الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لرواية لا تنتحروا أيها السفلة

إحسان السماوي

2014 / 7 / 1
الادب والفن


عن رواية لا تنتحروا أيها السفلة
الصادرة في موسكو للروائي ميلستنيا شفياتسكي

إحسان السماوي

تبدأ أحداث الرواية في مدينة في رأس البطل أو الراوي الذي يسرد أحداث مدينته المُتخيّلة التي تعج بالحدائق والطّرقات المليئة بعربات يجرها البشر, كأنهم خيول عمودية مدجنة. الملفت في الرواية هو الواقع المعاش في هذه المدينة, كم هي جميلة بأبنيتها المرتفعة وشوارعها الواسعة ومرافقها التي يتجول فيها الحمير مهندمين بما يليق بهم. رواية ليست من مدرسة فنية معينة, ولا من أي نوع قد كتبه روائي ممن سبقوه أو أي أديب آخر, هي ليست سرداً تذكُريّاً لأحداث مرّت ببطلها, إنما هو إستحداث سرد غريب جداً لم يتناوله أحد حسب ما قرأته من روايات ولم يختبئ في معطف أحد. رغب الكاتب في تقديم بطله في هذه المدينة التي دخلها بمحض إرادته, وسخره ليعمل طاهياً يقدم الطعام للحمير، ومثله آخرون مربوطون إلى عربات يركبها الحمير. هي تصوير حياة في عالم افتراضيّ مسكون بأفكار وضعت بين طيات كتاب. ما أراده المؤلف بث تصوّر للقارئ لمعرفة العالم الأوسع بعيداً عن السياسة والكنيسة. يعكس الروائي واقع المدينة المتطور الذي لا يشوبه غبار حرب أو وجود شرطة ومخبرين. بل واقع صافٍ كُل يعرف مقامه ووظيفته التي من أجلها يحصل على مبيت وطعام جيد مقابل عمله اليومي. يصور لنا شخصيات المدينة من أطباء ومهندسين ومدراء وسياسيين ورجال أعمال ببدلات رسمية وأربطة عنق زاهية, وأحذية من جلدٍ بشري حقيقي, تصنع بعد سلخ الموتى. والفقراء كذلك بملابسهم الرثة وأحذيتهم المهترئة. كلّ شيء في هذه المدينة يسير بنظام عبقريّ, حماريّ, سِلميّ, لا يحكمه أحد, إنما نظامه "الكل راعٍ والكل مسؤول عن رعيته", هذا شعارهم. إلا أن الحقيقة الخفيّة عن القارئ سيجدها الفطن والمنتبه لما يجري من سرد أحداث في الرواية. يوجد سرد روائي يتَقصّد تأجيل فلسفة الحياة المشروعة لجميع الكائنات - التساوي بالعيش. يريدنا الروائي أن نقرأ روايته بحلم العاجز عن رتق الفتوق الحياتية, وكأنه يريدنا أن نعتزل حرباً افتراضية فرضت علينا. شخصيات الرواية التي تسير برغبة كاتبها هي شخصيات تُحب النظام وتقدسه. يصوّر لنا البشر ليسوا عبيداً للحمير وإنما هم متطوعون لخدمتهم ويعملون بمقابل مادي وتفريغ ذهني, وهذه يعني بها أن البشر يفرغون ما بأذهانهم مجاناً في مركز طبي متخصص بتفريغ الأذهان. يُشير في أحد فصول الرواية إلى بغضه الكتابة عن الحروب على لسان حمار يدير مصرفاً في مركز المدينة. حين قال زميل له: أنت تدير حرباً وليس مصرفاَ, فيردّ عليه: أنها رياضيات يا زميلي تشبه إدارة الحرب, ولكني أبغض الحرب لأنها كثيرة المساوئ. ربّ أحدٍ ما يتساءل عن ماهيّة مدينة في رأس روائي وجميع الروائيين يبنون أفكارهم في رؤوسهم!. نعم الجميع هكذا, ولكن ليس الجميع من كتب لا تنتحروا أيها السفلة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس


.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد




.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد