الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشأن دعوتنا للمساهمة في أشغال الاجتماع المزمع عقده حول موضوع الصحراء بمشاركة الأحزاب السياسية

النهج الديمقراطي العمالي

2005 / 7 / 30
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إلى السيد محمد المعتصم المستشار بالديوان الملكي
الموضوع: بشأن دعوتنا للمساهمة في أشغال الاجتماع المزمع عقده حول موضوع الصحراء بمشاركة الأحزاب السياسية.

السيد المستشار المحترم

تحية وبعد،

تلقينا باهتمام بالغ الدعوة التي وجهتموها إلينا للمساهمة في أشغال الاجتماع المزمع عقده حول موضوع الصحراء بمشاركة الأحزاب السياسية. وقد تدارست الكتابة الوطنية في اجتماعها المنعقد يوم السبت 16 يوليوز 2005 هذه الدعوة بإمعان، وقررت التوجه إليكم بالرسالة التالية:



السيد المستشار،

1. ما من شك أن قضية الصحراء (موضوع هذا الاجتماع) هي في نظرنا واحدة من أكبر وأهم المعضلات التي يواجهها المغرب سواء بالنظر إلى وقعها على الحياة السياسية الداخلية وعلى مركز المغرب في المنتظم الدولي، أو من حيث آثارها وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.

فتحت شعار الإجماع الوطني حول قضية الصحراء دخل المغرب في "مسلسل ديمقراطي"تميز بتزوير الانتخابات وفبركة الأحزاب وإنتاج مجالس ونخب بعضها فاسد وبعضها عاجز مما أوصل البلاد إلى حافة "السكتة القلبية".

وقد تأثر مركز المغرب على الصعيد الدولي بسبب مشكلة الصحراء حيث اضطر إلى الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية وقبول مبدأ تقرير المصير وتنظيم استفتاء لهذا الغرض تحت إشراف الأمم المتحدة، وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع البوليساريو، غير أن تنظيم الاستفتاء تعثر بسبب الخلاف حول لوائح الناخبين. وإن التنكر اليوم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره لمن شأنه أن يظهر المغرب من جديد بمظهر الدولة المخالفة للقانون وللشرعية الدولية.

وكانت قضية الصحراء على الدوام مبعث خلاف في منطقة المغرب العربي جعل المغرب والجزائر – البلدين الشقيقين- يقفان في كثير من الأحيان على حافة المواجهة، كما أنها كانت عائقا من بين العوائق التي تحول دون تحقيق ما تتطلع إليه الشعوب المغاربية من تكتل وذلك في ظروف تتضاءل فيها حظوظ الكيانات الضعيفة في البقاء والنمو.

أما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، فإن التكاليف التي ترتبت عن قضية الصحراء في ميدان التسلح والمجهود الحربي، كان من الممكن أن تصرف في تمويل النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. وبدلا من ذلك زاد إطلاق يد البيروقراطية العسكرية في الثروات البحرية ومقالع الرمال من أهمية الأنشطة الريعية وعمق الطابع غير الشفاف للاقتصاد، وزرع العقبات في طريق الإصلاح والدمقرطة.

2. ومن جهة أخرى فإن التعامل مع قضية الصحراء كشأن عام ومناقشتها في اجتماع تشارك فيه القوى السياسية لهو حدث يثير الاهتمام، خاصة إذا كان الباعث على عقد هذا الاجتماع هو فتح نقاش حقيقي بغرض البحث عن حل لمعضلة تطال وطأتها مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، وليس مجرد البحث عن نفس جديد لذات السياسات القديمة.

ففي ظل الأجواء التي سادت المغرب خلال العقود الثلاثة الماضية، والتي تميزت بغياب مشاركة سياسية حرة وحقيقية، ظل تدبير ملف الصحراء بيد القصر وحده، ولم يكن بإمكان الرأي العام والأحزاب السياسية أن تلعب أي دور حقيقي باستثناء مباركة القرارات المتخذة. وقد تم اعتماد أسلوب في تدبير ملف الصحراء يقوم في جانب منه على عنصرين: إحكام القبضة الأمنية من جهة مما أدى إلى حصول اختطافات واعتقالات ومحاكمات ذهب ضحيتها العديد من الصحراويين، واستمالة أعيان القبائل عن طريق إغداق المنافع عليهم من أجل استعمال نفوذهم في التأثير على السكان. وحيث انتهى هذا التدبير إلى النتائج المعروفة، بحيث أن القمع لم يتمكن من إخراس الصحراويين كما أن المراهنة على الأعيان أثبتت فشلها فإن المطلوب ليس هو البحث عن وسائل جديدة لخدمة نفس التصورات والأهداف القديمة وإنما هو مساءلة تلك التصورات والأهداف نفسها، وذلك في إطار حوار تطبعه الحرية والصدق مع النفس.



السيد المستشار،

إذا كنا ندرك أهمية قضية الصحراء وانعكاساتها على مستقبل المغرب من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وإذا كان الجميع قد بات يستنكر التدبير الانفرادي لهذا الملف، فإننا وفي المقابل لم نلمس بعد ما يؤكد وجود إرادة سياسية للبحث عن حل حقيقي وديمقراطي لهذه القضية.

1. لقد عرف الموقف المغربي الرسمي انعطافة حادة فيما يخص قضية الصحراء، فبعد ما كان يقبل بحل هذه القضية على أساس مبدأ تقرير المصير وبمخطط الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء، وينازع في التفاصيل المتعلقة بلوائح الناخبين، يبدو الآن وكأنه قرر التنصل من التزاماته السابقة في هذا الشأن، وأخذ يدعو إلى إيجاد حل متفاوض عليه ومقبول من جميع الأطراف. ويُخشى أن يكون هذا التحول انعكاسا لقراءة متسرعة للوضع الدولي بدءا بما جاء في تقرير الأمين العام للمتحدة إلى مجلس الأمن بشأن الصعوبات التي تقف في وجه تطبيق المخطط الأممي، مرورا بالالتزام الذي قد تكون الولايات المتحدة قطعته على نفسها بمعارضة فرض أي حل لا يقبله أحد الأطراف، وانتهاء بوصول الحزب الاشتراكي في أسبانيا إلى الحكم بدلا من الحزب الشعبي، وما تلاه من تحسن بيّن في العلاقات المغربية الأسبانية.

2. وقد ترتب عن هذا التطور الذي أعاد القضية إلى نقطة الصفر احتقان قوي في الصحراء عكسته عدة مؤشرات منها تلويح البوليساريو باستئناف العمليات العسكرية، ومنها الأحداث الأخيرة التي عرفتها بعض المدن الصحراوية وكذا بعض الجامعات كالرباط ومراكش وأكادير، وما تخللها من قمع واعتقالات ومحاكمات عصفت بالمكتسبات التي كانت قد تحققت مع إطلاق سراح المعتقلين الصحراويين، وبعد ما ساد الاعتقاد بأن مجالا أوسع للتعبير والحركة أصبح متاحا، هاهي ذي الاعتقالات والمحاكمات تذكر الجميع بهشاشة تلك المكتسبات. ونحن نعتقد أن انسداد آفاق الحل السياسي لن تؤدي سوى إلى زيادة هذا الاحتقان، وهو ما سيؤدي إما إلى استئناف المواجهات العسكرية بصورة من الصور، أو إلى تصعيد الاحتجاج السياسي في المناطق الصحراوية فيما أصبح الصحراويون يسمونه انتفاضة الاستقلال. ولاشك أن عودة قوية "للمقاربة الأمنية" لن تكون في مصلحة النضال من أجل الديمقراطية، كما أنها ستعصف بالصورة التي يسعى المغرب ليقدمها عن نفسه كبلد "يعيش انتقالا ديمقراطيا". ولعل التصريحات الأخير لوزير الخارجية الإسباني مؤشر دو دلالة، كما اعتراف كينيا بالجمهورية الصحراوية بعد جنوب أفريقيا قد يكون علامة على ما قد يحمله المستقبل.

3. ومما يزيد من قلقنا بخصوص آفاق قضية الصحراء أنها ما زالت في الخطاب السائد، رسميا كان أو حزبيا، تقدم وكأنها موضوع إجماع (بما لهذا اللفظ -إلى جانب مدلوله السياسي الذي يعني الاتفاق على قواعد اللعبة الديمقراطية- من معاني دينية تنبذ الاختلاف وتقيم الرأي الوحيد)، وبوصفها ثابتا من الثوابت المقدسة التي لا يجوز الخروج عليها ولذلك نخشى أن يكون الأمر متعلقا بالسعي إلى حشد جبهة داخلية لخوض "معركة مقدسة" وليس متعلقا بنقاش وطني حول قضية سياسية مصيرية فعلا ولكنها – كأي قضية سياسية- تحتمل الأخذ والرد.

لكل ما تقدم، فإننا في النهج الديمقراطي نعتقد أن:

- التوجه نحو إيجاد حل لقضية الصحراء لا يتناسب وأسلوب التصعيد سواء في ردهات الأمم المتحدة أو في المناطق الصحراوية. وفي هذا السياق نطالب بالإفراج عن المعتقلين الصحراويين الذين تمت متابعتهم بمناسبة الأحداث الأخيرة. وتكريس مناخ قائم على حرية التعبير بما فيه حق تأييد الاستقلال.

- أي حل لقضية الصحراء إما أن يكون حلا ديمقراطيا أو لا يكون.

- إن قضية الصحراء وقضية الديمقراطية مرتبطتان تؤثر كل واحدة منهما في الثانية وتتأثر بها. فنزاع الصحراء أثر سلبا على التطور الديمقراطي للمغرب وغياب الديمقراطية لا يساعد على إيجاد حل لقضية الصحراء. ولذلك نعتقد أن أي تقدم في حل قضية الصحراء يستوجب تقدما في طريق الديمقراطية والعكس صحيح.

وحيث أننا لم نلمس بعد وجود إرادة سياسية للانخراط في البحث عن حل ديمقراطي، فإننا نعتذر عن المشاركة في الاجتماع المذكور.

وتقبلوا فائق تحياتنا

الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي
الدارالبيضاء في 17/07/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!