الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشق دهشة الطين

سعد محمد موسى

2014 / 7 / 3
الادب والفن


عاشق دهشة الطين

في عام 2009
التقيت بالشاعر عبد جبر شنان في مدينة الناصرية وقد دون إنطباعاته حول لوحاتي وتجربتي الفنية .. ولانه كان يعيش عزلته وحياته البسيطة ولم يكن متعاطياً للكومبيوتر وبعيداً عن عوالم الانترنيت
فقد كتب بخط يده هذا النص الفني فوق ورقة وقد منحني الحرية بالتصرف في نشر هذا النص .
وكان بعنوان

الفنان سعد الموسوي عاشق دهشة الطين

"إن الممتازين في الفلسفة أو الشعر أو الفن كلهم من ذوي المزاج المكتئب أو الجنون الساكن"
-أرسطو-

يعتمد الفنان سعد في سرد رؤاه الطفولية على ومضات بصرية، تكتب صمته البليغ وانحناءات صخب فراغها الواعي بلغة تشكيلية مبتكرة.
لقد اكتشف سعد مبكرا وعورة اللون، وظل يرصد اللامتناهي من والمبهم فيه، وأطال التحديق بمصائر موجودات تاريخه الشخصاني، وتراث بلده العتيق ... لذلك لم يوهم نفسه كثيرا بالمعنى، ولم يعول عليه فبدا نصه البصري لا يعنيه الأسلوب بقدر ماتثيره الأسئلة.
إنه فنان لا يعرف السكينة، يتأمل جدوى الهدم الذي تنحاز إليه مرئياته، ويشعرك انه يتوغل فيما وراء الرسم، ويخترق عتمات الأزمنة، ويؤرخ لأيام إضافية مخترعة من عندياته، فيعتمد انتقائية القلق، وغياب التسميات المبهرة، واستغرابه الركون إلى المصطلح.
لقد استطاع سعد الموسوي بفرادة شخصية أن يحول اليومي إلى تجريد، إلى لمسة وكثافة لا تحتاجان إلى استبطان .. انه يطمح لتدوين مستحيلات أسلافه وألغازهم وطلاسمهم العصية على الإمساك .. جسدها على سطح اللوحة كسراب أو حريق جسد مبهور بالاختفاء والظهور، وبحفر في كيان عالم مثقل بالغربة، وقاصر عن الوصول لذاكرة جسده. لوحته ساكنة تحت إبهام متعمد، لكنها ضاجة بالصمت.
بقصدية واعية تبدو كائنات لوحاته تتحرك بغرائبية مبتكرة، إنه يكسي فضاء لوحته بإضاءات شكلية تجعل صمت لونه مسموعاً، بل أشد سطوعاً من ضوء فراغه الذي يكتسح فسحة وجوده.
اللوحة لديه تبدأ من النهاية، وتتمحور حول جوهر قصي، يرتد دائماً إلى البدايات الأولى، وكذلك يوغل بالامتداد الرافديني الفاجع الذي يقترب من يقظة غارقة في الماضوية المبصرة. تكويناته المستفزة تحتمل أكثر من تأويل، والمشهد التشكيلي لديه غير محدد بإطار اللوحة وغير مختصر بماهية مهيمنة كون لوحته تتمرد على إطارها لتصطدم بالمتلقي وتسحبه عنوة لخول فضاءاتها البنائية ورموزاتها المتآخية والمتضادة معاً.يشعرك هذا الفنان بأن ألوانه عطشى، ولوحاته تقف بوجهك مستفزة ومستفهمة. لوحاته تقترب كثيراً من الإمساك بالحبل السري للدهشة و لا تجازف بكشفه في سماءاتها. الفنان سعد الموسوي يصغي بصمت مبدع إلى الأسئلة لأنه سليل راقصي معبد أور، ووريث وداعتهم، وقد نثر بهاء انحناءات الجسد في أقاصي لوحاته، وتركها تتماوج في فورة مثقلة بالحنين وتتدلى مثل عناقيد أو حتوف.
في لوحاته يتابع بجدية ذاكرة الجسد وأسراره ونزواته، إنه يسعى ليثير الحس الجمالي للجسد، وإيماءاته وكيف تنقلب رشاقة رقصه إلى هوس وانفلاتات جسدية ليؤكد ما قاله روجيه غارودي من أن الرقص هو جُماع الفنون كلها.
الفنان سعد صائغ لوحات جوال، وحكاياته بأسرها الطين وبذخه. إنه يتذمر من الوضوح، ويكره التفسير، وينبذ التكرار، ولا يغض الطرف غن الترهات .. إنه لا يرتكز على تقنيات محددة ومتشابهة، ولذلك نرى انه في أكثر من لوحة يفترض محذوفات يتعين على المشاهد أن يستكملها، لكن ليس بالضرورة أن يملأ فراغاتها كمتلق بوعي تقليدي.
لوحته تتوخى الصدمة دائماً .. الصدمة التي تخلخل قناعات المشاهد، وأفق وعيه، ومرتكزات فهمه السكوني ... لوحته تطمح لإرساء معاييرها الخاصة التي تتناسب مع إيقاع وسائلها البصرية. سياق اللوحة لديه يحتمل الاستفاضة والتنقل والتجاوز مع نصوصه النفسية الصامتة التي لم يقلها بعد.
الحياة تبهر الفنان، وفراغ اللوحة يستفزه بوصفه تهذيباً للصمت. إنه يستمد لوحته من تفتيت مشاهداته غير المتكئة على المباشرة، لذلك تبدو أليفة توهم المشاهد العادي بالوضوح، لكن قاريء نصه البصري المتمعن يتهيب الخول إلى عالمه، ويخشى لحظة الاصطدام به.
لوحته تفترض نواة فضاءات، وتحتمل زوايا ووجهات نظر ... لوحته تكتظ لأمكنة وسرد يصل حد انه يتحجدث عن زمن قادم، ويشعرك بأنه يرتطم أكثر الأحيان بجدار اسمه الرعب، وقد يكون أقسى ما يعكسه رعب الحرية، لذا فإن لوحاته لا تعرف حدوداً آمنة، ولا تثأر من أحد، لكنها تتمسك بفرادتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال


.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا




.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د