الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش والفوات التاريخي

مناف الحمد

2014 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تغيير الخارطة الشعورية الذي أحدثه اندفاع داعش في العراق في الوجدان الجمعي لأبناء المنطقة الشرقية في سوريا قد يصلح عاملاً مفسراً لحالة الاسترخاء التي مكّنت داعش من التمدد على مساحات كبيرة تشمل كل الريف الشرقي لدير الزور على ضفتي نهر الفرات وصولاً إلى حدود العراق .
فداعش التي كانت أشباح أفرادها تتراءى للناس كأنها الجن لما ترتكبه من فظائع أصبحت بين ليلة وضحاها ظاهرة تحقق درجة من الرضا لدى عموم الناس هناك ؛ فهي هزمت جيش المالكي وهي تربك النظام الإيراني وهي تنتصر للسنة المظلومين في العراق وتتحالف معهم ضد "الروافض" وتجتاح مع حلفائها السنة بسرعة منقطعة النظير المدينة تلو المدينة.
السنوات الثلاث التي ذاق فيها السوريون مختلف صنوف العذاب والحرمان يفسر أيضاً هذا السقوط ؛ فالإيمان بالفعل الثوري قد بدأ بالتلاشي والأمل الذي وضع بمؤسسات المعارضة إبان تشكلها تحول إلى يأس ونقمة عليها عند الغالبية مما جعل القبول بأي بديل يضبط الفوضى ويثبّت ولو نسبياً حالة السيلان التي تنعدم فيها إمكانية التنبؤ بأي مستقبل قريب فضلاً عن البعيد أمراً مطروحاً.
أما إعلان الخلافة فقد يكون ليس ذا أهمية كبيرة أمام ضغط الحاجة إلى قدر من الاستقرار والأمان والانتشال من بئر العذاب والمعاناة وهو ليس أولوية أمامها كما إنه لا يثير الاستياء.
وجود عزت الدوري في صفوف الجبهة التي تحارب المالكي وما يحمله ظهوره المفاجئ ليس بالشأن اليسير لما يمثله نائب صدام حسين من مكانة في قلوب الناس في عموم تلك المنطقة وما يشغله أي طيف صدامي من مساحة في وجدان العموم.
فالمنقذ في المخيال الجمعي للعرب عموماً ولأبناء تلك المنطقة خصوصاً مكوّن أساسي من هذا المخيال ، وقد صار أكثر حضوراً فيه في هذه اللحظة التاريخية العصيبة وأيّ منقذ أكثر حضوراً في قلوبهم وعقولهم من نائب صدام حسين الفارس البطل الذي تحدى الأمريكان والشيعة ولم يهتز له جفن حتى أثناء تفيذ حكم الإعدام.
إن ما سبق من محاولة للتفسير يجب أن يلحظ في ثناياه المسؤولية التاريخية التي تتحملها مؤسسات المعارضة بدون استثناء والمجتمع الدولي بخذلانهم للشعب السوري والتسبب في حالة النكوص الحضاري إلى ما قبل مئات السنين ؛ فأي كارثة أكبر من أن نبدأ عصر نهضتنا ب "علي عبد الرازق " وكتابه "الإسلام وأصول الحكم "وننتهي بالنسخة الأكثر تطرفاً وظلامية من البن لادنية وأي تراجع أكبر من أن يستبشر الناس بطيف صدامي تأملنا أنه قدأصبح خارج التاريخ هو ومنظومته الاستبدادية ، ومنّينا أنفسنا مع بدء ثورات الربيع العربي أن البديل الديمقراطي سيكنس كل أشباح المستبدين من عقول الناس وقلوبهم.
لا يقع اللوم على الباحث عن نقاط ارتكاز وسط الحالة السائلة لكي يستطيع تثبيت قدميه ولا يدفع نحو المجهول ، ولكنّ اللوم كله يقع على النخب وهي مسؤولة اليوم أكثر من أي وقت مضى على التصدي لحالة الفوات التاريخي التي لم يسبق لها مثيل حتى في عصور الانحطاط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة