الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع اللغة العربية بين السخونة الأيديولوجية والنظرة المعرفية.

رعد خالد تغوج

2014 / 7 / 3
الادب والفن


واقع اللغة العربية بين السخونة الأيديولوجية والنظرة المعرفية.

بقلم: رعد خالد تغوج

ما أن يُقام مؤتمر فرنكفوني حول اللغة الفرنسية مثلاً ، حتى يتبعه آخر أنجلوساكسوني حول الإنجليزية، وهذا ليس محض صراع تراثي بين تقليد فرساي وتراث باكينجهام أو حتى ما قيل عن صراع المدن البرجوازية في العصر الحديث بين نهر السين وبحيرة التايمز، فالعلوم الإنسانية والفيزيقية بطبيعة الحال، تتطور بوتيرة أسرع ألاف المرات مما كانت عليه عصر النهضة أو عصر الملكة فكتوريا أو حتى لويس السادس عشر!

أزمة العلوم الأوروبية تحدث عنها أدموند هوسرل في كتاب سماه " أزمة العلوم الأوروبية والفينومونولجيا الترنستندالية"، والمؤتمرات التي تعقد سنوياً حول "توحيد لغة العلوم" لتصبح المراسلات والمناقشات – بالمعنى الأبستيمولوجي وليس البيداغوجي للكلمة- بين العلماء أسهل بما يتوأم مع الإنفجار الكوبرنيكي الذي تشهده علوم مثل اللسانيات أو الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا على مدار اللحظة، بالإضافة إلى سرعة إنتقال بعض المصطلحات من حقل معرفي معين كالفيزياء مثلاً إلى حقل أخر كالأنثروبولوجيا، مثل إنتقال مفهوم النسبية الأينشتاينية إلى حقل الأنثروبولجيا على يد كليفورد غيرتز الذي تحدث عن "النسبية الثقافية" ، أو إنتقال مفهوم اللاشعور من السايكولوجيا إلى الأبستمولوجيا على يد جان بياجيه.

****
دار " غاليمار" للنشر والتوزيع في فرنسا ، ومكتبة "بريل" في بريطانيا، وجامعة لايدن في هولاندا، ومعهد اللغة العربية في جامعة واشنطون( من أبرز عرابيها المستشرقة سوزان ستاتيكيفيتش)، والموسوعة الإسلامية المختصة التي صدرت عن جامعة لايدن، بالإضافة إلى الموسوعة الفرنسية التي ظهر أول عدد منها قبل الثورة الفرنسية، وكتب الفيلسوف دينس دايدرو مقدمتها وبيانها الإفتتاحي، ودائرة المعارف البريطانيا ( بريتانيكا) ، وأخيراً دائرة المعارف الأميركية ( أميركيانا)، هذا الجهد البشري الهائل وتلك المؤلفات التي أرخت الأيام والساعات والسنين بدقة علمية ، وشارك فيها علماء الإقتصاد والفلسفة والفكر والأنثروبولجيا، على مدى قرنين من الزمان، جميع تلك الجهود ، تُعد من " اللامفكر فيه بعد" و "المسكوت عنه " داخل الثقافة والبيئة العربية المعاصرة.

وعند الحديث عن تلك المؤتمرات والمناقشات العلمية التي تجري بعيداً عن المتوسط وقريبة جداً من الآيجه والأطلسي، وربما هامشية في الهندي والجزر الأندونيسية أو حتى أستراليا، نستذكر على الفور ، اللغة العربية – وذلك قبل الحديث عن المعرفة وأليات أنتاج المعرفة – حسب تعبير ميشيل فوكو – في الثقافة العربية المعاصرة، فأين هو واقع اللغة العربية ومنهجية تعريب العلوم الغربية التي أنطلقت – كما في صاروخ تشارتشر تماماً- إلى فضاء معرفي واسع وصبت في ميادين شتى بدءً من الإنسان وليس إنتهاء بدراسة الحشرات والفضاء والتقانة الحديثة ، وهنا نستذكر أيضاً أن أصغر قاموس مدرسي في أوروبا مثلاً ، عن الحشرات والفراشات وتلك الحيوانات التي سماها أليوت بالمملكة الصامتة ، لا تلاقي رديفاً أو مقابلاً عربياً لها مثل فراشة المونارش أو طير الفازانت أو حتى أفعى الكوبرا، فضلاً عن أن الكثير من المصطلحات الفلكية – والتي تم تبيئتها بنحو قهري في الثقافة العربية- لا تجد مطابقها في العربية ، ومع هذا – وبنوع من الإيديولوجيا القسرية – يتم تداولها إعلامياً بنوع من حمل كاذب!

اللغة العربية تحتوي على 28 حرف ، وهنالك – صرفياً – جذر ثلاثي و رباعي وخماسي للكلمة في اللغة العربية على المستوى المروفولجي والفونولوجي ، وهذا يعني أن القاموس العربي بإستطاعته توليد ما يزيد عن إثنا عشر مليون كلمة على أقل تقدير، وذلك طبقاً للمعادلات التالية :

الجذر الثنائي : 28 x 27

الجذر الثلاثي : 28 x 27 x 26

الجذر الرباعي : 28 x 27 x26 x25

الجذر الخماسي : 28 x 27 x 26 x 25 x 24

ومجموع هذه المعادلة هو 12,305,412) ) كلمة مولدة من الحروف الثمانية والعشرين التي هي حروف اللغة العربية، والمفاجأة التي هي من طبيعة مدهشة – كصندوق علي بابا- ليست هنا، بل بالرجوع إلى قاموس مثل معجم العين ، للخليل بن أحمد الفراهيدي ، والذي أستعمل فيه الفراهيدي نظام القلب ، نجد أن عدد كلمات هذا القاموس لا يتجاوز عشرة ألاف كلمة، أي بأصغر ثلاث مرات على أقل تقدير من قاموس كامبرديج للمصطلحات القانونية والدستورية والحقوقية الذي أشرف عليه كبار أساتذة كامبريدج، وهو أقل من حجم قاموس أكسفورد لتعابير العامية الذي أشرف عليه البرفسور جوديث سفيرنج!!

نحن أمام إشكالية تخص "المهمل" من اللغة أكثر منها تخصيصاً بالمستعمل، وهنا لابد من تجاوز المشكل العضال الذي تقام من أجله المؤتمرات العربية – وبنفس السخونة الأيديولوجيا- منذ أكثر من مئة عام حين أنشأ الملك فؤاد الأول مجمع اللغة العربي في القاهرة، والمتعلق بالحديث عن الثنائية القاتلة فصحى – عامي، ولتجاوز هذه الإشكالية المغلقة التي تشبه الجلوس على كرسي كهربائي، يجب قلب الآية والحديث لا عن العصا التي تحولت إلى أفعى ، بل عن وجود العصا نفسها التي تعد – من منطلق علم المنطق أو اللوجيكا – فرضية ومقدمة أولى ، لكنها واهية وغير مطابقة ، لهذا لابد من التحدث عن أسباب نشوء الفصحى في الجاهلية ، وتحول المسار اللغوي إلى لغة قريش، التي قال عنها الجاحظ أنها أخذت أحسن ما في لهجات العرب، ومن ثم يجب البحث عن الطريقة التي نربط من خلالها الإبداع بصياغة مفاهيم جديدة وإحياء الميت والمهمل من القواميس التي حشرت نفسها – وحشرتنا – في جيتو السماعي دون القياسي على حد تعبير أبن جني!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب