الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإقطاع العسكرى فى مصر: سلب ملكيات المجتمع وموارد وطنه وأخيراً حرمانه من إقتصاده الإجتماعى

أمين المهدي سليم

2014 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


"أعترف أن بعض الأفكار والمعلومات فى هذه الدراسة أوردتها من قبل فى دراسات سابقة ولكن عُذرى القهرى أن الأوضاع المُتفاقمة الحالية فى مصر على درجة من الخطورة تصل إلى درجة تقرير مصيرها فى ظل قيادة أشُك بقوة أنها تتمتع بأى قدر من الكفاءة أو المسؤولية أو الوعى".
كان عبد الناصر ضعيفاً أمام العصابات العسكرية التى قامت بإنقلاب 1952 وقاعدة ولاءه وإنقلابه على دستور 1954 وعلى محمد نجيب، وكان ذلك الدافع الحقيقى وراء التأميمات والتمصير والحراسات وطرد كل الرأسماليين والمُتمصّرين‎ ‎‏والبنوك الموثوقة وفروع الشركات الكبرى مثل: فورد وجنرال موتورز وغيرها ومصادرة المناجم والمحاجر وبترول وكهرباء وشركات ملاحة ونقل وترام ومترو وشركات المقاولات العالمية مثل: الشمس ومصر الجديدة. وكعينة من هذه الصفقات العشوائية الفاسدة كان تأميم قناة السويس التى كان باقياً 12 سنة على تسلمها ملكاً خالصاً بوزنها المالى كشركة عالمية وأرصدتها وممتلكاتها الخارجية وإدارتها الحديثة، ولكنه أمّمها وخسر كل ذلك ومعها 490 مليون إسترلينى كانت ديوناً على بريطانيا مقابل خدمات وسلع خلال الحرب الثانية، وفوق ذلك تعطلت القناة 10 سنوات بسبب الحروب المُفتعلة، وبنينا السد العالى بالتسول. كل ذلك من أجل أن ينهب الضباط تلك الممتلكات ثم يُديرون المصانع بمرتبات عالية وكفاءة مُتدنية وفساد، وفى مقابل كل ذلك قدّم مجانية التعليم والعلاج والإسكان والإلتزام بالتوظيف وكل ما يُسمى بالاقتصاد الإجتماعى للمجتمع فى مقابل هذه المركزية الإقتصادية وبالطبع مُقتضياتها كالمركزية السياسية والإدارية والتعليمية والثقافية والإعلامية والدينية. ولأن كل ذلك فشل بينما جشع العسكر يتزايد بعد أن ودعوا وظيفتهم الأصلية كموظفين عسكريين وأصبحوا إقطاعاً، تفتق ذهنه السلطوى عن اختلاق أسباباً لإنهاك الجيش فى سوريا واليمن و4 مناطق أفريقية دون طائل، فاختلق حرب 1967 ليتخلّص من مصارعيه على السلطة حتى أنه أرسل الفرقة الرابعة مدرعات الإحتياطى الإستراتيجى وكانت سليمة وتحت قيادة اللواء صدقى الغول إلى سيناء لتحطمها إسرائيل بالكامل بعد أن طلب من مجلس الأمن وقف إطلاق ألنار وبعد صدور القرار وحاول أن يودع الغول السجن 25 سنة لولا أنقذته مظاهرات الطلبة فى 1968، وتبقت الملكية العامة كلها فى أيدى جمهورية المُتقاعدين حتى اختلق أبو غزالة اقتصاد الجيش على كل الملكيات العامة. والآن جاء السيسى بعد 3 سنوات ونصف من الألاعيب والأعمال القذرة وهو ما تعرضت له فى مقالى "مصير مصر بين العسكر والإخوان والقوى المدنية"، وفكّر بنفس المنطق العقيم واللا أخلاقى وهو إلغاء الأقتصاد الإجتماعى دون إعادة كل الموارد والملكيات العامة للشعب كمقابل عادل لإلغاء الأنشطة والخدمات المركزية أو مقابل خصخصتها بواسطة الشركات العالمية لصالح المجتمع، حيث لا خلاص إلا بضخ الموارد الإقتصادية فى الأوعية الإجتماعية لتحويل المجتمع إلى المُنتج الرئيس ثم بالإرتباط بالسوق الرأسمالى العالمى وبهامش اجتماعى إنسانى، والتخفيض والتفكيك الضرورى لحجم الدولة المركزية العسكرية البيروقراطية المُترهلة البلهاء الفاشلة، لصالح الدولة الإجتماعية والوكلاء الإجتماعيين طبقاً لقاعدة أن الديموقراطية أصبحت إدارة المجتمع لنفسه (عالجت ذلك من قبل في دراستين: "حول الإصلاح في مصر... من أين تبدأ الديموقراطية حقاً ؟" و "رؤية للخلاص الوطنى فى مصر"). بدلاً من هذا المخرج الوحيد الذى اتبعته كل تجارب الدول الناجحة فى شرق أوروبا وقبلها أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا يمضى الجنرال الإنقلابى السيسى فى الطريق العكسى تماماً داعماً فشل الدولة المركزية العسكرية بالمزيد من المركزية والعسكره، وأن يُصبح الحل الإقتصادى الأساسى لديه هو إلغاء الإقتصاد الإجتماعى وأغلب الخدمات التى يتضمنها فى وضع سيريالى مُثير للسخرية إذ يُطبق على المجتمع قوانين السوق الحر فى ظل دولة سوفيتية عسكرية، ولأن ذلك سيزيد من خطورة الأزمة الإجتماعية والحراك السياسى بالتالى ذهب يُنفق بجنون على أجهزة القمع ومُطيحاً بكل أنواع الشروط الإنسانية والأخلاقية والقانونية المحلية والدولية التى تحكُم عمل الشرطة والنيابة والقضاء، حتى أن القتل والتعذيب والإغتصاب وهتك الأعراض والسجون العسكرية السرية بدون أوراق أو بيانات (أنت رسمياً لست موجوداً هناك على حد تعبير جريدة الجارديان) أصبح كل ذلك تصرفات مُمنهجة ويومية خلال مواجهته ليس فقط مع المعارضة السياسية والإجتماعية بل والمجتمع كله فى ظل شعارات جوفاء عن الإستقرار والأمن المستحيلين. ولكن الأخطر هو إرتكاب أجهزة الأعمال القذرة (تُسمى سيادية) لأعمال الإرهاب لتبرير هذه السلوكيات الهمجية والدليل عدم تقديم ورقة تحقيق واحدة فضلاً عن أن تكون مُقنعة منذ أحداث رفح فى ظل "حُكم" مرسى، وعدم تعاون كل مؤسسات النظام مع لجنة تقصى الحقائق التى شكلها النظام نفسه كما صرَّح رئيس اللجنة د. فؤاد عبد المنعم رياض، كما أن التنظيمات التى تُتهم بإرتكاب أعمال الإرهاب وهى "أجناد مصر" و "أنصار بيت المقدس" لم يُقدم أى دليل على وجودها الواقعى محلياً أو إقليمياً بإستثناء مواقع وبيانات ركيكة على الإنترنت. بعد كل ذلك لم يُقدم جنرال المجازر وهتك الأعراض أى تصور اقتصادى لزيادة الموارد فى حد أدنى أو حتى مؤشر اتجاه، سوى إهتمامه الهزلى باقتصاد الصدقة والتبرُع داخلياً والتسول من دول الخليج خارجياً، وما عدا ذلك حديث مُبهم مملوء بأشواق مركزية عسكرية أيضاً عن محور قناة السويس وممر للتنمية تندرج تحت بند تضييع الوقت خلال مجهود مُضنِ لحصر سيطرة دولته على عدة مدن فى القناة والشمال إضافة طبعاً إلى القاهرة المُنهكة سُرّة دولته المتوهمة، حيث المؤسسات المركزية العسكرية الإقطاعية الخاسرة المُنهارة وحاضنة الفساد، وعدا ذلك ضربت الغرغرينا كل أنحاء مصر وساد قانون الغابة حتى أن جنود وضباط الجيش والشرطة هربوا من مدرعاتهم عندما سمعوا إطلاقات أعيرة متوسطة بين قرية الدابودية النوبية وقبيلة بنى هلال فى أسوان، وعن سيناء حدّث ولا حرج. أعتقد أن حصاد كل ذلك هو أن دولة ما قبل ثورة يناير لن تعود لأسباب موضوعية وبنيوية، إضافة لإعتقادى أن السيسى يصلُح وللأسباب السالفة أن يكون الحلقة السوداء الأخيرة لحُكم جمهورية يوليو العسكرية الريفية، خاصةً أن الأنظمة من هذا النوع عادةً ما تهرب من أزماتها وتوتراتها المُتفاقمة بتصديرها إلى الخارج على المنوال الناصرى.
دارسات لها علاقة بالموضوع:
• مصير مصر بين العسكر والإخوان والقوى المدنية (الحوار المُتمدن – 22 أكتوبر 2013)
• حول الإصلاح في مصر ... من أين تبدأ الديموقراطية حقاً ؟ (الحياة اللندنية – 15 إبريل 2005)
• رؤية للخلاص الوطنى فى مصر (الحوار المُتمدن – 22 يونيو 2013)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مهلَك قليلاً
هاني شاكر ( 2014 / 7 / 2 - 22:26 )


مهلَك قليلاً
______


بس أنت نسيت ألجهاز ألأعتباطى ( أقصد عب عاطى ) بتاع ألأيدز و ألكفتة ! ما ده برضه من ألجيش ... خليك مُحايد و أوزن دى فى دى

.....


اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة