الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش و الحرب النفسية

قصي طارق

2014 / 6 / 29
الارهاب, الحرب والسلام


الحرب النفسية
الحرب النفسية هي الاستعمال المخطط و المُمنهج للدعاية ومختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات العدو بطريقة تسهل الوصول للأهداف. كما أنها وسيلة مُساعدة لتحقيق الاستراتيجية القومية للدولة. وتُشن في وقت السلم والحرب على السواء، وتُستخدم فيها كل إمكانيات الدولة، ومقدراتها من سياسية، واقتصادية، وعسكرية، وإعلامية وغير ذلك من القوى التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحدد كيان المجتمع وشكله. ويمكن القول أيضاً أنها متأصلة في جذور التاريخ الإنساني، ولهاأمثلة كثيرة لها في تاريخ الجنس البشري.داء اليأس والقنوط والإحباط النفسي، أو خلخلة النفسيّة، وإشعارها بالعجز المتناهي عن الصمود والثبات، وتهديد مصالح الأعداء : هو أكبر هدف ظلّ أعداء يعملون على تحقيقه ، حتى يجعلوا الأمّة لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بكل سهولة . وذلك لأنّ الأمة مهما أُصِيبَت بالانكسار على المستوى العسكري الماديّ، فإنّها تظل قادرة على مقاومة الأعداء ومواجهتهم وإعمال الكرّ والفرّ في مقاومتهم ، ما لم تُمْنَ بالإحباط النفسي واليأس الفكري والهزيمة المعنوية التي هي أشنع الهزائم التي يُصَاب بها فردٌ أو جماعة . إنّ هذه الهزيمة إذا أصابت نفس أمة ، أهلكتها ؛ لأنها تعود إذاً صالحة للتعرض لكل نوع من المهانة والذل .
ولذلك ظلّ الأعداء يستهدفون الأمةَ في كل عصر ومصر في معنويتها ، ويسعون لخلخلة النفسيّة وتعريضها للقنوط والإحباط . ولم يكتفوا بإنزال الهزيمة العسكرية والانكسار المادي على الأمة، وإنما ركّزوا عنايتَهم على إصابتها بالهزيمة الداخليّة التي تمسّ أعماقَ الضمير، و تجعله – الضمير – يشعر بالصدمة القاسية الأليمة ؛ فإن نجحوا في تحقيق الانتصار العسكري على البشر ، ولم ينجحوا في تحقيق الانتصار المعنوي، تأكّدوا أن انتصارهم قرين الانكسار ، وأنه انتصار مُوَقَّت سرعان ما يتحوّل انكسارًا . وهكذا كان ؛ فربما حدث أن مُنِيَت الأمة بالهزيمة العسكرية لنقص في الاستعداد والتعبئة، أو لحكمة علمها الله عزّ وجلّ ؛ ولكنها عما قليل عادت فأحسنت الكرَّ ، وكسبت المعركة في الجولة اللاحقة، وانتقمت من العدوّ بشكل جعله لا يفكر بعدُ في مقاومة البشر .
الحرب النفسيّة هي التخطيط الدقيق الذي يتبنّاه الأعداء في كل معركة يخوضونها مع أبناء ؛ لأنهم يعلمون أن البشر ذات تركيبة خاصّة لا تقبل الانكسار المعنوي مهما مُنُوْا بالانكسار المادي . ولئن ظلت الحرب النفسيّة إحدى الركائز الرئيسة التي اعتمدها الأعداء في مقاومة البشر عبرَ التأريخ : تاريخ الصراع بين والجاهلية، فإنّها تطوّرت الآن بتطوّر وسائل الدعاية والإعلام التي يتحكم فيها الأعداء - من سوء الحظّ - تحكّمًا مُطْلَقًا ، ويُتْقِنون استغلالَها في تعبئة الرأي العامّ في العالم كله ، من خلال اختلاق "الحقائق" و وضع "الوثائق" وتكرار الأكاذيب مرات تجعل العالم يتأكد من صحتها وكونها حقيقة ناصعة البياض .
وقد سئمت بعضُ وسائل الإعلام من تقليب الأكاذيب التي فرضتها القوى المجهولة عليها فيما يتعلق بالحرب ضد أفغانستان
فالإحباط النفسي هو الذي تتوخى أمريكا إحداثه لدى البشر في العالم كله ، بجانب تحقيق الانتصار عليهم ماديًّا وعسكريًّا و اقتصاديًّا ، أي إنّها لا تهدف إلى هزيمة البشر عسكريًّا واقتصاديًّا فقط ، وإنما تهدف إلى جانب ذلك إلى هزيمتهم المعنويّة ؛ حتى لا يخطر ببالهم في الحاضر أو المستقبل مواجهة الحضارة الأمريكية التي هي خير حضارة في العالم!!.
ليس من السهل بحال ان نضع تعريفاً محدداً للحرب النفسية، أو نحدد مجالها. وحتى وقتنا هذا فإن الحرب النفسية غير واضحة في أذهان الكثيرين على الرغم من الكتابات الأجنبية العديدة التي عالجت هذا الموضوع. والحرب النفسية تبدو في أذهان الناس بمفاهيم مختلفة متغيرة، ولم يتمكن حتى ألئك الذين تخصصوا في هذا الموضوع أن يضعوا هذا الاصطلاح في إطار واضح المعالم. ولقد جاء هذا الاختلاف في تحديد تعريف واضح للحرب النفسية، نتيجة أن مجال نشاطها غير متفق على حدوده، وحتى بين الهيئات المختلفة داخل دولة واحدة، فإن مفهوم الحرب النفسية يختلف وتفسره كل هيئة بشكل متغاير.
اتخذت الحرب النفسية الكثير من المصطلحات التي تعبر ولو، وجدانياً، عما تدور حوله. وفيما يلي قليل من هذه المصطلحات:
الحرب الباردة
حرب الأفكار
الحرب الأيديولوجية أو العقائدية
حرب الأعصاب
الحرب السياسية
الاستعلامات الدولية
الإعلام الدولي
العدوان غير المباشر
حملة الحقيقة
يسعى دائماً كل طرف من أطراف النزاع قبل المعركة وفي أثنائهاإلى إضعاف موقف الطرف الآخر عن طريق شن هجوم عنيف على القوى الروحية والنفسية لديه، وفي الوقت نفسه يسعى إلى تقوية موقفه هو.
فترة الحرب العالمية الثانية

استطاعت دول المحور، دول روما، برلين، وطوكيو أن تجعل شعوبها أولاً راضية عن القيام بحرب عدوانية، ثم قامت بتفتيت خصومها للحصول على النصر جزءاً بعد آخر، وكان عليها أن تخيف أعدائها المباشرين، وأن تُهدئ خصومها المنتظرين.
وقد اقتضت كل المحاولات التي سبقت العمليات العدائية استخداماً واسع النطاق للدعاية السوداء برغم ما بُذل من جهد كبير لإخفاء تلك الدعاية. ولقد حقق الألمان في ميدان الدعاية ثلاثة انتصارات:
1. في المجال السياسي يجعل كتلة كبيرة من الرأي العام الدولي ترى أن مستقبل العالم يتوقف على الاختيار بين الشيوعية والفاشية.
2. في المجال الاستراتيجي بأن تبدوا كل ضحية على أنها هي الضحية الأخيرة، وبذلك يتقدم الألمان رويداً رويداً.
3. في الميدان السيكولوجي باستخدام الذعر الكامل بجعل الشعب الألماني نفسه يخشى من تصفية الشيوعية له، كما استخدمت أفلام عمليات الحرب الخاطفة لإخافة الجماعات الحاكمة في دول أخرى ولتحطيم المعنويات، وتسبب عن ذلك ما يُسمى بالانهيار العصبي للأمم وذلك بابقائها دائماً في حالة شك وعدم تيقن مما يُمكن أن يحدث لها غداً.
من ناحية أخرى، لوحظ أن كلاً من ألمانيا وبريطانيا وجدتا في الإذاعة وسيلة فعالة يُمكن توجيهها إلى كل دول أوروبا على الموجات العادية، بل تستطيع كل منهما أن تتداخل في الإذاعة الأخرى بالقيام بما يُسمى أعمال الشوشرة. لقد ركز كل منهما اهتمامه لجذب انتباه أكبر عدد من المستمعين والتأثير في معتقداتهم، وعواطفهم، وولائهم سواء أكانوا أصدقاء أم محايدين أم أعداء.
خرج الألمان بعد ذلك بما يُسمى حرب الإذاعة وأخذوا منه الدرس والمبدأ الأساسي، وهو عدم السماح لإذاعتهم أن تسبق الحوادث والأحداث، إذ كان الراديو الألماني يعد المستمعين أحياناً لا يستطيع أن يُحققها العسكريون. وقد انتهز البريطانيون ذلك لتوجيه أنظار المستمعين إليها. مما جعل الألمان يضعون ضباط اتصال من الجيش في الإذاعة لمراقبة الاذاعيين في توجيه اذاعتهم.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يكن لديها أي أقسام مدنية أو عسكرية تتوافر لها وسائل الدعاية، ولكن كان لها في الواقع صلات غير مباشرة ببعض الصحف في كل أنحاء العالم. ولذلك كان أول ما قام به الرئيس روزفلت أن عين منسقاً للمعلومات Co-ordinator of Information. وامتلأت إدارته بالإخصائيين ولا سيما في القسمين الخاصين بالبحوث والتحليلات. وجمعت أكوام من المعلومات السياسية والجغرافية، والاقتصادية، ونسقت عمليات الإذاعة من جهة ومع السياسة الخارجية من جهة أخرى. وكانت الظاهرة العامة التي واجهها الأمريكيون في الحرب النفسية التي تولوها كانت تكمن في الناحية الإدارية.
وفي 13 من يونيو 1942، انشأ الرئيس روزفلت إدارة معلومات الحرب لتتولى السيطرة المباشرة وغير المباشرة على كل الدعاية المحلية والدعاية الخارجية في نصف الكرة الغربي الذي بقى تحت إدارة لجنة روكفلر في وزارة الخارجية، وأخذت ادارة معلومات الحرب قسم الإذاعة من إدارة التنسيق، والتي تغير أسمها إلى إدارة الخدمات الإستراتيجية وحددت أغراضها بالآتي:
1. استمرار جمع المعلومات.
2. القيام بالدعاية السوداء.
3. القيام بأعمال المؤامرات والتقويض بالتعاون مع السلطات العسكرية.
4.
ولفت الأنظار إلى أنّ الدول العربية أولت اهتماما كبيراً لمسألة مكافحة الإرهاب وكانت سباقة سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي إلى التنبيه إلى خطورة هذه الآفة التي عانت منها قبل وبعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، واتخذت العديد من المبادرات والتدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب منذ عقود من الزمن، وسبقت الأحداث إلى الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة منذ السبعينات من القرن الماضي.
5. ومن جانبه شدّد جي. إن. ديكسيت، وكيل وزارة الخارجية الهندية الأسبق، في كلمة له على أنّ الحكمة التي انتشرت خلال العامين الماضيين تؤكد أن الإرهاب قد أصبح قضية عالمية هامة بعد وقوع هجمات نيويورك وواشنطن، وأنّ الإرهاب صار "ظاهرة تخترق الإسلام"، معتبراً أن كلا الافتراضين يحملان طعم التحيز ويفتقدان إلى العقل.
6. وبعد أن رأى في الإرهاب ظاهرة سياسية واجتماعية أساساً وليست دينية أو روحية، شدد على أنه ينبغي النظر إلى هذه الظاهرة في إطارها الاجتماعي والتاريخي، كونها الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها إصلاح العقل وإدراك أسباب الإرهاب وصياغة الأساليب التي يمكن بواسطتها مواجهته.
وأضاف أن الناس يلجؤون إلى الخيار الإرهابي في المجتمعات والمواقف التي يولد فيها الإحباط من الظلم السياسي والاجتماعي، وتغيب عنها الديمقراطية واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، وحيثما يشعرون أنهم لا يستطيعون العيش دون كرامة ودون المستويات الضرورية للحياة الكريمة.
7. ودعا إلى أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تكون قاصرة على العمليات العسكرية العقابية خاصة من جانب الدول القوية، ذلك أن مثل هذه العمليات وهي تتعامل مع تحديات الإرهاب التي تواجهها فإنها تكون مدفوعة بأهداف استراتيجية وسياسية واقتصادية أكبر قد لا تكون متصلة بمصالح الشعوب في المناطق التي تتخذ فيها هذه الإجراءات العقابية، كما لا ينبغي أن تستند الإجراءات العقابية على الأحكام والقرارات الأحادية التي تتخذها الدول الكبرى.
ورأى أن الاتجاه الأساسي ينبغي أيضا أن يكون في مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإحباطات الثقافية لأولئك الذين يلجؤون للإرهاب، وهو ما لا يتطلب فقط اتجاهاً عقلانياً بل اتجاهاً إنسانياً شاملاً يخترق هذه المشكلات التي تؤدي إلى الإرهاب، وحلها بالصبر والأناة.
8. وتحدثت الدكتورة كيكي كنيدي داي، الأستاذة بجامعة روتجرز في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، عن "فشل المبادرات المستندة إلى العقيدة". ودعت الخبيرة الولايات المتحدة إلى العمل على استقرار الأوضاع على ساحة الصراع في الشرق الأوسط، وذلك تحقيقاً للسلام في المنطقة.
وأضافت أنه حان الوقت لتطبيق الضغط الحقيقي على الحكومة الإسرائيلية لتتوقف عن عزل الفلسطينيين، وأن يتوقف الإسرائيليون عن إنشاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، واستدراج الفلسطينيين إلى الصراع المسلح.

وأوضحت كنيدي داي أنّ السياسة التي تروِّج لها الولايات المتحدة والقائلة "ما عليكم إلاّ أن تثقوا بنا" لم تعد سياسة خارجية ناجحة، لافتة الانتباه إلى أنّ إدارة الرئيس جورج بوش غير قادرة على أن تفهم أنها حوّلت نفسها إلى ما يشبه تنظيم القاعدة.
9. ورأت أن الأزمة الحقيقية التي يعيشها المجتمع الأمريكي تكمن في تهديد الحريات المدنية، إذ بدأت "هيئات تنفيذ القوانين تغزو خصوصياتنا وتقيَّد حرياتنا، تحت اسم منع المزيد من الهجمات الإرهابية"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة قد أصبحت بلداً يفتقر إلى حرية الكلمة وإلى قانون الحقوق والحريات الأخرى، وفق تقديرها.
وأكدت أنه ينبغي على الأمريكيين أن يفهموا أن غالبية المسلمين ليسوا إرهابيين، وأن المسلمين الذين يقدر عددهم في الولايات المتحدة بستة ملايين مسلم لا يسعون لأكثر من أن يقبلهم المجتمع الأمريكي بشكل كامل، داعية إلى إقامة حوار متعدد الاتجاهات في المجتمع الأمريكي وعلى كافة القنوات.
ومن جانبه ؛ رأى البروفيسور أوليفر ليمان، أستاذ الفلسفة في جامعة كنتكي الأمريكية، أنه ليس هناك مبرِّر عام يدعو إلى التفكير بأنّ الإرهاب أمر غير أخلاقي، معرباً عن اعتقاده بأنّ الإرهابي يحتاج إلى التفكير بعناية في الموقف الأخلاقي الذي يعتزم اتخاذه، كما يحتاج إلى أن يميَّزه عن أعمال التمرد أو تلك الأنواع المتعددة من الجرائم الخاصة.
10. وأوضح ليمان أنّ الإرهابيين يميلون إلى استخدام عبارات مثل الأضرار المتزامنة في وصف الإصابات المدنية التي يحدثونها، راجين بهذه الطريقة أن يقارنوا أعمالهم بالعمل العسكري الذي تقرره سلطة الدولة الشرعية، وبذلك يقرَّون إلى حد ما شروط نظرية الحرب العادلة التي تحدد عدم جواز تشريع العنف بشكل استبدادي.
11. وتناول مفهوم "إرهاب الدولة" الذي يطلق عندما تقوم دولة ما بإحداث إصابات في المدنيين بصورة متعمدة، أو بأن تتصرف بطريقة تخلق بموجبها تلك الأضرار المتزامنة، معتبرا أن استخدام هذا المفهوم يمكن أن يُضعف العلاقة بين الإرهاب والعنف غير المشروع.
12. و أكد أنه ليس هناك جانب أخلاقي في الإرهاب يضعه في فئة جديدة من فئات الأعمال، موضحا أن الإرهاب يخلق ميادين جديدة للقتال ويتطلب أساليب مختلفة للمقاومة، ولكنه لا يثير أبداً قضايا أخلاقية جديدة، حسب تصوره.
13. أما البروفيسور مراد وهبة، أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس، فأشار إلى أنّ "تدمير مركز التجارة العالمي هو أعلى مراحل الإرهاب"، ذلك أنه بعد هذا الحادث بدأت تأويلات عديدة تسهم في الكشف عن جذور هذه الظاهرة. وأكد وهبة أنّ أهم جذور الإرهاب هو ما قد أصاب العقل الإنساني في بنيته الذهنية، إذ أصبح أداة لتدمير الحضارة الإنسانية بدل أن يكون أداة لتطويرها والارتقاء بها، لافتاً إلى أن الإشكال الذي يطرحه المؤتمر هو ماهية البنية الذهنية للإرهاب.
ودعا البروفيسور مراد وهبه، في الورقة التي قدمها تحت عنوان "معرفة ابستمولوجيا الإرهاب"، إلى ضرورة تحرير "الإرهابي" من وهم ملكيته للحقيقة المطلقة، حتى لا يرتد إلى الإرهاب، في سبيل أن يحيا العالم على أمل تأسيس سلام العالم.
14. وقال "علينا إزالة الوهم الذي يولّد الإرهاب باعتبار أن الإرهاب متجذّر في وهم اقتناص مطلق معين، وهو ما يتطلب الفصل بين مفهوم الحقيقة المطلقة ومفهوم المعرفة، لافتاً إلى أنه في تاريخ الفلسفة اضطهد الفلاسفة الذين حاولوا التدليل على أن أية حقيقة هي موضع تكذيب"، حسب تعبيره.
ووصف العمل الإرهابي بأنه قتل جماهيري موجه إلى مدنيين أياً كانوا، وهو يجعل من الإرهاب نوعاً من الفوضى، مضيفا أنه إذا كانت الفوضى نوعاً من النتوء، وإذا أصبح الإرهاب مع الوقت نسقاً مغلقاً، فإنّ النتوء سيزداد إلى أن يصل النسق إلى أقصى حالات النتوء وعندئذ يتوقف أي نشاط، وهو ما يؤشر على أن الحضارة الإنسانية معرضة للسقوط والانهيار.
15. ومن جانبه أكد الدكتور ديفيد ألكسندر جورج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيوكاسيل البريطانية، أنّ الإرهاب أصبح يدور في جو من الفوضى الفكرية واللغوية، ذلك أنه لا يوجد تعريف واحد متفق عليه و لا توافق في الرأي حول طبيعة هذه الظاهرة.
16. وفي معرض حديثه عن مسألة "وجود العقلانية في الإرهاب الحديث و المستقبلي وغيابها" أن الإرهاب يعني حسب النظرة الأكاديمية المتخصصة، تلك العلاقة بين الفرد أو الدولة، أو الضحية أو الجمهور، وأنّ هذا الفرد أو الدولة يستخدم أو يهدِّد باستخدام العنف المسلح المفرط ضد الضحية المستهدفة من أجل تحقيق أهدافه.
وتطرّق الدكتور ديفيد جورج، إلى مفهوم الإرهاب الحديث وما بعد الحديث، كما تعرّض إلى أشكال أخرى من الإرهاب كالإرهاب التعبيري. وأبرز أن أولئك الذين يلجؤون إلى هذه الوسيلة للوصول إلى الهدف ليسوا غير عقلانيين، ولا أفراداً مصابين باضطرابات نفسية، ولكنهم طبيعيون من الناحية النفسية مثلهم مثل أفراد الجمهور العادي.
17. ولكن البروفيسور أحمد محيي الدين، مدير مركز تنمية الموارد في بنغلادش، يرى بالمقابل أن الاحتجاج يعبَّر عن عقل مصاب ويبرز مدى الإصابة التي يعاني منها العقل، موضحا أنه كلما كانت الإصابة عميقة وخطيرة، كلما انفجر العقل المصاب وفقد تماسكه ورشده، وتحولت لغة الاحتجاج إلى لغة القوة التي غالباً ما تتسم بالعنف، و حيث يتوقف العقل و تنتصر قوى الانتقام.
18. وأضاف في ورقة عمل قدمها في المؤتمر المنعقد في أبو ظبي تحت عنوان "لغة الاحتجاج" أنه في عالم الديمقراطية النيابية، حيث تكون الدولة قوية بشأن مسئولياتها نحو مواطنيها، وضعيفة فيما يتصل بقوتها تجاه هؤلاء، تسود لغة مختلفة للاحتجاج.
19. ولفت إلى أنه في جميع المواقف والحالات، تعتبر الدولة من يشارك في حركات المقاومة بأنهم إرهابيون، بينما تهلّل لهم جماعاتهم على اعتبار أنهم مناضلو الحرية، وهو ما يجعل لغة الدولة على حد تعبيره تختلف عن لغة ضحايا الدولة نفسها.
20. واستنتج أنه عندما يعيش الناس تحت رحمة نموذج معيّن من نماذج السيادة والاستبداد، فإنه ينبغي عليهم أن يختاروا بين ثلاثة خيارات؛ هي الخضوع أو الرفض أو التحوّل، لافتا إلى أن الخضوع لا يعني بالضرورة التأييد، و لكنه قد يكون نوعاً من التكيَّف البطيء دون احتجاج.
21. أما الرفض فهو في نظره، دليل على حالة معينة من القدرة، وهو يتجاوز عدم الموافقة على ظروف الوجود وينطوي على عنصر من عناصر الاحتجاج، كما أنه ظاهرة سلبية ما لم يكن محركاً لعملية تحوّل.
وأضاف أنه من خلال التحوُّل، ينقلب المجتمع رأساً على عقب، مشيراً إلى أن التحوُّل قد يكون شاملاً لكل شيء؛ من المفاهيم إلى الإدارة إلى العمل الحكومي، ومن حماية الموطن إلى العلاقات الإنسانية.
وأوضح أنه رغم مظاهر النجاح والفشل؛ فإنّ الناس يميلون إلى رفض الأفكار والعمليات التي لا تتواءم مع أمانيهم، فيستخدمون لغات مختلفة للتعبير عن الإدانة والغضب والكراهية، مبرزاً بأن هذه اللغات تتدرج من التعبير الشفوي عن الاستياء بالشعارات، إلى التعبير المكتوب بالإعلان السياسي، إلى رد الفعل البدني، إلى المواجهة المسلحة كالحرب، لافتا الانتباه إلى أنّ لمؤيدي كل تعبير من هذه التعبيرات ما يبرر موقفهم.
22. ومن جانبها تحدثت الدكتورة منى أبو سنة، أستاذة الأدب الإنجليزي في كلية التربية بجامعة عين شمس، عن الحاجة إلى تأسيس نظرية تكاملية بشأن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تجمع ما بين نظرية المعرفة ونظرة التأويل وتهدف هذه النظرية إلى التفرقة بين الدين كرسالة والدين كمنتج بشري من صنع علماء الدين، وبين النص والتأويل ، وبين المطلق والاجتهادات البشرية.

http://im56.gulfup.com/9Aqzcj.jpg
الفصل السابع .الحرب النفسية .داعش ؟ مطبعة ليث فيصل للطباعة المحدودة الكاتب : قصي طارق 2014 بغداد.ص93-106.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود


.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991




.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع


.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست




.. الهجوم على إيران انتهى وإسرائيل تحافظ على تأهب عال