الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيري عرّاب المالكي

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2014 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


كان صدام حسين واثقا ان الولايات المتحدة لن تقدم على اسقاط نظامه العلماني ، ولم يكن الرجل رغم كل عيوبه وجرائمه ، ساذجا في تفكيره من هذه الناحية ، لأن خطوة كهذه تعني تسليم الدولة العراقية ومقدراتها الى جارتها ايران ونظامها الذي عدّه الامريكان من اعدائها ضمن محور الدول الشريرة . وتعني ايضا اقامة نظام مذهبي شيعي في بغداد ، عجز عن الاتيان به اسماعيل الصفوي وورثته منذ خمسة قرون ، وبذلت الطائفة السنية ، من الترك والكرد والعرب ، الكثير من الدماء وخاضت حروبا شرسة لمقارعة نظام كهذا ومنعه من التسلط على بغداد عاصمة الرشيد .
لكن الولايات المتحدة فعلت فعلتها ، واسقطت بغداد واقامت حكومة شيعية، حاولت ان تغيّر من بعض رتوشها باشراك الكرد والسنة العرب فيها . ولم تفلح امريكا في اقامة عراق ديمقراطي كما وعدت في بداية شروعها باحتلال العراق . فظلّت حكومة بغداد مذهبية شيعية لصيقة بمراجعها الدينية ، ويوما بعد يوم شعر السنة العرب بالظلم والانتقام والتهميش والاقصاء ، وفاقت الاحزاب الشيعية حكم البعث في التمييز الطائفي ، فبينما كان صدام يقتل معارضوه من الشيعة ، قتلت الميليشيات الشيعية افراد وزعماء السنة على الهوية . وشعر الكرد - متأخرين عن غيرهم - ان الاحزاب الدينية الشيعية كانت حلفاء مصلحة ، وانها تدعم الحقوق الكردية نكاية بحكومات السنة وليس عن قناعة ، بل بدا واضحا ان احزاب الشيعة الحالية تستخدم نفس اساليب حكم البعث تجاه الكرد ، مع فارق ان قدراتها العسكرية اقل بكثير من قدرات البعث . والآّ فأن التهديد بسحق رؤوس الكرد ، تهديد قائم متجدد ، يطلقه اليوم نواب من قائمة نوري المالكي . ويبدو لي حتى عمّا قيل عن فتوى المرحوم محسن الحكيم بحرمان قتال الكرد ، والتي لا نملك دليلا مقنعا حولها ، كانت غايتها اضعاف الحكم السني وليس التعاطف مع حقوق الكرد .
لقد جرى كل ذلك بدعم امريكي لحكومة المالكي الطائفية ، وفي ظل هذا الدعم واللامبالاة الامريكية في عهد ادارة اوباما ووزير خارجيته جون كيري ، تحوّل المالكي الى طاغوت مستبد ، اغراه وعود التسلح الامريكي للتنكيل بشركائه من السنة والكرد . وتجاهلت امريكا كل مساوئ الحكم الشيعي في العراق ، وغضّت الطرف عن ابتلاع الدولة العراقية واضمحلالها حرصا منها على انجاح المفاوضات النووية مع النظام الايراني وعدم استفزازه .
لقد شاهد العالم زوال الدولة العراقية وتبخر جيوشها في مواجهة انتفاضة سنية تسلل اليها بعض الارهابيين ، وشعرت امريكا باخطائها وما اثمر عنها سياستها الفاشلة ، واعترف اوباما ان امريكا لا تملك قوة نار لابقاء العراق موحدا في ظل انقسام اوجده الحكم الشيعي . ورغم كل ذلك - واعتراف بعض المسؤولين الامريكيين - باستحالة جمع المكونات العراقية في ظل دولة واحدة موحدة ، بعد ان فسدت العملية السياسية وبلغ البغض والكراهية حدودها القصوى ، لا يزال جون كيري حريصا على عدم اغضاب ايران ، ويعوّل على تقديم بغداد والعراق اليها كرشوة بأمل تليين موقفها في مفاوضاتها مع الغرب . ان كيري يبدو عراّبا للمالكي في دعوته لعراق جديد وموحد وحكومة شيعية اخرى بعد زوالهما في لمحة بصر . انه يدعو القيادات الكردية للعب دور رئيسي في حفظ الامن في العراق والمشاركة في حكومته المقبلة . ويعني بذلك زّج البيشمركة في قتال طائفي ضد السنة بحجة محاربة الارهاب واعادة الحكم الشيعي المركزي والديكتاتوري . وبمعنى ان يتحوّل الكرد الى تلك القوة النارية التي تحدث عنها اوباما ، والتي تضحي لحفظ وحدة العراق . اما الحقوق الكردية وحلم الكرد بدولتهم واعادة المناطق المسلوبة فأنها لا تعني جون كيري وحكومته وادارة اوباما الذي قيل عنه (انه اسوء رئيس لامريكا منذ قرن ). ما يدعو اليه كيري لا يختلف عن دعوات المالكي بتأجيل القضايا المصيرية للكرد والسنة لحين بسط السلطة الشيعية سيطرتها من جديد والدخول في الحوار بصفة المنتصر وتكرار مقولة السئ الصيت ( طارق عزيز ) – بامكان الكرد البكاء على كركوك .
نقولها لكيري ان الكرد لدغوا من جحر واحد لعدة مرات ، ولم يشعروا يوما بصداقة امريكا ان لم نقل شيئا اخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر