الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم هو عدد مساعدي الزرقاوي ؟

ثائر دوري

2005 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يظن الإنسان ، خاصة في مراحل الطفولة ، أن كل العالم يشبه عالمه . و حول هذا المعنى تدور نكتة شهيرة ،تقول هذه النكتة ، أن معلمة مدرسة ابتدائية طلبت من طلابها أن يكتبوا موضوعا يصفون فيه معيشة أسرة فقيرة ، و صدف أن أحد طلابها كان من الأغنياء . فكتب انطلاقا من عالمه ، قائلاً :
- كان هناك أسرة فقيرة فقيرة جداً ، حتى أن خادمهم فقير ، و سائقهم فقير ، و مربية أطفالهم فقيرة ........
و إني لأتذكر هذه النكتة كلما أعلن الأمريكان عن اعتقال مساعد للزرقاوي ! فلو كان هناك من يحسب عدد مساعدي الزرقاوي ، الذين أعلنت القوات الأمريكية عن إعتقالهم في أماكن مختلفة من العراق ، في الرمادي ، و الموصل ، و بغداد ، و الفلوجة ......الخ ، فإنه سيصاب بالدهشة حتماً ، لأن العدد تجاوز عدد مساعدي رامسفيلد ، أو مساعدي رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية .
و هذا يعكس بنية الأمريكان النفسية . فحيث أن قواهم العقلية لم تتجاوز مرحلة الطفولة ، من ناحية الإدراك و ليس من ناحية البراءة ، فإنهم لا يفكرون في الناس إلا انطلاقا من عالمهم هم ، فحين يفكرون بقادة المقاومة العراقية يتخيلونهم يجلسون في بناء ضخم مكيف ، إن لم يكن بحجم البنتاغون فهو أصغر قليلاً ، و أمامهم خرائط الكترونية لساحة العمليات تومض عليها بعض النقاط ، تشير إلى المناطق الساخنة ، و معهم مساعديهم و يتناقشون في أمور المعارك انطلاقاً من أحدث صور لأرض المعركة أمدتهم بها الأقمار الصناعية . و بالطبع فإن الأمور في الحياة الواقعية ، على الأرض ،لا تجري بهذا الشكل فالمقاومون في العراق لا يمتلكون غرف عمليات شبيهة بتلك التي يملكها البنتاغون ، بل إن كل بيت عراقي يمكن أن يتحول إلى غرفة عمليات ، و هم ليسوا بحاجة لخريطة الكترونية ليخططوا عليها معاركهم ، لأن خريطة العراق محفوظة عن ظهر قلب في قلبهم و عقلهم ، وهم يعيشون حياة بسيطة ، و يستمدون معلوماتهم من بسطاء الناس ، و رأسمالهم الوحيد أنهم وهبوا حياتهم فداء للوطن . لكن العقل الأمريكي الذي لم ينضج و لن ينضج لا يتخيل الأشياء إلا صورة عن عالمه ، فعندما تحدثوا في مرحلة من مراحل الحرب عن أن المقاتلين يقاتلون من أجل المال ، الذي تدفعه لهم جهات ما ، فقد كانوا في حقيقة الأمر ، يصفون حالة جنودهم ، الذين أتوا إلى غزو العراق طمعاً في الراتب الضخم و المكاسب المادية التي وعدهم البنتاغون بها ، و عندما يتحدثون عن المقاتلين الغرباء المدفوعين من دول غريبة ، فهم يتحدثون عن جيشهم ، الذي يضم عدداً يتراوح بين الثلث و النصف من المرتزقة ، و الذين أتوا للعراق مقابل المال أو الحصول على الجنسية .
إذا أردت أن تعرف سبب ما يتعرض له الجيش الأمريكي من كارثة في العراق عليك أن تقف عند هذه النقطة ، فالأمريكان ينطلقون من حسابات مادية بحتة ، فكل شيء يجب أن يكون قابلاً للقياس حتى يدخل في الحساب ، و كل ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدخاله في الحساب ،و بالتالي يعتبرونه غير موجود ، و هذا هو حال الكرامة الوطنية ، روح المقاومة ، إرادة الشعب ، فبالنسبة لهم كل هذه أشياء لا يمكن قياسها ، و بالتالي هي غير موجودة في عقولهم ولا تدخل حساباتهم ، لكن في الحياة الواقعية الأمر مختلف ، فهذه الأشياء لها أهمية بالغة . بل هي أول و أهم شيء يصطدم به أي جيش احتلال ، لأن الكرامة الوطنية هي أول ما يتأذى من منظر جندي الاحتلال يمشي في شوارع الوطن ، و الكرامة الوطنية شيء لا يمكن إشباعه بسندويشة همبرغر ، بل لا يشبعها إلا مقاومة المحتل .......
كيف سيفهم الأمريكان هذا الأمر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-