الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أسباب تفشّي -ظاهرة- الفردانية في العمل السياسي

عيسى ربضي

2014 / 6 / 28
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كنت قد تناولت مسبقاً عدة مرات قضية تنامي "ظاهرة " الناشطين الفردانيين مقابل، او كنتاج لتراجع دور وفاعلية الأحزاب السياسية الثورية. ولن اكرر ما قلت سابقاً لكني سأضيف بعض الرؤى التي ارى انها تساعدنا على فهم "ظاهرة" التشرذم النضالي لصالح السوبر مناضل من جهة ومن جهة ثانية لماذا وكيف وجدت هذه الظاهرة السوبرية لها تربة خصبة في تاريخ الأحزاب السياسية الثورية التي كانت تتربع على قمة هرم النضال الوطني لعقود خلت.
انا ارى ان بدايه خلق ظاهرة الفردانية او افساح المجال لها لتنمو كما العشبة الضارة في حقل العمل الثوري "المعاصر" - أي منذ بدايات الفعل الثوري المنظم ضد بريطانيا والهجرة اليهودية واستمرارها ضد الأحتلال الصهيوني لاحقاً - كانت في اللحظة التي تربع قادة على عرش المقاومة - سواء استحقوا هذا الموضع ام لم يستحقوه - ولم يعودا يغادروه. كان كل "قائد" يعتلي عرش حزب او لجنة او هيئة ولا يغادرها الا ميتاً، ولا يوجد تقريباً استثناءات لهذا التنصيب وان كانت المنافسة بين العائلات التي طمحت وطمعت بالقيادة السياسية تخلي مكاناً او منصباً لتعيد تقسيم الارث السياسي الا ان "القائد" يبقى هو نفسه فتتغير اسم الهيئة او الحزب او اللجنة ولا يتغيير القائد.
مع انكشاف حقيقة اقامة كيان صهيوني على اكثر من ثلاث ارباع فلسطين التاريخية، وبدء "الثورة" على الأقطاع العائلي ليس في فلسطين فقط بل بالعديد من الدول العربية وخصوصاً مصر التي كان لها أكبر الأثر في الحركة الثورية في فلسطين، بدأ اتباع الفكر القومي يرون بقادة هذه الثورات نماذج الخلاص البديلة للاقطاع المهترىء. فظهر " القائد القومي" بديلاً للقائد الاقطاعي وتم اعطاءه نفس الهالة التي اعطيت من قبله للقائد الاقطاعي وشكل نموذجاً يحتذى للعديد من قادة الأحزاب السياسية من اليمين الى اليسار. ومع بداية انشاء الأحزاب والحركات الثورية بعد النكبة مباشرة ظهر صف جديد من القادة السياسيين والعسكريين الذين تربعوا على عرش قيادة الأحزاب منذ تأسيسها حتى وفاتهم او فناء احزابهم، مع استثناءات قليلة جداً خصوصاً بالصف القيادي الأول. وحتى في الأحزاب التي كان يجري بها انتخابات للصف القيادي كان "القائد" الملهم المعلم المؤسس يستمر في حصد اعلى الأصوات لأسباب عدة لسنا بصدد نقاشها هنا لكن من المهم الاشارة لها كونها احدى نتائج-مسببات هذه الاستمرارية في القيادة الفردية.
وان كان بعض قيادات الأحزاب اكثر ديمقراطية في اتخاذ القرارات من غيرهم الا ان بقائهم في مناصبهم بدون تغيير لعقود من الزمن - بعضهم له اربعة او خمسة عقود - يعني انهم يصنعون ويعيدون انتاج القيادة الفردية والفعل الفردي باستمرار. فالقائد الخالد بخلوده يخلق نمط من الفردانية ويعطي لهذا النمط "شرعية ثورية" تفتح الأفق للأنتهازيين ليكونوا اكثر فردانية واكثر تفرداً بالرأي والقرار وبالتالي أكثر قدرة على شرعنة كل تنازلاتهم او سياساتهم المغامرة على حد سواء.
من جهة ثانية، كان لهذه القيادات الكثير من القرارات والمواقف التي تتناقض مع قراراتهم او مواقفهم السابقة بدون تفسير او تبرير معقول! والفاجعة ان الأتباع يهللون لحكمة القائد!!! فما دام الموقف الذي يحكم الأتباع هو خطوة القائد - فلا بد ان يكون القائد من الحكمة بمكان بحيث لا يمكن له ان يتخذ قراراً خاطئاً - فلا بد ان يقدم القائد على خطوته بثبات واثق الخطى...
في التاريخ الفلسطيني العديد من القرارات التي اتخذت من قبل القائد وكانت اما انتهازية او مغامرة واحياناً مدمرة ولم نسمع عن اجراءات لمحاسبة هذا القائد الملهم ( وأخص احزاب اليسار لتبنيها مبادىء النقد الذاتي والنقد والمحاسبة كمبادىء تنظيمية لينينة وليس لأنها كانت الأسواء) بل على العكس تم الدفاع عن هذه القرارات في حينها وكأنها قرارات منزّلة.
تفرد القيادات السياسية بموقعها وبالغالب بقرارها من ناحية واتخاذ هذه الخطوات الفردانية التي بررها اتباعهم واحزابهم من جهة ثانية شكلت ارضية خصبة لتنامي الفردانية بانتهازيتها ومغامرتها وافسحت المجال امام هذه الفئة لتشكل ظاهرة اصبح لها وزنها وسيكون بالمستقبل لها وزناً اكبر اذا لم تتخذ الأحزاب السياسية الثورية - اليسارية - اجراءات ثورية حازمة لأعادة بناء قلعتها وتحصينها بالفكر الثوري التحليلي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب