الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا خازر (من أوراق نازحة)

فيحاء السامرائي

2014 / 7 / 4
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


علينا تحمّل حر فاجع فاجر، فنحن، كما تقول أمي، في حال أفضل من غيرنا، لسنا عالقين على حدود مدن ترفضنا ولا مفترشين العراء، أو ليس كما الذين قضوا بقصف هاونات أو بطرق أخرى للموت وما أكثرها اليوم..نحن نسكن في مخيم ونمارس خصوصياتنا داخل كيس بلاستيكي يسمى خيمة، فيها نتدرب على تمرينات أولية تنفع في تحمل نار الجحيم الموعود، حر يضطر جراءه المهدي الى تأجيل ظهوره كما يذكر أخي، أستغفر الخالق له ولنا..عويل وصراخ أطفال لا ندري هل من جوع أو حر لا يكفّ عن إزعاجنا، يسحب أحدهم طفله مسرعاً، يضعه تحت صنبور مياه يفتحه عليه، يصيح به ناس تتجمع لائمين عليه قسوته، حرام عليك، لأن الماء ساخن لايصلح للشرب فما بالك للسبح أو للتخلص من الحر، تلكزني أمي:
- غشعتو؟ نحن أفضل من غيرنا، ليس عندنا أطفال..أطفال لايستحمون ورائحتهم لاتطاق.
يعلّق أبي:
- من كثرة الحمامات ومواد النظافة، لو كنا ذهبنا شمالا لكنا الآن أما في مخيم دوميز أو بردرش، تكون عندنا دورات مياه مال أوادم ومبردات
تسكته:
- هونيك للنازحين السوريين، "خازر" للعراقيين، أحمدوا ربكم نحن نازحين ببلدنا
- ما بعد ذلك نعمة، بلد مقابر والآن مخيمات
يركض أحداث وشباب نحو قادمين أجانب يصورون المخيم، يقف هؤلاء في ظل خيمة، ينزعون قبعاتهم، يجففون عرقهم يتحدثون مع سكان المخيم بصعوبة، يحمل أحدهم طفلاً يحك جلده، يصرخ الصغير بين يديه ربما فزعاً من لون أحمر قان لجلد الأجنبي المتقد حرارة، يبدو هذا الغريب متعاطفاً مع الأطفال، ينصح الأباء على لسان مترجم معه:
- لاتدعوا أطفالكم، يتفرجون على أفلام رعب وعنف، ليكن عراق المستقبل أفضل.
يدفع المترجم الطفل الى أبيه، يقرأ ما بعين الوالد:
- أفلام أبوك شنو، واقعنا أفضل مدرسة رعب.
يريد الأب أن يخبر الضيف كيف شهد صغيره بأم عينيه مصرع أخوته وأمه، يؤشر له المترجم بيده، يفهمها بأن لا جدوى من الحديث.
تحدث ضجة ولغط في جانب آخر من المخيم، يترك الأولاد الضيوف الأجانب ويجرون نحو سيارة تفرغ مواداً غذائية وإعانات:
- طابور، طابور فرمو..تحضروا شوية، ناته واو، ناشارستانى
تلوم أمي جدتي لأنها تخطئ أمام كاميرات التصوير حينما توجه شكرها الى السيد القائد على مكرمته:
- بقى قائد يمّة !! وين كِن عايشة أنت؟
يحمل النازحون ما يحصلون عليه الى خيامهم، يزداد بكاء أطفال مع ازدياد شدة الحر، لايُسمح لنا بالخروج من المخيم، تبكي جدتي حينما تتذكر أيام مضت، يصلي أبي متكتفاً وحينما ينتهي، يعطي السجادة الى جار قربه يصلي مسبلاً يديه، تصفّ أمي في ركن الخيمة ما أخذناه من مواد غذائية مبتسمة، تسرح قليلاً، ثم تسقط من عينيها دمعتان، تمسحهما قائلة:
- عندنا مواد غذائية، لن نموت من الجوع، نحن أفضل من غيرنا
تأتينا أخبار عن نازحين جدد لا يسمح لهم بدخول خازر، لا أدري كيف تسع الـ 500 خيمة ناس آخرين.
تنظر أمي نحونا بانتصار:
- غشعتو؟
يحرك أخي رأسه ساخراً..أحلم أنا ببيتنا، بغرفتي، بثلاجة فيها ماء بارد، بحديقة ورائحة زهور وعشب، أخبر أمي عن أمنيتي وحلمي في الرجوع، تخبرني أن لا رجعة حتى ينصلح الأمر، وأنها تخشى عليّ من جهاد نكاح أو اختطاف، أسالها متى نرجع إذاً؟ تصمت.
نتجمع في المساءات، يتحدث الكبار عما فقدوه من مال وسكن وعزيز:
- كيف مات؟ قصف لو ذبح؟
- لا، اختطاف وقتل
يحتدم حديث حول المصير ومجهول الآت..يرتفع صراخ جارتنا المسيحية وتشتد عليها آلام الطلق، تهرع أمي وبعض من نساء المخيم نحو خيمتها، نسمع بكاء طفلٌ وليد، يبتسم النازحون لولادة أول نازح صغير، تعترض والدته على اسم يطلقه والده عليه، تقول لها أمي:
- أفضل من أسماء أخرى تأتي بأجل حاملها.
تداعب الوليد وتناغيه:
- أشّونك يا حلو يا خازر، عسى من تكبر،ما تشوف مجازر.
مامن أمر عجيب أبداً في بلد ينتج "خازر".











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فيحاء السامرائى
وليد ( 2014 / 7 / 4 - 18:52 )
تحية عطرة
فى الواقع تربطنى علاقة حميمة جدا مع اهل السامراء الكرام، مع العديد منهم منذ سنوات طويلة خلت عرفتهم عن قرب لطيبتهم
المقالة تعبر عن ماساة شعب مشرد على ارضه، المحتل من جهة والطامع الذى يحاول ايجاد محتل بالانابة من اهل البلد من جهة واعداء الامس الطامعون المحتلون للعراق لسنوات طويلة جدا اهل عثمان من جهة اخرى، عن اى وطن نبحث، من يجد خيمة تاويه اراها رحمة عليه وانه سكن جيد ان لم تحرق بقذائف مجهولة... قلبى معكم للماساة ..مقربين لى رحلوا بعد ان استولى عليه القادمون من خارج الحدود وحرقوا الاخضر مع اليابس
مشردون فى وطنهم، ثرواته تاكلها النخبة الحاكمة امثال الشهرستانى الذى لايجيد الكلام بالعربية، وزير عراقى يتلعثم بلغة العرب.. اى دولة هذه تحكمها شلة من لا صلة لهم بالوطن... هناك المزيد
تحية


2 - ظهور المهدي
علي البابلي ( 2014 / 7 / 5 - 16:50 )
استمرارالفواجع هذه وغيرها الكثير دليل عدم وجود رب يتدخل وينهي المآسي والآلام ...اما المهدي فيظهر آخر الزمان بعد ان ينتهي ويحترق آخر انسان ولذلك فهو لايهدي أحدا لعدم بقاء أحد من الناس عند ظهوره المكذوب المنتظر مما يعني انه خرافة ضحك بها محمد على بدو جزيرة العرب .
تحية للأخت الكاتبة وقلوبنا معك جميع إخواننا أحبتنا العراقيين في الموصل وغيرها من المدن المنكوبة بفعل الاحتلال وحكومته العميلة الطائفية .

اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24