الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الفلسطينية والرواتب

خضر محجز

2014 / 7 / 2
القضية الفلسطينية


أما وقد حدثت (المصالحة)، وتم تشكيل حكومة التوافق الوطني، فلعله من المجدي الآن أن نحاول رعاية هذا الوليد (الخداج).
لكن ما يحدث لا يوحي بأن أحدا قلبه على هذا الخداج، خصوصا بعض أولئك الذين فقدوا سلطتهم في غزة، بفعل هذه المصالحة، وباتوا يطلقون تصريحات التخوين لرئيس السلطة ولرئيس الحكومة كليهما، على خلفية رواتب العاملين في قطاع حكومة المقالة، الذين لم يحصلوا على رواتبهم من حكومتهم، منذ ثمانية شهور سبقت الاتفاق.
المتحدثون باسم حكومة غزة ــ التي ما تزال على رأس عملها حتى الآن ــ يؤكدون من ناحيتهم، بأن الاتفاق قد تضمن بنودا واضحة تلزم حكومة الرئيس عباس بسداد هذه الديون، ودفع رواتب موظفيها، منذ الشهر الأول، مع كامل المتأخرات والاستحقاقات المذكورة. لكنهم يكتفون بهذا التصريح الشفوي، ولا ينشرون هذه البنود.
ومن جهته، يؤكد رئيس حكومة التوافق (رامي الحمد الله) بأنه لا يستطيع دفع هذه الرواتب، بهذه السرعة، ولا يجد نفسه ملزما بدفع ديون مستحقة على حكومة حماس، لأن وثيقة المصالحة لم تشر إلى هذا الموضوع من قريب ولا بعيد.
من الواضح إذن أن لو كان يوجد ثمة بنود، بهذا الخصوص، في الاتفاق، لنشرتها حماس. وإذ لم توجد مثل هذه البنود، فيجب علينا البحث عن مخرج من هذه الأزمة، إن كنا ما نزال حريصين على عدم وأد هذا الوليد، الذي يطالع الروح منذ يومه الأول.
أنا من جهتي كنت مستغربا حقا، أن يتم توقيع اتفاق مصالحة، لم تتوفر شروطه الحيوية بعد. حتى إن مذيع صوت فلسطين بالقاهرة فوجئ من تشاؤمي، يوم الشاطئ، وسط مهرجان الفرح العام، حين أعلنت له أن هذا مجرد اتفاق لإدارة الانقسام، بين فتح وحماس.
لقد كان واضحا أمامي، يومها، أن حكومة غزة ذهبت إلى هذا الاتفاق خروجا من أزمة مالية قاتلة. بمعنى أن حكومة غزة أرادت من هذا الاتفاق أن يضمن تسديد رواتب عناصر تنظيمها، ويؤمن فتح معبر رفح التجاري لها مع مصر، مع ضمان بقاء سلطة الأمن والداخلية بيدها.
لقد بدا غريبا حقا أن يتم توقيع كلام كهذا، للأمور الآتية:
1ــ لأن معبر رفح ليس بيد سلطة الرئيس عباس وحده. بل توجد، على الجانب الآخر من الحدود، حكومة مصرية تشعر بالاستياء من حماس، وتود أن لو أشرقت الشمس فلم تعد تراها. فمن المستبعد إذن أن يستطيع الرئيس عباس إقناع هذه الحكومة بفتح المعبر، أمام عناصر حماس وقيادات تنظيمها، ليحملوا الأموال إلى غزة، مطالبين سلطة المعابر المصرية أن تغض الطرف ــ مجانا ولوجه الله ــ فإن لم تفعل فالاتهامات بالحصار جاهزة.
2ــ ولأن هناك اتفاقية دولية ــ بمشاركة وإشراف الاتحاد الأوروبي ــ تنظم آلية عمل معبر رفح، على اعتبار أن غزة لم تزل أرضا محتلة. ولا يمكن تجاوز هذه الاتفاقية ــ لا من مصر ولا من الاتحاد الأوروبي ــ حتى لو رغب الرئيس عباس في ذلك، لأنه محتاج فعلا إلى الدعم الدولي، لا إلى خوض معركة مع الدعم الدولي، في ظل هذه الهجمة الصهيونية الاستيطانية المتواصلة.
3ــ ولأن الرئيس أبو مازن لا يستطيع تحدي القانون الدولي، بدفع رواتب لموظفين عسكريين يتبعون لتنظيم مدرج على لائحة الإرهاب. وطبعا نحن نعلم أن المقصود تنظيم حماس. ولكي لا يتسرع أحد بالاستنتاج، أقول بأنني أنا لست موافقا على إدراج حماس في قائمة التنظيمات الإرهابية، وكذلك الرئيس عباس، لكن ما فائدة ما نعتقده أمام هذا الواقع الدولي، الذي يدفع المنح للسلطة، لتدفع منها الرواتب؟
فإذا كانت كل هذه المحاذير موجودة، فلم قبل الرئيس عباس بالتوقيع على الاتفاق؟
أعتقد أن الرئيس عباس قبل بهذا الاتفاق للأمور الاتية:
1ــ لقد كان الرئيس عباس وما يزال مصرا على ضرورة استعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية، ولقد كان مستعدا للمخاطرة الكبرى بالتوافق مع حماس، في سبيل ذلك، خصوصا بعد فشل المفاوضات مع الصهاينة. ودعونا نتذكر أن الانقسام حدث في عهده، ومن الضروري أن يتم إزالته في عهده، قبل أن يغادر المنصب. فالقادة في هذا الجزء من العالم مهتمون بما يكتبه التاريخ عنهم، ربما أكثر من اللازم.
2ــ لكن الرئيس أراد تطبيق هذا الاتفاق كما هو، بطريقة متزنة متدرجة، يمكن بها امتصاص الكثير من سخط المعارضين في الدول المانحة. وفي هذا الصدد تم اختراع اللجنة الإدارية لمراجعة سجل الموظفين واستحقاقاتهم.
3ــ كنت أتوقع أن يكون عمل هذه اللجنة منقسما إلى محورين:
أ: محور يتناول الموظفين المدنيين، الذين لا سجل عسكري لهم في أي نشاط مقاوم. وهؤلاء يمكن ــ كما أتصور ــ أن يتم استيعابهم بسهولة، لأنهم لا يمكن وصفهم بالإرهاب، حتى في المعايير الظالمة التي ترضي الصهاينة. أجزم أن الرئيس كان سيدفع رواتب هؤلاء دون تردد، بعد مراجعة الترقيات المتسرعة، التي منحتها لهم حكومة موشكة على الرحيل.
ب: محور يتناول الموظفين الذين يقال إنهم مدنيون، فيما هم يعملون في أجهزة عسكرية، يتهمها المانحون بالإرهاب. وهؤلاء يعرف الرئيس ــ وتعرف حماس ــ أن لو مُنحوا رواتبهم من الرئيس، لتم حصار الرئيس كما حصل مع حماس. هؤلاء الموظفون هم من يجب أن تبحث اللجنة الإدارية في كيفية نوالهم مرتباتهم، دون الوقوع في فخ الحصار. ولا شك أن بالإمكان إيجاد حل إبداعي ما بهذا الشأن، فيما لو توقفت حماس عن جلد الرئيس، بورقة ليس فيها ما يمكن جلده به.
لقد شُحن موظفو حماس ثمانية شهور كاملة حتى جاعوا، ثم ألقت بهم حكومة غزة قنبلة شديدة الانفجار، في وجه الاتفاق وحكومة الحمد الله. إن هؤلاء الذين اعتدوا على البنوك، ومنعوا موظفي السلطة من استلام رواتبهم، مشحونون بجوع لم يكن أبو مازن هو من فرضه عليهم، لكن الدعاية الديماغوجية، والخوف من سلطة التنظيم السماوي، الذي ينتمون إليه، لم يدع لإحباطهم مجالا للانفجار، إلا في وجه من لا يستطيع عقابهم: الرئيس محمود عباس.
والنتيجة، أن هناك مخرجا واحدا، فيما إذا شئنا أن نواصل التمسك باتفاق المصالحة: أن ننتظر قرارات اللجنة الإدارية، وأن نطالب الرئيس أبو مازن بدفع سلف لموظفي الحكومة المقالة المدنيين حقا. فيما ينال العسكريون استحقاقاتهم من أموال الضرائب التي تجنيها حماس من غزة. وحتى يتم ذلك، فعلى حماس أن تلجم من ناطقيها البارعين في النفخ في نار الشرور، كما لو كانوا رسلا شخصية للشيطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية