الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنها الجمهورية الرابعة ياطارق

محمد السعدنى

2014 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إن أصعب مايواجه الكاتب هو إضطراره لمناقشة أفكاراً طرحها من قبل، خصوصاً إذا ماتعلقت بالشأن العام فى قضية جوهرية يصعب تجاوز معناها ودلالاتها، مثل قضية تصنيف الجمهورية التى نحن بصدد إقامتها، وما شاع فى الوسط العام من أنها الجمهورية الثالثة، باعتبار الأولى جمهورية يوليو، والثانية جمهورية الإخوان، وفى ذلك إفتئات على الحقيقة والسوابق التاريخية ومستقرات العلوم السياسية.

وكان يمكننى التسامح مع من يخلطون الأوراق سواء بحسن النوايا أو بعمدها بما يضمرونه من عداء للتجربة الناصرية وجمال عبدالناصر فيضعونه فى سلة واحدة مع أنور السادات وحسنى مبارك، رغم فارق فلسفات الحكم وتوجهاتها مع كل منهم، لولا أن أعلن طارق الخولى عن تأسيس حزب الجمهورية الثالثة بما استوجبه من ضرورة الإشارة والتنبيه، ذلك أن طارق الخولى واحد من شبان الثورة المحترمين، ولقد عرفته واحداً من القيادات الطلابية لجامعة الإسكندرية، لايعرف المزايدة والرعونة ويقدر المسئولية للكلمة والحركة والفعل.
ولقد سجلت فى مقال سابق مانصه: "أن الذين يروجون لأننا عشنا ستون عاما من الفساد والاستبداد تحت نظام يوليو، إنما يجمعون مالايجمع، ويساوون بين الأضداد، فما كانت جمهورية مبارك إلا إنقلاب على جمهورية ناصر وثورة يوليو 1952، ولذا فإن من يدعون أننا بصدد تأسيس الجمهورية الثالثة إنما يزيفون بذلك الوعى ويدلسون على العلم ويتلاعبون بالتاريخ والسياسة. وكأنهم أرادوا أن يجمعوا فى سلة واحدة بين "جمهورية ناصر" فى مفردات عقدها الاجتماعى المؤسس للإستقلال الوطنى وللعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وكفالة حق التعليم والتشغيل والاسكان والصحة والضمان الاجتماعى وحماية الطبقة الوسطى التى هى رصيد التقدم والنهضة، وبين الجمهورية الثانية "جمهورية السادات – مبارك" التى انقلبت على كل ذلك وأسست للتبعية والطبقية وتوحش الرأسمالية والظلم الإجتماعى وتجريف عقل ووعى الأمة. إنها محاولة لإدعاء السفاح مابين مشروع ناصر الوطنى فى التنمية والتصنيع والتقدم والاستقلال الوطنى والتأسيس للدولة الناهضة وبين الدولة الرخوة فى فساد مؤسساتها وترسيخ عوامل التبعية والتقزم فى الجمهورية الثانية.
ياسادة شتان مابين حاكمية الدولة والتنمية الوطنية فى جمهورية ناصر وحاكمية السوق ورجالاته فى جمهورية مبارك التى وصلت حد تأسيس كارتيلات الاحتكار والفساد وكومبرادورات "وكلاء" الشركات متعدية الجنسيات وسيولة نظام الدولة وتآكل دورها الإقليمى والدولى حتى فى أهم مناطق نفوذها إفريقيا وعربيا وإسلامياً، هكذا كتبت غير مرة، وأضيف أن جمهورية الإخوان "الثالثة" جاءت امتداداً لجمهورية السادات – مبارك مع فجاجة التبعية وتهديدها المباشر لإستقرار الجغرافيا المصرية وتدفق التاريخ الوطنى، فقد هددوا ذلك فى سيناء وحلايب وشلاتين، وحاولت جمهوريتهم تغييب ماأستقر فى ضميرنا الجمعى عن معنى الوطن وقداسة حدوده وثوابته وسلامة أراضيه.

ياسادة: وكما قلت من قبل، فإن الجمهوريات تصنف طبقا للعقد الاجتماعى والمشروع الوطنى ونظام الحكم وتوجه السياسات والرؤية المؤسسية لدور الدولة والتزاماتها وانحيازاتها، ولاتصنف خبط عشواء طبقاً لأهواء ومصالح بارونات التليفزيون والمتثاقفين وأصحاب الهوى لإهالة التراب على تجاربنا الوطنية لصالح أنظمة وجماعات وأفكار رجعية ترى فى التجربة الناصرية وحلمها النهضوى عدواً لايزال قائماً.

يتفق معى فى هذه الرؤية د.عاصم الدسوقى المؤرخ الكبير الذى يرى أن فكرة تصنيف الجمهوريات مأخوذة عن التجربة الفرنسية، التى لم تكن متصلة، الثورة تعلن الجمهورية ثم تعود الملكية وهكذا، أما إذا كان ولابد من تصنيف فليكن على أساس فلسفة الحكم، وليس على أساس الأشخاص، ومن يقولون بأن الجمهورية الأولى حكمها عسكريون، محمد نجيب، جمال عبدالناصر، محمد أنور السادات وحسنى مبارك وكأنهم كلهم واحد وامتداد لجمهورية واحدة فهذا غير صحيح. نجيب كان رئيساً إنتقالياً، حيث تم تعيينه من قبل مجلس قيادة الثورة حلاً لاشكالية طرحها الغرب فى محاولة لإعادة الملكية والتى لم تكن قد ألغيت بدليل وجود ولى العهد ومجلس الوصاية. وقد تمحورت حول محمد نجيب الثورة المضادة، فطالب بعودة الأحزاب والدستور وعودة الجيش للثكنات، كل هذا فى أثناء المفاوضات مع الإنجليز، وبمجرد ما انتهى إتفاق الجلاء مع الإنجليز والتصديق عليه وبعد حادثة المنشية تم إعفاؤه من منصبه فى 14 نوفمبر 54. باختصار لم تكن تبلورت توجهات وفلسفة حكم نجيب، الذى عمل معه ناصر رئيساً للوزراء من 54 وحتى 56. لذا تعتبر بداية بلورة الجمهورية الأولى مع عهد عبدالناصر من عام 1956، ليأتى السادات من بعده فيمسح كل ذلك فى الجمهورية الثانية حيث تم إلغاء دور الدولة وانتهاج سياسة الانفتاح، والتصالح مع إسرائيل بعد أن تم الإطاحة بسياسات ناصر، ويأتى مبارك ليكمل خط السادات، ليصبح الرئيس الثانى فى الجمهورية الثانية.
وجاء مرسى بجمهورية الإخوان التى تعد الثالثة بمرجعية ضربت كل الثوابت الوطنية وحاولت الخروج بفلسفة الحكم نحو إلغاء الدولة القومية الوطنية والبدء فى التأسيس لمشروع الخلافة بمعناه الأممى وتوجهاته العنصرية، وإن احتفظت جمهوريته بكل توجهات التوحش الرإسمالى والتبعية كما فى الجمهورية الثانية. ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أن يوليو لم تكن جمهورية واحدة، ويعنى أن الجمهوريات لاتصنف حسب طبيعة الرئيس مدنياً كان أو ذو خلفية عسكرية. ولن أزيد، إلا أنها الجمهورية الرابعة لا الثالثة ياطارق، إلا إذا اعتبرت محمد مرسى امتداد طبيعى لجمهورية مبارك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يغير نتانياهو موقفه من مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟ • فر


.. قراءة عسكرية.. اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال




.. ما آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة؟


.. أمريكا.. طلاب جامعة كولومبيا يعيدون مخيمات الحراك المناصر لغ




.. شبكات| غضب يمني لخاطر بائع البلس المتجول