الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نص- غداً- للشاعرة فلورا قازان/ جوتيار تمر

جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)

2014 / 7 / 2
الادب والفن


قــــــــراءة في نص" غـــــــــداً" للشــــــاعرة فلــــورا قـــــــــــــازان/ جـــــوتيار تـــــــمر
غداً
الشاعرة: فلورا قازان/ نبوءة مطر
حين تعود
لن ترى
تحاليل
غيرة ساذجه
ودموع
ولا ضحكة بريئة
تفوح
سترى
بأم عينك
بعيني
جهات يائسة
وحدود
وكوكب غريب
خارج الأرض
يمارس
قلق الطقوس
شمسه
تمطر ثلجا
وشتائه
يشعل حرائقا
يضمّ ببرود
صدري
المفجوع
سترى
وجع لا يفيق
وأرقٌ لا يغيب
و أشلائي المتناثرة
تفتش
عن ثمة فردوس
وحلم تائه
غير مكتمل !!

القراءة: جوتيار تمر
غـــــــداً
المباشرة في تحديد المعالم الزمنية امر ربما يزيد من عبء الذات الشاعرة في كيفية التعامل مع ذلك الامر، لان التركيبات المباشرة في قصيدة النثر تجعل من امر الحافظ على النسق الشعري بحدثه الشعري المحدد بعيداً عن السرد المباشر ايضاً امراً صعباً. لذا نجد في هذه الزمنية المحددة هنا دافعاً اضافياً للبحث عن ماورائيات اللغة من اجل تثبت الرؤية دون الخروج عن النسق الشعري كلياً، وهذا لايعني ان السرد ربما يعيق الحراك الشعري في النص، فقصيدة النثر بطابعها الحداثي يمكنها ان تتبنى من حيث بناء فضاءاتها الشبه السردي مع الابقاء على سمات اضافية تعينها على البقاء في فضاء الشعر.
حين تعود
لن ترى
تحاليل
غيرة ساذجه
ودموع
ولا ضحكة بريئة
تفوح
الظرفية الزمنية هي نتاج طبعي ل" غداً" وهي استمرارية على الولوج النصي في متاهات الزمكانية باعتبار ان اللغة هنا ترسم ملامحها عبر " تعود" أي ارضية تنطلق منها هذه العبارة وهي ما نعتبرها هنا المكانية التي استندت عليها شاعرتنا في اطلاق رؤيتها كنقطة تلازمية ثانوية لأن النقطة الاساس هي فعل غير حاصل وغير متمم بعد" غداً " وعلى هذا الاساس نلاحظ ان حراك النص جاء متوافقاً مع الانفعال الجواني المتمازج مع الرؤية وفق معطيات خاصة بالذات الشاعرة نفسها، وهذا ما يؤكده " لن" حيث انها رسمت ملامح الغد منذ الوهلة الاولى وهي ملامح رافضة للسائد للسكون الذي قد يتمناه الاخر في وجهها، فتفضح مكنوناتها الجوانية وتبيحها له لتكون لقمة سائغة، بل جاءت لن لتعبر عن الحالة بدقة وتفصيلية مائلة للسرد ومتمردة عليها بتوزيعها البصري الموحي بشعرية واضحة، ولذلك نعيش وقع الرؤية عبر سلسلة من التراكيب البلاغية الايحائية في مضمونها والخطابية في ظاهرها " غيرة،، دموع،، ضحكة.." هذه كلها تتبع لن ترى، مما يعني ان اهم الصفات التي يبحث عنها الاخر في ملامح الانثى حين عودة قد نفيت بالتمام هنا، مما يعني ان اية محاولة منه ستكون استنزافاً للوقت، وهذا ما نريد ان نكرره من حيث الطابع الزمني الطاغي على الرؤية من جهة، وعلى مسار الحدث الشعري البلاغي التصويري من جهة اخرى، بحيث يكون الاخير انفتاحاً على ما سيكون عليه الامر وليس ما يتصوره هو:
سترى
بأم عينك
بعيني
جهات يائسة
وحدود
وكوكب غريب
خارج الأرض
يمارس
قلق الطقوس
البدء بهذا الفعل المباشر" سترى" دلالة على تصميم الشاعرة لايصال رؤيتها قبل الحدث نفسه اليه، وهذا خرق للزمنية عبر تموجات الواقع الا انه في الوقت نفسه افصاح وايضاخ مسبوق بانفعالية هي من نتاج الزمن نفسه، فالاخر غائب، والغياب له تأثيراته على المستوى النفسي الوجداني والذهني والتصوري ايضا، مما يعني بالضرورة ان الاخر عليه ان يعيش وقع الامر مع ذاته قبل ان يأتي ليمني النفس بما لن يكون له، وهذا ما يظهر تأثير سترى الذي انخرط في جملة استعارات وتشبيها تضادية اوجبتها الرؤية كمنفذ مغاير للمعهود، وهذه متغيرات وقوالب استعارية مرئية استثنائية " بأم عينك ، بعيني.." فالعين المجردة تلامس الاشياء من خلال اصولها وقوالبها وهنا تريدينا الشاعرة ان نعيش وقع الحدث ودرجة الانفعال الذاتي مع حراك الحدث نفسه، لكونها تضع القوالب هذه في حدود جغرافي محدد وهذا ما سبق وان قلنا بالزمكانية الزمنية المنطلقة من مكانية محددة، وعلى الرغم من شاعرتنا انساقت وراء طغيان حكمها الاستباقي المتأثر ب" لن " نراها تحاول ان تضعنا امام صور متوحشة في مضمونها " جهات يائسة،، كوكب غريب.." هذه الجهات اليائسة والكوكب الغريب هي امتداد لملامحها الذاتية التي عانت من سطوة وجبروت الغياب، فغيرتها الى نقاط استحالية تبعث القلق على المستويين: الاول نابع من بصرية الاخر لكونها سيصطدم بها، والثاني كونها نابعة من حس وشعور ذاتي مما يعني انها مستفعلة جوانيا/ داخلياً بدرجة التوحش هذه، وذلك ما يثبته الطقوس لكون هذه الاخيرة غالباً ما تكون ملتصقة بالماورائيات التي هي بدورها اعتقادية، مما يوجب احلال التضاد بل تفعيل التضادية الى اقسى درجاتها:
شمسه
تمطر ثلجا
وشتائه
يشعل حرائقا
يضمّ ببرود
صدري
المفجوع
تلك المفردات ليست مجرد ممر تضادي لاستكمال الصورة التي اشتغلت عليها الشاعرة هنا، او لاستكمال المشهد، انما هي تفعيلات شبه ردامية تزيد من حبكة الرؤية وتشظيها داخل المشهد الاجمالي، لانها ختمت ب" يضم...صدري المفجوع.." ولنعيش معاً وقع الحدث بما فيه من تناقض وبما فيه من تشظي، فكل هذه المتغيرات انما هي تحصيلية لكونها مهما تنامت وكبرت فمسكنها الاول والاخير هي " صدري" فاي صدر يمكنه ان يعايش ويعانق مع هذه التضادات، ولعل المتلقي هنا يرتبك من مسار الحدث الشعري بسرديته الشفيفة هنا، الا ان الشاعرة مهدت هذا الطريق ايضاً لاستحقاق آت مكمل ل " سترى " الاولى ومعبر عن " لن ترى.." التي استهلت به نصها:
سترى
وجع لا يفيق
وأرقٌ لا يغيب
و أشلائي المتناثرة
تفتش
عن ثمة فردوس
وحلم تائه
غير مكتمل !!
لم تستطع شاعرتنا ان تحد من ثأتير التضادات تلك، لكنها لم تبالغ ايضاً حين رسمت لنا بنفسها ملامحها وهي بذلك تحقق غايتها في ايصال رؤيتها ورسالتها الضمنية والظاهرية الى الاخر، فبعدد التضادات التي قرأنها من خلال استعارات خارجية اتستمت بالتوحش البلاغي والتشبيهي، اتجهت الشاعرة الى توثيقها جوانياً داخلياً من خلال تعرية النفس واظهار ما هي عليه جراء التأثير الفعلي الاستثنائي ل" غداً " ول" حين تعود.." فكلاهما يكشفان مدى التفاعل الحاصل في الروح والذات الشاعرة بحيث نجدها تغاير نسق التضادات تلك لتكشف عن وضعها الحالي المنتظر لاستقبل الغد" سترى.." هي العلامقة الفارقة الثانية التي تكاشف عن المكنونات الداخلية بعكس تلك التشبيهات والاستعارات الخارجية فهنا مفعول سترى جاري ومتوغل في النفس والروح " وجعي،، ارق.." الاول تعمدت الشاعرة من تصويره كداء مزمن والثاني على انه لايتعب أي مساير للاول، فضلاً عن كون الذات الشاعرة ككل دون جزئية محايدة تعيش وقع الامر وكأن يأسها من واقعها حولتها الى الحلم عبر نسق طوبائي مغاير" فردوس" عن النسق السابق ولكنه في الوقت نفسه متمم للاعتقادية الطقسية السابقة، لتضعنا في الختمة امام لوحة ان جمعناها ككل تبقى لوحة تؤثث عوالمها الحلمية عبر تشظيات لم تكتمل بعد، بل تفرض ان نتبعها لحين اخر ومكان اخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07