الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة باتجاه الوعد

ماجدولين الرفاعي

2005 / 8 / 1
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


امام الاحباطات المتتالية التي تواجههم، لم يعد امام شبابنا الا التعلق باحلام الهجرة وتحقيق ما فشلوا في تحقيقه في اوطانهم.

ميدل ايست اونلاين
بقلم: ماجدولين الرفاعي

أوراق وطوابع وجوازات سفر، كتاب يعملون أمام أبواب السفارات احدهم يجلس على كرسي وأمامه منضدة عليها مجموعة أوراق للتعبئة وآخر ابتكر طريقة طريفة لمكتب تخليص المعاملات فقد احضر آلة تصوير ضوئية وآلة كاتبة إضافة إلى عدد من الأوراق والطوابع جميعها موضوعة في شاحنة صغيرة لتتحول تلك الشاحنة إلى مكتب متنقل أمام باب السفارة طابور عريض من شباب يبنون آمال كبيرة على تلك السفارة وينتظرون دورهم بفارغ الصبر وهم مدركون تماما أن احتمال الحصول على فيزا للسفر ليس بالأمر اليسير لكنهم ما ملوا المحاولة والدعاء إلى الله كي يستجيب لدعائهم بتحقيق آمالهم بالسفر وتحقيق الذات.

فتحت السفارة الكندية أبواب الهجرة أمام الشباب الذي يداعبهم حلم إنقاذ أنفسهم من فقر وفاقة في أوطانهم وعدم الاعتراف بهم كقوة فاعلة وأدمغة تستطيع بناء الوطن. ولكن الشروط قاسية وصعبة. فالسفارة لا ترحب بالطلاب والعمال إنما تشترط من ضمن مجموعة لشروط أن يكون المتقدم حائزا على شهادة عليا في الاختصاصات المتقدمة مع خبرة كافية إضافة لتجاوزه دورات عدة في اللغة الإنكليزية ومن بعدها تقرر إن كانت ستمنحه حق الهجرة أم لا.

يعيش المتقدم خلال تلك الفترة والتي قد تتجاوز العامين قبل قبوله أو رفضه في حالة من القلق والتشرد ولا يعلم هل سيتحقق حلمه أم انه سيعود إلى أحلام يقظته مكسور الخاطر والأمل.

ماجد طبيب اسنان تخرج من جامعة حلب لكن الفاقة منعته من تتمة المشوار وفتح عيادة خاصة به فقرر السفر لعله يستطيع تحقيق هذا الأمل. التقيته في مدخل السفارة الكندية خارجا منها وألوان متعددة تكسو وجهه فقد تلقى الرفض بعد شهور طويلة من المعاناة والديون التي تراكمت عليه جراء دفع أجور دورات اللغة وأجور محامي يدعي انه يستطيع تسهيل المهمات الصعبة والحصول على فيزا لشباب يتعلق بقشة مكسورة، دمعة وحيدة طفرت من عينيه وهو يردد "ضاع مستقبلي وعلي سداد ديوني" مع كيل الشتائم للدنيا والظروف متمنيا أن تنتهي حياته ليرتاح.

أصبحت الهجرة المخرج الوحيد في نظر الكثيرين لتحقيق حلم الصورة ‏الجميلة حتى أصبحت هاجسا يسيطر على عقول شبابنا الحالم بالثراء والشقة والسيارة الفارهة والحلم بالزواج من فتاة أحلامه التي تشترط مالا وفيرا لتقترن به كل هذه الأسباب زادت من رغبة الشبان على السفر إلى دول الخليج العربي تاركين خلفهم اهتمامهم بالتحصيل العلمي والدراسة باحثين في سن مبكرة عن المال والثراء.

مجموعة من الشبان السوريين يقفون أمام السفارة القطرية جاؤوا لتقديم أوراقهم حالمين بالثروة

وبسؤالهم عن أسباب هجرتهم وتركهم للتحصيل العلمي أجاب احمد: هل ادرس سنوات عدة واتعب نفسي في الدراسة السهر للحصول بعد ذلك على راتب لا يسدد أجار الشقة التي سأسكنها. وأي فرصة لي هنا؟ أحب بلدي وأتمنى أن أعيش في ظلها ولكن كيف مع كل تلك التعقيدات والصعوبات التي واجهتها في بحثي عن عمل أي كان حتى لو عامل في البلدية.

ولاشك إن عودة البعض من المهاجرين الذين حالفهم الحظ بسيارات فخمة خلال العطلة ‏الصيفية لإثبات الذات وتجسيد النجاح في مغامرتهم في الخارج ساهم في تعقيد المزيد ‏من الشباب نفسيا واججت داخلهم ثورة على المفاهيم التي حرص الأهل على إيصالها لعقولهم عن أهمية العلم والتعلم.

عبر عادل عن هذا الوضع بقوله جار لنا لم يمضي على سفره الى احدى دول الخليج ستة اشهر حتى عاد بسيارته الفارهة يتجول فيها أمام منزلنا بينما لازلت امسك كتابي لأقرا وأقرا ثم أتخرج وابحث سنوات عن وظيفة لا يكفي راتبها ثمن زجاجة العطر التي يضعها جارنا والذي تزوج حبيبتي التي تواعدت و إياها على الزواج لقد اشتراها بماله وأضاف بحزن:تبا للدراسة التي أهانتني.

أما قيس فقال:أنا خريج معهد تجاري ولكني لم أجد وظيفة ولا في أي دائرة وأغلقت جميع الأبواب في وجهي توجهت للعمل نادل في المطاعم وأقنعت نفسي مادام هذا عملي لماذا لا امارسه في دولة تدفع لي الكثير؟ وشهادة التخرج التي وضعتها والدتي في إطار ساتركها معلقة على الحائط.

‏وعلى الرغم من أن الهجرة أخذت في السنوات الأخيرة منحى غير شرعي أمام تشديد ‏إجراءات السفر والإقامة في الدول الأوروبية وعلى الرغم من أن جنون المغامرة أودى ‏بحياة عديد الشبان الذين قادتهم أحلامهم إلى الغرق والموت في البحار ‏والمحيطات فقد أكدت دراسة في مصر أن 460 ألف شاب مصري في أوروبا من بينهم 90 ألف في إيطاليا بشكل غير شرعي طبقاً للإحصاءات الرسمية والأعداد غير الرسمية أكبر بكثير.

‏إلا أن أحلامهم لازالت تلح عليهم لمغامرات أخرى باتجاه الحلم ولم تفكر دولهم وأوطانهم بطرق لإخراج هؤلاء الشبان من مأزق الضياع والغربة والتشرد على أرصفة الغربة وابتزاز التجار بأرواح البشر في بلاد لا رحمة فيها لفقير أو متسول.

بلادهم التي شغلت حكامها المناصب والكراسي وأبعدتهم عن التفكير بشعبهم وتحسين معاشهم وأساليب عيشهم وعن طرق لصون الحقوق والكرامة هؤلاء الشباب مطلوب منهم حماية أوطانهم من كل شر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير