤ الفاشست رغم رفعهم لراية الله أكبر زيفا على العلم ، لم يجرؤ على تسمية العراقية بجمهورية إسلامية ، فكيف الآن والعراق حر ويصبو للديموقراطية والتعددية والفيدرالية ، ومن يمكن أن يوافق على جمهورية إسلامية .
ثم .. إذا أريد للتسمية أن تكون ذات معنى مثل تسمية جمهورية وإتحادية فيفترض أن يكون هناك برنامج إسلامي شبيه بالنموذج الإيراني أو على النمط السعودي أو غيره ، وبالنتيجة فهذا مناقض لجوهر الديموقراطية التي أتفق عليها الفرقاء فيما بينهم ، خصوصا وأننا نعرف أن الإسلام مناقض بالكامل للديموقراطية فلا ديموقراطية في الإسلام كما نعرف بل هناك نظام الشورى وهو نظام شكلي من أشكال الإستشارة مع ولي الأمر دون القدرة على التأثير على قراراته ، وربما أقصى ما وصلت إليه ديموقراطية الإسلام هو هذا النموذج الإيراني البائس حيث حين يصل الأمر إلى ولي الأمر يتوقف البرلمان والرئيس والوزارة عن الفعل منتظرين الجواب من صاحب الأمر والسيد الذي لا يعارض أبدا وهو الولي الفقيه ، فهل هذا هو ما يريده الإسلاميون في دستورنا وإن أرادوه فهل سيرتضيه السنة والكرد وهم جميعا لا شأن لهم بالولي الشيعي مهما بلغت نباهته في الفقه ، أم إنهم سيختارون بضع أولياء فقهاء يمثلون طائفتي العراق الإسلاميتين .
بالنتيجة أرى أن من السخف تسمية العراق بجمهورية إسلامية لأن هذا سيهيج من الفتن ما لن تنطفيء ولو بعد قرن من الزمان ، وسيفرق العراق إلى أشلاء يستحيل بعد الآن جمعها ثانية .
مضافا إلى أن لا فخر أو جمال في التسمية لمجرد التسمية إن كان ليس بالوارد إعتماد نظام إسلامي أما أن أعتمد فتلك لعنة رهيبة ولا شك .
نحن نعرف أن العراقيين جلّهم مسلمون منذ الف وأربعمائة عام ولا نظن أن الإضافة على اسم الدولة يمكن أن يعزز إيمان الناس أو يضيف للبلد المزيد من المهابة أو القيمة .
هذه التسمية تذكر بالتسميات التي أُلحقت بجمهوريات القرن والشمال الأفريقي وبعض دول أوربا وآسيا ، مثل الصومال الديموقراطية والجزائر الديموقراطية والسودان الديموقراطية وكوريا الديموقراطية ، وكلها كانت ( وبعضها لا زال ) أنظمة عسكرية أو فاشية أو دينية متطرفة .
فهل سنكرر نفاق الآخرين ثانية ... !

*****************

ثانيا : مسألة أن يكون الإسلام دين الدولة الرسمي ، لا غبار عليها كإدعاء إن أرادوا الإدعاء ، لكن أن يكون الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع فهذا مربع أيها السادة ، لأن الإسلام لا يمتلك كما نعرف شرعا متماسكا منسجما متكاملا عادلا ، فهل ستعودون لقطع أيادي الناس وسلخ جلودهم وإجلاسهم على الخوازيق وضرب الكافر بالسيف على عنقه ، وهل ستعاملوا المرأة بشرع الإسلام وتفرضوا عليها أن تقر في بيتها وأن لا تعمل ولا تنتج وأن تضرب لتؤدب وأن لا يحق لها إلا ميراث الثلث أو الخمس ولا يحق لها أن تعطي رأيا في حياتها الإنسانية والعاطفية والإجتماعية ولا يحق لها أن تشارك في تهذيب أبنائها وأن لا يجاز لها أن تعترض على الأب إن أخطأ وأراد التصرف بروحها وجسدها وعقلها على ضوء قناعاته الشخصية وبلا أدنى رأي لها ولا حماية من الدولة التي هي الممثل الرئيسي للمجتمع في الدولة الديموقراطية والتي هي وحدها المناط بها من قبل المجتمع كله أن تكون بهيئاتها الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) تكون يد المجتمع التي تضرب على المسيء والخارج على إرادة هذا المجتمع .
هذا لا يصح يا سادة في دولة ديموقراطية ، بل كان صحيحا في حينه لدولة لا تمتلك إنتاج ولا موارد ولا حاجة للنسوة وكانت تعيش على الغزو وريع الخراج الذي يؤخذ من أهل الذمة ومن البلدان المفتوحة من قبل الرجال لا النساء . مجتمعنا الآن مجتمع معقد ، وموارد الدخل متنوعة والمرآة عاشت زمنا كبيرا من الحرية يفوق الخمسون عاما وهي على تماس كبير بالتطور الذي حصل لدى النساء في الشرق والغرب والبلد بحاجة لذراع المرأة ويدها وعقلها وفكرها ، وأنتم بهذا الشرع القديم البالي تحشرون المجتمع كله في زاوية خانقة ستؤدي ولا شك إلا الخراب الإجتماعي كما هو حاصل في إيران مثلا حيث نسبة العاهرات هي الأكبر بين دول الشرق أو السعودية حيث ينتشر الشذوذ الجنسي والعنوسة التي تبلغ حدا رهيبا جدا ، وحيث نتج عن تطبيق الشريعة في السعودية والسودان وإفغانستان وباكستان ، نتج عن ذلك إنتشار الإرهاب الدموي ، كما وإنتشار المخدرات والجريمة والإغتصاب .
هذا العصر لا يمكن أن يناسب شريعة إسلامية جاءت لبلد غير بلدكم هذا وفي عصر غير عصركم هذا ، مضافا إلى المزيد والمزيد من الإشكاليات الأخرى التي لا يمكن أن تغطيها الشريعة بشكل عادل ، علاوة على أن هناك طيفين إسلاميين فأي الطيفين ستطبقون أم إن الدستور سيغدو دساتير حسب إجتهادات فقهاء المدرستين أو المدارس الإسلامية المتعددة الموجودة في العراق .
عودوا إلى دستور العشرينات أو دستور عبد الكريم قاسم فهما أكثر نضوجا وعدالة من دستوركم هذا الذي تريدون له أن يعود القهقرى قرابة الألف وخمسمائة عام ، والذي لم يطبق جديا إلا خلال الربع قرن التي عاشها الخلفاء الأربعة ، أما ما عدا ذلك فقد كانت إجتهادات فقهاء وولاة وسلاطين وبعض الإبداعات التي أُخذت من الدول التي كانت قائمة قبل الإسلام كالإمبراطورية الرومانية والفارسية والحضارات العراقية والشامية القديمة .

___________________________________________________________

كفوا عن اللغو يا سادة ، فلو كان في الإسلام عدل لما وصل الحال إلى هذا الذي بلغه .
في الولايات المتحدة تعيش المئات من الأقوام بحب وسلام وتفاهم وأنتم طائفتين كلتاكما تدعيان الإسلام ومع ذلك تتقاتلون على تركة عثمان وعلي لحد الآن ، فبأي شرع ستحكمون وأي عدل ستمنحون ؟
___________________________________________________________

أوسلو في ال28 من تموز 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيك سوليفان: -قرار تجميد شحنة الأسلحة، لا يعني أننا سنتخلى ع


.. اتساع رقعة العمليات العسكرية في غزة رغم الدعوات الدولية لوقف




.. معارك ضارية في الفاشر والجيش يشن قصفا جويا على مواقع في الخر


.. -منذ شهور وأنا أبحث عن أخي-.. وسيم سالم من غزة يروي قصة بحثه




.. بلينكن: إذا قررت إسرائيل الذهاب لعملية واسعة في رفح فلن نكون