الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمهور الثقافي .

عبدالكريم القيشوري

2014 / 6 / 30
الادب والفن


أثارني موضوع " الجمهور الثقافي" لــ : د سعيد يقطين المنشور بصفحة الرأي بجريدة المساء عدد 2413؛ حيث كانت تراودني فكرة الخوض فيه؛ لما عايشته وأعيشه ضمن ثلة من الفعاليات الجمعوية التي تتخذ الشأن الثقافي منطلقا أساسا لأنشطتها؛وممارساتها الجمعوية.. ومن خلال حضوري كفاعل جمعوي ومواكب ومتتبع للعديد من الأنشطة الثقافية والفنية و.. إن على مستوى بعض المدن العواصم أوبعض المدن الصغيرة و"مدن الهامش"؛ نسجل تفاوتات في حضور الجمهور تقاس بنوعية النشاط وبالقيمة الرمزية والمكانة الأدبية والعلمية لضيوفه ؛ وبالهيئة أو الجمعية أو الجهة المنظمة.
جاء مقال د سعيد يقطين ليجيب عن أسئلة من قبيل :
- من هو مثقف الغد.. ؟
- كيف يتم تشكيل جمهور الثقافة ؟
- ما الدور الذي تلعبه مؤسسة كل من : الأسرة و المدرسة والإعلام ؟
- كيف يمكن تصحيح معادلة : جمهور الرياضة حاضر – جمهور الثقافة غائب ؟
- جمهور السياسة وعلاقته بالثقافة . الحدود والتقاطعات ؟
- ...............................................
يتشكل جزء أساسي منا من "مثقف" الغد وإنسانه؛ وعندما لا يتم الحرص على إعداد هذا الجمهور؛ وهو في فترة التكوين العاطفي والعقلي؛ لا يكون الحديث عن القراءة والاهتمام بالأمور الثقافية..أو بما يتعلق بها؛ إلا حديث خرافة. وهنا يأتي دور المعلم والأستاذ (المدرسة)والإعلامي (الصحافة) والأسرة (البيت).
عندما تحضر اليوم ملتقيات ثقافية في مختلف البلاد العربية لا تجد أثرا للجمهور الثقافي. لا يتعلق الأمر فقط بالملتقيات التي تنظمها وزارات الثقافة أو جهات محلية؛ولكن بالجامعة أيضا؛حيث الجمهور موجود على الدوام في فضاءاتها وبين أروقتها؛ لكن هذا الجمهور لاه عما يجري من حوله؛ فبعض الأساتذة يقاطع الندوة لأنه على خلاف مع بعض أعضاء اللجنة المنظمة؛والطلاب لا علاقة لهم إلا بالدروس للحصول على العلامات. وحين تلحظ سواء في الجامعة أو خارج أسوارها؛ الأعداد الغفيرة من الجماهير التي تحج لحضور "حفلات افتتاح" الندوة؛ لايمكنك إلا التعجب من الذين يتحدثون عن غياب الاهتمام بالشؤون الثقافية في وطننا العربي. وخلال حفل الشاي لا يمكنك؛ أحيانا؛ الظفر بقطعة حلوى أو مشروب إلا بشق الأنفس؛ولما تبدأ أشغال الندوة؛ لا تجد نفسك إلا أمام المشاركين؛وقليل من الحضور. وفي باقي الجلسات لا يتغيب فقط".." ولكن أيضا المشاركين الذين يرون أن مهمتهم تنتهي بتقديم المداخلة؛ولا يبقى داخل القاعة غير المصور ومن على المنصة أو بعض الفضوليين الذين يودون التدخل لغاية محددة؛وليس الإنصات وإثراء الأوراق واحدا منها على أية حال.
لكن حين تكون وجبات الغذاء مفتوحة قد لا تجد لك مقعدا إلى طاولة؛ وعليك بالطابور. لقد صار الجمهور جمهور الافتتاح للقاء المسؤولين؛والتقاط الصور؛واختطاف طرف للحكي؛وإنه أيضا جمهور الطعام الذي تهمه المعدة لا العقل أو الثقافة. قد يكون السبب هو نوع الندوات التي صارت تنظم..وهذا صحيح إلى حد ما؛ لأنها صارت لا تهم أحدا؛ ولكن ذلك ليس هو السبب الجوهري أو العامل الوحيد.
أسباب غياب".." كثيرة ومتعددة ؛ولا يمكن اختزالها في سبب دون آخر؛ويتقاسم المسؤولية فيها المنظمون والمدعوون والمناخ الثقافي العام؛وحين نقارن الجمهور الرياضي والفني مع الثقافي نجد البون شاسعا. ومعنى ذلك أن الجمهور "موجود" ويمكن إلى حد ما أن يكون جمهور الرياضة والفن جمهورا ثقافيا أيضا؛ولكن لماذا لا يتفاعل هذا الجمهور مع الندوات ذات الصبغة الثقافية أوالأدبية؟ لقد صارت وسائل الاتصال الجماهيري منتشرة؛والإخبار عن الرسائل النصية يجعل التواصل مع هذا الجمهور متأتيا بصورة كبيرة وهو ما لم يكن في العقود السابقة؛حيث كانت الأخبار الثقافية تتم عبر الجريدة أو بعض الملصقات البدائية. نسوق هذا فقط لإبراز أن المشكل لا يتعلق بالإخبار أو التواصل أو بزمن التنظيم الذي لا يتلاءم مع الجمهور؛ كما يقدم ذلك عادة للتبرير.
أتذكر أن المحاضرة والندوة في السبعينيات وحتى الثمانينيات؛كانت تضيق بالجمهور؛ وكان مدرج كلية الآداب بفاس أو مدرج ابن خلدون بالرباط لا يتحمل الأعداد الغفيرة من الجمهور. كان الطلاب يتسابقون على المقاعد مع الأساتذة؛ وحين تكون الندوة يظل الجمهور فارضا حضوره حتى انتهاء الأيام الثقافية. أما حين تكون مناقشة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في فاس أو الرباط؛ فكان الجمهور يأتي من أقصى المدن البعيدة مثل أكادير وطنجة و وجدة ونفس الشيء عن مناقشة أطاريح الدكتوراه التي كانت تمتد لساعات؛وأحيانا من الثالثة بعد الزوال إلى الثامنة والنصف ليلا؛ وكان الجمهور مستعدا لمتابعة المداخلات حتى الصباح؛ بلا ضجر أو ملل. نحن الآن نناقش أحيانا رسائل الدكتوراه في منصة تضم لجنة المناقشة؛ وطاولة معزولة للطالب المترشح؛وليس أمامنا سوى الكراسي الفارغة. حتى العائلة لم تعد معنية بحصول ابنها على درجة الدكتوراه؛ فلا يشارك أحد منها لحظة تقدم الابن للمناقشة ؛ في حين كانت الزغاريد تدوي في وسط الظلام بعد إعلان النتيجة. صارت الآن مناقشة الأطروحة لا تتعدى عدة دقائق معدودات لكل مناقش؛وبلا جمهور في أغلب الأحيان.
لا شك أن الثقافة والنشاط الثقافي لم يعودا يهمان المشتغلين بهما؛ فكيف بالجمهور الواسع العريض؟ كان جزء أساسي من النشاط الثقافي يتصل بشكل أو بآخر بالسياسة؛ وفي هذه الأثناء كان المهتمون بقضاياها يرون أنفسهم منغمسين في الشأن الثقافي باعتباره شأنا اجتماعيا؛ فكانوا يشكلون طرفا مهما من المنخرطين في النشاط الثقافي؛وفي الوقت نفسه قاعدة عريضة من جمهوره؛ فيستقطبون التلاميذ والطلاب والمتعاطفين من مختلف الفئات؛ بل إن هذا النشاط الثقافي؛ في أحيان كثيرة؛ لم يكن إلا غطاء لفعاليات سياسية؛ولا سيما في فترات القمع. لكن السياسة لم تعد بدورها تغري حتى المنشغلين بها؛ سواء كانوا فاعلين أو مهتمين. ويكفي أن نعاين تجمعات الأحزاب فنجد الجمهور السياسي لا يختلف كثيرا عن نظيره الثقافي؛وحين تفاجئك الأعداد الغفيرة في تجمع سياسي ما ؛ فلا داعي إلى أن تتعجب أو تستغرب؛ فليس هذا الجمهور إلا من طينة جمهور الافتتاح والطعام؛وعدد كبير جاء في حافلات خاصة؛وموعود بقضاء مآرب عاجلة.
لقد أضعنا معنى الثقافة ودلالة السياسة؛ فصار جمهور الثقافة يراهما معا بدون دلالة؛ وجمهور السياسة يراهما أيضا بلا معنى . فأنى لنا تشكيل مثقف الغد وإنسانه ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت