الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة تكسير العظم وحرق الدم

أمنية طلعت

2005 / 8 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بينما كان الأبطال من رجال مصر ونساءها يتظاهرون في ميدان التحرير والشوارع المجاورة له، ضد إعلان الزعيم الأغر وحامي حمى الديار المصرية من المفرقعات والتفجيرات، رغبته الثقيلة على قلوبنا جميعا في ترشيح نفسه لفترة خامسة لحكم مصر ليصبح أول حاكم مصري منذ فجر التاريخ يتمم الثلاثين عاما راقدا فوق أنفاسنا، كنت أنا تجاورني أمي وابني وابنتي نتابع أحداث المظاهرة على شاشة تليفزيون الجزيرة.
رغم أنني شاركت في مظاهرات عديدة منذ كان عمري سبعة عشر عاما وشاهدت بعيني الكثير من ممارسات العنف ضد المتظاهرين وأنا واحدة منهم، إلا أن ما رأيته عبر شاشة التليفزيون هذه المرة فاق كل ما خبرته وشاهدته في أي مكان في العالم، وبذلك يسجل المبجل العظيم بطريرك مصر الخالد نقطة جديدة يتم كتابتها بالعظام المهشمة المغموسة في الدماء السائلة في سجله الحافل بالإنجازات الطوارئية والسرقات التي تتم في عز الظهر دون أن يطرف له أو لأبنائه أو للحرامية الذين يلحسون حذائه كل يوم رمش.
وكما تقول الأغنية (رمش عينه اللي جرحني رمش عينه رمش عينه اللي دبحني رمش عينه) نجد حسني مبارك نصير الفن والإبداع يطبق كلمات الأغنية بحذافيرها على أرض الواقع، حيث أنه وبرغم اتباعه الظاهري للقانون الذي فصله على مقاس حذائه، يرشح نفسه وفقا لقانون ديموقراطي ولا يفرض نفسه على الشعب المصري بل يعرض نفسه للقبول أو الرفض منهم بين العديد من المرشحين الآخرين الذين من حقهم الترويج لأنفسهم أيضا بين الناس، رغم كل هذه الترهات التي ترددها قناواته التليفزيونية لتزيد من طبقات التلييس على عقولنا والضحك على ذقوننا، يدفع بكلاب شرطته وأفراد الأمن المركزي المجبرين على إشهار هراواتهم في وجوه أخوانهم من أبناء جلدتهم، لفض وتفريق بعض من أبناء الشعب المصري الذي من المفترض أن الفرصة تم منحها له ليقول رأيه بصراحة فقط لأنهم خرجوا ليقولوا لا له كمرشح للرئاسة، وياليتهم استخدموا تلك الأدوات التي استخدموها من قبل معنا أيام المظاهرات الأولى في الجامعة حينما أغلقوا علينا أبواب جامعة القاهرة وأسقطوناا كالفراخ الدايخة بفعل قنابلهم المسيلة للدموع عندما اعترضنا على ذهاب جيشنا لمشاركة أمريكا في حرب تحرير الكويت من العراق، فقد أثبتت حكومتنا الغراء بزعامة البطريق حسني مبارك أن هناك شئ والحمد لله تطورت فيه مصر وحققت تقدما على أقرانها من الدول العربية الموكوسة، ألا وهو تعذيب شعب مصر وسحله في الشوارع وضربه على أم رأسه وأبوها بالهراوات حتى يفقد وعيه ومن ثم حمله كالبهيمة المسفوك دمها وإلقائه في عربات الشرطة التي يتمترس الشعب المصري كله من أجل حمايتها، ففي مصر العظيمة صاحبة الحضارة السبعة آلافية وأول حاضرة في الكون ومن علمت الدنيا كيف تزرع وتأكل من خير الأرض وكيف تكتب وتقرأ وتشيد الصروح، في مصر هذه التي يعرفها الكون كله هناك نظرية إبداعية جديدة استطاع البطريرق وكهنته وابنه الذي في السموات العلا أن يخلقوا مفهوما جديدا للشرطة الا وهو ان الشعب في خدمة الشرطة، لا كما هو معروف في الأماكن البغيضة المعروفة بدول العالم الأول الشرطة في خدمة الشعب.
وأنا جالسة في أجواء التكييف أتمتع بجوار أمي ورفقة إبناي بعيدا عن مصر المحروسة من قبل الحرامية واهل المنصر شاهدنا تفاصيل المظاهرة ورقصة الموت التي يرقصها أفراد الأمن( عذرا فلقد قلبوا مفهوم كلمة الأمن المعروف منذ خلق الله اللغة العربية) على أجساد المصريين الذين تجرأوا وقالوا لا لحسني مبارك وابنه وبطانته الذين أفقرونا على مدار ربع قرن واضطرونا لترك بلادنا والعيش في بلاد الناس نعاني ذل سؤال العمل لتوفير لقمة العيش لأهالينا بعد أن استحالت في بلادنا و نهبوا أموال البسطاء عبر قروض البنوك الهاربة للخارج وتوظيف الأموال الذي سفح مال اليتامى والأرامل والمساكين العائدين من بلاد النفط يرجون العيش بكرامة في ظل ما ذاقوا من أجله الذل وتسميم أراضينا الزراعية وسرطنتها وتحويل أجود الأراضي الزراعية لأراضي بناء وإلقاء النفايات الذرية في صحارينا ومعاونة العدو الصهيوني على التوغل في بلادنا والتحكم في إقتصادنا ببيع المصانع والشركات التي يملكها الشعب لهم ووووووو
ليس لدي القدرة على إعادة سرد المصائب التي أسقطها البطريرك وكهنته على رؤوسنا ويكفي انهم فرضوا علينا حياة الطوارئ عمرا بأكمله بدعوى الحفاظ على أمننا وسلامتنا فإذا بهم لا يستطيعون حتى حماية أنفسهم في البلد التي يستوطنون فيها ويدعون كافة زعماء العالم للإجتماع بها(تفجيرات شرم الشيخ)، كانت مشاهد رقصة الموت التي رقصها كلاب البطريرك على أجساد أهلي من المصريين كافية لإصابتي أنا وأمي وأبني وابنتي اللذين لم يتجاوزا الثامنة من عمرهما بالانهيار والصراخ الهستيري وأخذت أردد بصوت عالي (لا لا لا سيبه يا ابن الكلب سيبه الله يقطع إيدك) كانت مجموعة من حماة مبارك قد تكاثرت على أحد شرفاء بلدي من الشباب تكيل له الركلات واللطمات بينما يسحلونه مجبرين إياه على الحركة ليحملوه حملا بعد ذلك ويلقوه في أحد عربات جهنم الخاصة بهم) ...لم أكن أتخيل أن تلك المشاهد سوف تصيب ابني بهستيريا ليتقافذ بعصبية ويقول ( لا يا ماما لا خليهم يسيبوه ..ليه بيعملوا فيه كدة ؟ لا لا لا ) ثم غرق في البكاء بينما تحسبن أمي وتتوكل على الله.....ظللنا بعد انتهاء نقل الجزيرة لوقائع المظاهرة في حالة صمت نحاول لم ما تبعثر وتمزق داخلنا..الحقيقة لم يعد هناك أجزاء سليمة كثيرة في نفوس جميع المصريين فكلنا ممزقون نعيش أشلاء وأشباح هائمة على وجوهها في شوارع بلادنا الشاحبة التي امتص البطريرك وأبنائه وبطانته رحيقها.
لم نستطع جميعا النوم في هدوء وسلام فحتى إبناي لم يناما وشعرت أن هناك جزء كبير من طفولتهما قد سلب منهما في تلك الليلة لكني لم أشعر تجاههما بالذنب لأنهم على الأقل أحسن حالا من أطفال الشوارع اللذين وصل عددهم في ظل البطريرك العظيم إلى اثنين مليون طفل أو بمعنى أصح اثنين مليون مشروع تفجير وتشرد وسرقة ونهب.....لم أنم طوال الليل لكني لم أحزن على نفسي ولا على عيني اللتان لم تغمضا لحظة واحدة فهناك أكثر من خمسين مصري تم خطفهم من وسط المظاهرة يعانون الآن ذل المهانة والتعذيب داخل أقسام الشرطة وغيرها من مغارات الحكومة المرعبة.
لا أنكر أنني حمدت الله على أنني نفدت بجلدي من بلدنا المحروسة وزاد إصراري على عدم العودة بينما أخطط في تصميم وعزم لإخراج إبناي للأبد من كافة الأراضي التي تسمى عربية وخاصة حدود مصر الغراء التي قضى عليها للأبد البطريرك المعظم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع