الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظة بصدد أزمة التعليم فى العالم العربى

محمد عادل زكى

2014 / 7 / 1
الادارة و الاقتصاد


لعل أزمة التعليم فى الأجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالى العالمى المعاصر، وعالمنا العربى أحد تلك الأجزاء بامتياز، إنما تكمن فى الاصرار على حشو عقول التلاميذ بكمٍ هائل من المعلومات (لا الأفكار حتى!) ويكون المطلوب من هؤلاء الضحايا لا الفهم وإنما الحفظ، دون وعى، ثم المرور بمأساة الإمتحانات التى تقيس مدى تشرّب الضحية بما هو كمى وليس بما هو كيفى. فما يتعلمه الضحايا والجرحى والشهداء فى مدارس الأجزاء المتخلفة بعيد تماماً عن إعدادهم كى يصيروا أجيالاً قادرة على إنتاج الفكر كما فعل أسلافهم حينما سادوا الأمم بفضل وصولهم إلى سر إنتاج المعرفة الإنسانية.

ويمكننا أن نقرأ آلاف الأوراق التى ترصد طبيعة التردى الفكرى الذى أمسى فيه عالمنا العربى بوجه خاص والإسلامى بوجه عام، فنقرأ، على سبيل المثال:"إن الانحطاط الأخلاقى أمر طبيعى سببه سيطرة المذاهب الجبرية المرتبطة بأخلاق التقشف وغياب الطموح المادى واندثار المشاعر الكبرى كطلب المجد والقوة والعزة. أما تشويه الدين وفساده فيرجع إلى خضوع العلماء للسلطة التى عينتهم فى المناصب، فمن أجل المحافظة على مصالحهم لا يترددون فى مسايرة السلطة الفاسدة. لكن إذا كان العلماء قد سقطوا إلى هذا الدرك فلأنهم تجاهلوا العلوم الطبيعية بينما لم يكف الغرب عن تشجيعها والتشبع منها. ولا يمكن للعلم إلا أن يدعم الإسلام لأن الخرافة لا يمكن أن تتعايش فى نفس الدماغ مع العقل" . برهان غليون، اغتيال العقل: محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية (بيروت: دار التنوير، 1987)، ص130.

كما نقرأ، لدى كاتب آخر:"... فنحن إذا تمسكنا بمجرد الترديد فإننا سنكون أصحاب توكيلات فكرية، تماماً كالتوكيلات التجارية. فمن يقوم ببيع سلعة أجنبية يكون دوره مجرد البيع وليس المشاركة أو الإنتاج بالنسبة لهذه السلعة...". عاطف العراقى، العقل والتنوير فى الفكر العربى المعاصر(بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1995)، ص16.

فى هذين النصين، النموذجين، يمكننا أن نرى تشخيصاً عاماً، فالنص الأول يُرجع التردى إلى مسخ الدين (الدافع!) وسيادة الدين الوضعى، وثقافة السلبية، والإتكالية، والإنهزامية بوجه عام. والبعد عن العِلم! أما الثانى فيرى أن التردى يكمن فى ترديد العِلم المنتَج فى معامل الغرب دون المشاركة فى إنتاجه. معنى ذلك، ان الرجوع إلى الدين الحنيف، (الصحيح!) والسعى نحو مشاركة الغرب فى إنتاج العلم! سوف يجعلنا فى طليعة الأمم! ولكننا لا نجد لا عند برهان غليون، ولا عند عاطف العراقى، ولا غيرهما، ممن استمتعوا برصد أوجه التردى بمنتهى الثقافوية، أى إشارة ولو واهنة إلى كيفية تحقيق الرجوع إلى هذا الدين (الدافع/الصحيح!) أو الكيفية التى يمكن عن طريقها مشاركة الغرب فى العلم.

الواقع أننا لا نجد علاج المرض، المشخص، بشكل معقول؛ لأننا لا نجد وسط هذا الكم الهائل جداً من ذاك الرصد مَن يرى إمكانية إرجاع سبب التردى إلى التباعد عن السر الذى توصلت له الذهنية الإسلامية فى عصرها الذهبى. سر إنتاج الفكرة. سر التجريد الذى يعلو بالظاهرة، محل التحليل، عن كل ما هو ثانوى، بحثاً عن القوانين العامة، وكشفاً عن قوانين الحركة. بحثاً فى معنى الحياة. وكشفاً عن الهدف منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - وزير التموين: سنكون سعداء لو طبقنا الدعم النقدي


.. كلمة أخيرة - وزير التموين: صندوق النقد لم يطلب خفض الدعم.. و




.. منصة لتجارة الذهب إلكترونياً بالحلال


.. البنك المركزي اليمني يوقف التعامل مع 6 بنوك لم تلتزم بقرار ن




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 1–6-2024 بالصاغة