الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماوراء مبادرة السيسي- نعم نستطيع !

شريف عشري

2014 / 6 / 28
الادارة و الاقتصاد


مخطىء من يظن ان دعوة السيسي للتبرع من أجل مصر تستهدف اصلاح الاقتصاد ..... الحقيقة أن العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين قد اساءوا الفهم بخصوص مبادرته الأخيرة بصدد التبرع لدعم مصر ... فمعروف بداهة لدى الجميع أن اقتصاديات الدول لا تبنى على التبرعات والتسول وأن الأمر أكبر وأعظم من ذلك بكثير ..ولكن أمرا آخرا أراده السيسي من وراء تلك المبادرة ..أمرا يتجاوز المعنى القريب الى المعنى البعيد الذى ينطوى على حفز الهمم وشحذ الأفكار وتجميع الجهود والتعبير بصدق عن حب مصر ...فنحن فى مرحلة حرجة تستلزم منا العمل وبذل الجهد .. وهذا لن يتأتي بدون حب لهذا البلد والتعاون بين عناصره على كافة المستويات ..والحب يستلزم بالضرورة بذل وعطاء وتضحية .. فبرهان الحب هو البذل والعطاء دون إنتظار المقابل .. والعطاء ينبغى أن يأتى من الغنى قبل الفقير ... فالفقير ليس عنده شىء يبكي عليه أما الغنى فالمال عزيز عليه ..وتبرعه بما هو عزيز عليه إثبات عملى لتضامنه فى حب هذا البلد الذى كان سببا بل محلا وموطئا لتكوين ثروته ..البلد تمر بظروف صعبة ..فالعجز فى الموازنة متفاقم وبلغ مايفوق ال 340 مليار جنيه ومصادر التمويل ضعيفة ..فالنظام الضريب مازال بحاجة الى إعادة هيكلة .. وقوانين مكافحة التهرب مازالت بحاجة الى تفعيل وإحكام .. والثروة المعدنية للدولة تستلزم الخضوع لاعادة التقييم والتسعير بما يوافق السوق العالمي .. والصناديق الخاصة الى الآن لم تقدر حصيلتها ولم تضم للموازنة ...والمفاوضات مع صندوق النقد الدولى تتراجع عشر خطوات كلما تقدمت خطوة واحدة نظرا للتخوف من الشروط التقشفية التى تصحب تطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي اللازم للحصول على قرض الصندوق ..والمعونات العربية من الدول الصديقة والشقيقة لن تستمر الى الأبد ..والوضع إذن مأساوى بالنسبة لحصيلة الإيرادات السيادية للدولة ..والمعونة الأمريكية-خصوصا الاقتصادية- فى إنخفاض مستمر ومنذ فترة كبيرة وليست وليدة الأحداث الراهنة - تقريبا بعد أحداث 11 سبتمبر - وربما تنقطع فى يوم ما ..والالتزامات على الدولة من سداد اقساط الديون والرواتب والاجور وبقية النفقات الجارية كما هى بل تزداد ! ناهيك عن ان هناك أمورا خاصة بالنفقات الحكومية ينبغى أن يعاد النظر فيهاوضغطها بما لا يخل بكفاءة النفقات ...وجملة القول أنه فى ظل وضع حزين مثل هذا الوضع لن تكون التبرعات هى الحل بكل تأكيد لأنه مهما زادت حصيلتها فلن تغطى على الأقل الرواتب والأجور ! فما بالك بدعم الطاقة ودعم السلع الاستراتيجية التى تشتريها الدولة وتبيعها للمواطن المتوسط والفقير باقل من سعرها السوقى وتتحمل هى الفرق ! . إذن لم يعد أمامنا سوي العمل والعمل عن حب وليس عن إكراه ..ومن هنا يكون حفز الهمم وإستثارة الإرادة ..
إذن مبادرة السيسي هدفها معنوى أكثر منه مادى .. لكن فى نفس الوقت نتمنى ألا تكون مثل سابقاتها من المبادرات التى ذهبت أدراج الرياح ولم نعرف شىء عنها حتى الآن ..كم حصيلاتها وفى أى مجال انفقت ؟ ! هذا إن أنفقت على المواطنين بالفعل!! أمور غامضة لم نحيط بها علما !..فعقب ثورة يناير أسس الدكتور سمير رضوان وزير المالية في ذلك الوقت صندوق "25 يناير"، وبعده تبنى الفنان محمد صبحي حملة لتطوير العشوائيات برقم حساب "444333" تحت اسم "معا"، وتبنى الشيخ محمد حسان مبادرة صندوق "المعونة المصرية" لدعم الاقتصاد الوطني بأيدي مصرية حين هددت أمريكا بقطع المساعدات المالية عن مصر بعد ثورة يناير.
وعقب ثورة 30 يونيو تم فتح حساب صندوق دعم مصر 306 306 لدعم مصر والذي دعى اليه رجل الاعمال محمد الامين والذي تم تشكيل مجلس امناء له برئاسة فاروق العقدة محافظ البنك المركزي السابق وبلغت حصيلته مليار جنيه. .. إلا أن السيسي لن يحاسب بأثر رجعى على أمور لم يقترفها ...إنما حسابه يبدأ من يوم تنصيبه رئيسا للجمهورية وبالذات من لحظة إطلاق تلك المبادرة ولذلك لزاما عليه أن تتسم حكومته بالشفافية بصدد عرض ميزانية صندوق "تحيا مصر " كم الأموال التى دخلته وفى اى مجال صرفت ؟..هذا أمر جد خطير لاستعادة الثقة بين المواطن والحكومة ..إذن الحب وإثبات هذا الحب هو القوة الدافعة التى سوف تقود الاقتصاد ..بل هو مرآة الإنتماءلهذا الوطن .. فكم من شعوب مثل اليابان وألمانيا قد سويت بالأرض عقب الحرب العالمية الثانية ولكنهم بالحب والانتماء والبذل والعطاء والعمل أعادوا بناء دولهم على أبهى واروع ما يكون ! ( يحكي أن العمال فى اليابان كانوا يعملون نظير الوجبة وبلا مقابل مادي ) ولربما تلك هى الرسالة التى أرادها السيسي وكأنه يردد وراء المتنبى قوله :
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن


.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع




.. لماذا امتدت الأزمة الاقتصادية من الاقتصاد الكلي الإسرائيلي ب


.. تقرير خطير.. جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع أسعار الذهب لـ3 آلاف




.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية